الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الريع البترولي- إحدى العقبات في فشل -اللامركزية- في الجزائر

علجية عيش
(aldjia aiche)

2017 / 1 / 7
الادارة و الاقتصاد


358 بلدية فقيرة جدا و تحتاج إلى دعم الدولة

"الريع البترولي" إحدى العقبات في فشل "اللامركزية" في الجزائر


يعتبر خبراء اقتصاديين أن الريع البترولي وراء فشل اللامركزية في الجزائر ، بحيث ما تزال 358 بلدية فقيرة جدا و تحتاج إلى دعم الدولة، و يتساءل الخبراء على أي أسس تم التقسيم الإداري؟ و ما هي نتائج الإصلاحات التي أجرتها الجزائر على قوانينها الخاصة بالبلدية و الولاية، و اقترح الخبراء وضع قانون أساسي خاص باللامركزية ،و التفكير كذلك في إنشاء "نخبة محلية" للتمييز بين الوظيفة المحلية و الوظيفة العمومية، و إعادة النظر في نظامي الجباية و الوصاية أي الرقابة على البلديات و الولاية و إيجاد نقطة توازن بين الهيئة المركزية و الهيئة اللامركزية التمثيلية في الأطر الديمقراطية

ربما وضع قانون لامركزي أصبح أكثر من ضروري ، لأن قانوني البلدية والولاية ليسا بقانونين لا مركزيين، لأنهما لا يحددان الاختصاص بين الدولة و الجماعات المحلية و لا يضبطان أساس التقييم الإداري، حسب الخبراء، ما يزال مفهوم " الوصاية" tutelle كوسيلة من وسائل "الرقابة" يثير غموضا بل يطرح مشكلا كبيرا ، حسب الخبراء و المحللون ، لأنها لم تفهم جيدا على حقيقتها سواء من طرف المنتخبين أو من طرف سلطات الوصاية، حيث أنهم لا يميزون بين الوصاية و السلطة الرئاسية، و يعتبرون الوالي هو السلطة الرئاسية أي هو الرئيس الإداري لرئيس البلدية ، في حين الوالي ما هو إلا عن وصي في النص القانوني، الذي جدد مهمة الوالي ، فدور هذا الأخير أي الوالي يقف عند حدود الموافقة أو الاعتراض عن "المداولة " إن تأكد من صحتها أو عدم سلامتها، ما يراد قوله هو أن الجزائر ما تزال متأثرة بالقضاء الفرنسي الذي يرى رجاله القانونيين ومنهم ( لويس جاروم شابويسات) أن الشؤون المحلية لا تتعلق بالمصلحة العامة ، لأنها لا تصلح كمعيار لتحديد الشؤون المحلية ، و لذا فهي تبقى مسألة ذاتية تتعلق بمدى نية المشرع ( الدولة) في التنازل عن هذا الجزء أو ذاك من الوظائف للأجهزة المحلية، و لهذا يرى الدكتور وليد العقود أن وضع قانون لامركزي أصبح أكثر من ضروري ، لأن قانوني البلدية والولاية ليسا بقانونين لا مركزيين، لأنهما لا يحددان الاختصاص بين الدولة و الجماعات المحلية و لا يضبطان أساس التقييم الإداري، كما يرى الدكتور وليد العقون إدراج ما يمكن تسميته بـ: الأهلية اللامركزية و أن تكون هذه الأخيرة بديلا عن الوصاية،لاسيما و نظام الأهل لقي نجاحا كبيرا في الدول النامية التي اعتمدت هذا النظام و طبقته.

فاللامركزية l’éligibilité تحظى اليوم باهتمام و دعم المؤسسات الدولية لاسيما في الجانب المالي منها، بحيث ركزت هيئة الأمم المتحدة في برامجها حول التنمية البشرية على ضرورة انتهاج سياسة اللامركزية التي تؤدي إلى تحقيق العدالة و مشاركة المواطنين في تسيير الشأن المحلي، و كذلك المجموعة الأوروبية التي دعت إلى تأسيس التعاون اللامركزي la coopération décentralisée الذي يقضي تعزيز استقلالية الجماعات الإقليمية ( البلدية و الولاية) لإقامة علاقات مع مجموعة إقليمية أخرى دون تدخل الدولة، كما ضم صندوق النقد الدولي في إصلاحه الهيكلي اللامركزية كعامل أساسي في تسوية المشاكل المحلية و بخاصة العمرانية منها، أما البنك الدولي في أطروحته حول ما يسمى اليوم " الحكم الراشد" شجع سياسة اللامركزية، مما جعلها تحتل مكانة لائقة بها في الدول الأوروبية المتقدمة، و مشروع اللامركزية في الجزائر من الناحية السياسية يعتبر قيمة ديمقراطية تتمثل في مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية، وفق ما جاء به الدستور الجزائري الذي عرف اللامركزية بأنها وسيلة من وسائل مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية، سواء من الناجية الاقتصادية من أجل إحداث التنمية، أو من الناحية الإدارية و التقنية التي تتضمن نقل الصلاحيات من السلطة المركزية إلى المجموعة الإقليمية، لتخفيف الأعباء على الأولى في تسيير الشأن المحلي و تقريب الإدارة من المواطن و ما إلى ذلك.
و الجزائر كباقي الدول تأثرت بالمفهوم الفرنسي لـ: اللامركزية ، حيث عرف هذا المصطلح على أنه اعتراف من المشرع لجماعات إقليمية منتخبة بحق تسيير شؤونها تحت رقابة الدولة و هو تعريف تقني أكثر منه سياسي، كان ذلك بخمس سنوات بعد الاستقلال ( 1967 ) مع صدور أول قانون بلدي الذي جاء كبديل عن ميثاق البلدية الذي طرح ولأول مرة فكرة التسيير اللامركزي، حيث و مع بداية الثمانينيات أعطيت كل الصلاحيات إلى البلديات في إطار المرسوم الصادر في ديسمبر 1981 الذي نقل للبلديات صلاحيات جد هامة في مختلف القطاعات ( الصحة، التربية، السكن، العمل و التكوين، النقل..) و حتى في الجانب السياسي، جعلت من إدارة البلدية إدارة موازية للإدارة المركزية، فكانت هناك علاقة مترابطة بين البلدية و المواطن، فكانت تجربة الجزائر في تبني هذا النظام رائدة على مستوى بلدان المغرب العربي، كما كانت مبدأ دستوريا لا يمكن خرقه من أجل تعزيز الديمقراطية، غير أن هذا المبدأ لم يحترم لعدة اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى، و طغيان المصلحة السياسية أكثر من المصلحة العمومية كرهان سياسي من قبل الفاعلين السياسيين، على اعتبار أن الشخص القانون المعنوي الوحيد الذي يتمتع بـ: " السِّيَادَة" هو "الدولة" و بالتالي فالجماعات الإقليمية في الجزائر لا تخرج عن إطار الدولة، و لقي هذا الطرح نجاحا لغياب نصوص قانونية تحدد مفهوم اللامركزية، (حدودها و معاييرها الدقيقة في توزيع الاختصاصات أو المهام)، أمام تعدد المفاهيم و فصلها بين السياسي و الإداري في اتخاذ القرار، ماعدا المفهوم الإسباني الذي بني نظامه اللامركزي على أساس الجنسيات.
و يرى خبراء أن الفرق بين المركزية و اللامركزية يكمن في أن المركزية يعني البدء بالدولة و منحها كل الوظائف التي تستطيع القيام بها ، أما اللامركزية تعني البدء بالبلدية و منحها كل ما تستطيع القيام به ، ثم تأتي هيأة الوساطة التي هي الولاية، و ربما هذا هو السبب الذي جعل النظام اللامركزي يعرف نوعا من الفشل في الجزائر لأنه يفقد الجهات العليا الكثير من الامتيازات، الأمر الذي تطلب إجراء تعديلات على القوانين السائرة منذ الإصلاحات السياسية التي جاءت مع التعددية السياسية و التحولات الديمقراطية التي أدخلت تعديلا جذريا على نظام الحكم، و يعتبر الخبراء أن " الإقليم " إحدى العقبات الموضوعية التي تعرقل مسار تطبيق اللامركزية، لاسيما في الجزائر التي تحتوي على أقاليم لها خصوصياتها مما يستدعي تدخل الدولة "مركزيا" في النواحي الأمنية و الاقتصادية مثلا ( مكافحة الإرهاب، تهريب الأسلحة، تبييض الأموال، الهجرة غير الشرعية).
جل الدراسات كشفت أنه في الجزائر كمثال لا يمكن بناء نظام لامركزي في بلد يعيش التخلف، وإن كانت الجزائر لا تتوفر إلا على أربع بلديات لها موارد خاصة بها و هي ( الدار البيضاء، برج عمر إدريس، حاسي مسعود و بلدية عين أم الناس) من ضمن 1541 بلدية على مستوى 48 ولاية، أما باقي البلديات فهي غير قادرة على تسيير شؤون مواطنيها، كونها تعيش عجزا ماليا على مدار السنة، و تم في ظل هذا العجز أو التخلف تصنيف البلديات إلى بلديات قابلة للتنمية ( 302 بلدية) و أخرى غير قابلة للتنمية ( 877 بلدية) و بلديات فقيرة جدا ( 358 بلدية) و هذه الأخيرة تحتاج إلى دعم قوي و تدخل من طرف الدولة المركزية، و قد ساهم ضعف التأطير و نقص الكوادر الإدارية و سوء توزيع إطارات الدولة و عدم تحفيزهم كذلك في جعل هذه البلديات في المؤخرة، و حسب المحللين فإن الريع البترولي وراء فشل اللامركزية في الجزائر، كما أن هذا الريع استفادت منه فئة دون فئة أخرى، و كان سببا في الإهمال و التسيب و نتج عنه ما عاشته الجزائر خلال العشرية الماضية، هو ما أوصل البلاد إلى حالة الفوضى، و هذا الريع لابد أن يخضع إلى منطق المركزي، و هذا الأخير كان إحدى العراقيل في تجسيد اللامركزية فإن هذه الأسباب ليست الرئيسية لفشل النظام اللامركزي في الجزائر لأسباب سياسية محضة، و بالتالي فهي تحتاج الى وضع تصورات بشأنها.

علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تختار بين الإصلاحي والأصولي.. هل ينجح بزشكيان في إنقاذ


.. جلسة حوارية بعنوان -أجندة الإصلاح الاقتصادي ومناخ الاستثمار-




.. نائب رئيس المفوضية الأوروبية: لا يمكن أن يكون هناك نمو اقتصا


.. آنا بيردي: مصر شرعت في تعديلات كبيرة على أقتصادها لان الاقتص




.. رئيسة المفوضية الأوروبية: ملتزمون بدعم مصر في الإصلاحات الاق