الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة تونسية للجزائر اليوم

هيثم بن محمد شطورو

2017 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


أغلب التونسيـين يرتعـبون لأي طارئ عنيف يحدث في الجزائر. إحساس الارتباط قوي و هم أكثر ارتعابا من الجزائريـين بخصوص العشرية الدموية السوداء الاسلاموية الوهابية التي حدثت في تسعينات الدم في الجزائر..
فليبيا ممزقة يعيث فيها الإرهاب و الجزائر لازالت قـلعة منيعة تستـند إليها تونس في أوضاعها الهشة. لكن في التسعينات كان التونسيون يعيشون في شبه قوقعة وهمية شبه انعزالية عن الأحداث الإقليمية و العربية. كان التعاطف شديدا مع القضايا العربية لكن اليوم المسالة تعني ما يحدث في الخارج له انعكاس مباشر على الوضع في تونس. أي اليوم هو واقع التـشابك خاصة مع الوضع الإقـليمي.
في سنوات الدم الجزائرية كان اغلب التونسيـين يتابعون بألم الدم الجزائري المسفوك و لكن ليس بإحساس الفجيعة التي عليها الأمر اليوم. في التسعينات كان النظام في تونس دكتاتوريا ماسكا بزمام الأمور بواسطة الإرهاب البوليسي..كان الإحساس العام هو الاطمئنان لعدم انتـشار الدم الجزائري إلى تونس. أما اليوم فالتونسي يفـتـقد إلى الإحساس بالأمان.
يريد كل شيء في نفس الوقت و غير قادر على النظر إلى زمانية ما تـفرضه الصيرورة التاريخية. اليوم هناك مقارعة باسلة من طرف قوات الأمن ما كان لها أن تكون زمن الدكتاتورية. على الأقـل يتوجه الشكر و التـقدير إلى قوات الأمن و الجيش و ليس لصانع التغيـير.. من ناحية أخرى فالحرب هي حياة الروح و المخاض عنيف بصدد الولادة للمعاني الجديدة التي ستـنـقـل الوضع العام إلى العقلانية و الحضارة. سكون الوضع في الدكتاتورية هو سكون الأموات. الحرب اليوم هي حرب الأحياء. بمقاسات الفعل التاريخي نحن اليوم بصدد الحياة..
من جهة أخرى أثبتت المحاولة الداعشية في غزو مدينة "بن قردان" في الجنوب التونسي أن لا حاضنة شعبية للأوغاد و أن شر مواجهتهم و القضاء عليهم أكثر قوة و اقـتدار.. في ساعتين أو ثلاث تم القضاء المبرم على الهجوم الداعشي في منطقة محافظة جدا فما بالك لو كان الأمر في الوسط أو الساحل او الشمال..
تحصل الشعب على منسوب مبدئي من الحرية ما يجعله هو الوطن و هو الفعل المباشر لصناعة مصيره، و هذه لعمري القوة الراسخة المتينة التي لا يمكن للدكتاتورية أن تكسب و لو جزءا بسيطا منها. الدكتاتورية نمر من ورق مهما بدت قوية.. أي بديل هذا يطرح نفـسه بديلا عن واقع الحرية هذا و لو كان باسم الإسلام؟
النظام السياسي في الجزائر يفتـقد إلى الحرية. اقـتصاد ريعي يعتمد على النفط و الغاز و الميزانية مرهونة بأسعارهما في العالم. عجز سياسي عن إيجاد بديل عن "بوتفليقة" حتى لدى الفئة المسيطرة على السلطة. فساد مستـشري. بطالة. نظم تربوية تهادن الاسلامويات. شبه انعدام لحرية التعبير. عدم وجود معارضة سياسية أو نقابية فعلية يمكنها أن تستوعب الغضب و توجهه في الأطر السياسية السلمية المعقولة..
فالجزائريون أكثر تحصينا من غيرهم ضد العودة إلى العشرية السوداء، و لكن من غير المعقول اعتبار كل احتجاج شعبي مثل الذي حدث مؤخرا في مدينة "بجاية" بمؤامرة خارجية. و في كل الأحوال فان المواجهة الفعلية لأي مؤامرة خارجية هو تحصين الداخل بعدم الاحتكار للسلطة و الثروة و بأشكال معينة من الانفتاح السياسي و بحرية التعبير.
أما عن الوحدة المأمولة بين الأقطار المغاربية فهي لا يمكن أن تكون إلا في إطار ديمقراطيات شعبية تـتـفـق على مجمل مفاهيم التجانس الفكري و السياسي و الاقتصادي الممكنة. أما احتكار السلطة و الثروة فهو العامل الرئيسي في التجزئة. لا تـتأسـس الوحدة إلا بسلطة الشعوب أي الديمقراطيات الشعبية..
و الحقيقة إن سؤال السلطة و أساسها و كيفيتها لم يطرح بالجدية الكافية إلا في تونس. الحالة التـقدمية في الوطن العربي هي تونس اليوم و بالتالي هم يسترشدون بنا و لسنا نحن اللذين ننـقـاد إلى خطابهم الديماغوجي الزائف..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق