الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حملة لمكافحة الغباء الجماعي

طارق المهدوي

2017 / 1 / 8
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


حملة لمكافحة الغباء الجماعي
طارق المهدوي
كانت إحدى أهم المواد التي تضمنتها دراستي للعلوم السياسية خلال سبعينيات القرن العشرين هي مادة العلوم السلوكية بما احتوته من معلومات وتقديرات وتحليلات وتنبؤات حول بعض أهم الظواهر السلوكية العامة كالذعر الجماعي والعنف الجماعي وغيرهما، ليتضح لاحقاً أن أساتذة العلوم السلوكية جهلاً منهم أو عمداً أو ربما تنفيذاً لتعليمات أمنية سيادية عليا قد حجبوا عن مادتهم العلمية إحدى أهم الظواهر السلوكية العامة ألا وهي ظاهرة الغباء الجماعي، رغم احتلالها لأعلى درجات سلم الأهمية سواء من حيث خطورتها في حد ذاتها على مختلف الدوائر العامة والخاصة أو من حيث كونها المفتاح السحري لبقية المخاطر المحيطة بالواقع المصري، ليس فقط كقاسم مشترك أعظم بيني لكل كوابيس الدولة والعلاقات الخارجية من استبداد وفساد وتبعية وفشل وخلافه أو كقاسم مشترك أعظم بيني لكل كوابيس المجتمع والسوق من تطرف وتكاره وعشوائية وفهلوة وخلافه، ولكن أيضاً كقاسم مشترك أعظم بين كافة كوابيس الدولة والعلاقات الخارجية المشار إليها من جهة وجميع كوابيس المجتمع والسوق المشار إليها من الجهة الأخرى بحيث يمكن اعتبار الغباء الجماعي هو القاسم المشترك الأعظم بين كافة المكونات المعاصرة للوطن المصري، ورغم وضوح مختلف تجلياته وانعكاساته الحياتية المباشرة وغير المباشرة على جميع محاور التفكير والتعبير والأفعال سواء كانت فردية أو كانت تبادلية بين اثنين أو أكثر من الأشخاص أو بين الجماعات البشرية وبعضها، فإن أسبابه مازالت أقل وضوحاً فقد تكون وراثية وقد تكون كيميائية وقد تكون غذائية وقد تكون تربوية وقد تكون غير ذلك أو خليطاً من كل ذلك معاً دون إغفال أسوأ الاحتمالات بأن تكون عدوى وبائية، كما أن وسائل مكافحته ستظل غائبة ما لم يعترف النافذون في الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية بوجوده ويدركون مدى خطورته التدميرية حاضراً ومستقبلاً، وما لم يتوقف الماكرون الأشرار منهم الواعون بوجوده وخطورته عن انتهازيتهم المتمثلة في سوء استغلاله من أجل تحقيق مصالحهم الأنانية الضيقة على حساب الوطن المصري الذي يهدده الغباء الجماعي بالفناء في مجمله، وإذا كانت الوسيلة الفنية الأقدر على اختراق جدران الأغبياء للتعامل معهم هي الإعلام التوعوي المبرمج والموجه بذكاء فلتتم إعادة إحياء وزارة الإعلام أو على الأقل منح الهيئة العامة للاستعلامات صلاحيات مطلقة علنية أو سرية في مهمة مكافحة الغباء، وإذا كان محتوى البرمجة التوعوية الأقدر على معالجة الأغبياء يتطلب دراسات متعمقة ومتنوعة ومتعددة إلى جانب متابعات لحظية ولصيقة ودقيقة بالإضافة إلى استعداد ميداني دائم للاشتباك الدفاعي أو الهجومي مع الغباء عند وحسب الضرورة، فلتتم إعادة إحياء المجالس القومية المتخصصة أو على الأقل منح المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية صلاحيات مطلقة علنية أو سرية في مهمة مكافحة الغباء، على أن يتولى تلك المهمة الاستراتيجية فريق سياسي علمي مشترك بين الجهتين المذكورتين يكون متخصصاً في المجالات الاجتماعية والنفسية والصحية والغذائية والتربوية والإعلامية والإدارية والجماهيرية وممثلاً لمختلف الاتجاهات الدينية والقومية والليبرالية والماركسية، دون أي إقصاء أو احتكار أو هيمنة فجميعنا في قارب واحد يغرق بنا تحت وطأة الاستشراء الوبائي لظاهرة الغباء الجماعي التي يكرسها بعضنا بإنكارها أو بالخوف من مواجهتها أو بسوء استغلالها، مثل قادة الحكم العسكري الحالي الذين حلوا وزارة الإعلام والمجالس القومية المتخصصة معاً في غفلة من الزمن بغرض تسليم مهام وصلاحيات هذه وتلك لأجهزتهم الأمنية السيادية التي كانت ومازالت وستظل راضية وسعيدة بالغباء الجماعي في مصر!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ