الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الأمريكي / إرهابيو الألفية الثالثة يتصارعون!!

عمر إدلبي

2006 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عندما قال أحد مسؤولي الإدارة الأمريكية مؤخراً إن ستالين مات، لم يكن شامتاً، كما لم يكن ينعي جبار الإتحاد السوفييتي، بعد كل هذا الزمن، وهو بالتأكيد لا يخبر عن معلومة تاريخية أكل الدهر عليها وشرب، الكلام الأمريكي هنا يتناول ـ بلا أدنى شك ـ الدور الأمريكي الذي يسعى الأمريكيون بكل ما يتهيأ لهم من قوى، لتأكيد تفرده وانفراده بتقرير مصير العالم الجديد، هذا العالم الذي أصبح أكثر جدّة غداة سقوط بغداد، وغداة انطلاق صراع جديد على أرض الرافدين، حيث إرهابيو الألفية الثالثة يتصارعون.
فبينما يحلم المواطن العراقي بلحظات أمان قليلة، يصفي إرهابيو النظام الأمريكي الجديد، وإرهابيو الحركات الإسلامية المتطرفة، وغيرهم الكثير، حساباتهم على إيقاع أنين وعويل ونزف دم الشعب العراقي البريء، ويكتب أصدقاء الأمس /أعداء اليوم نهاية أو بداية علاقة مصالح الإرهابيين المتبادلة، ولا يفوتنا هنا التأكيد على دور الكثير من الأنظمة القريبة من العراق والبعيدة عنه التي ترى في هذا التصارع فرصتها التاريخية لتمريغ وجه العملاق الأمريكي في مستنقع العراق، على اختلاف دوافع هذه الأنظمة، التي يتمنى بعضها ولاسيما القمعي الفاشي أن يطول عمرها بأي ثمن، ويسعى آخرون لتحقيق مآرب أخرى ربما عدنا في وقت آخر لتناولها بالبحث والتحليل.
واللافت للنظر أنه وبمبادرة كريمة، يتولى بوش شخصياً قيادة الحرب المافيوية بين الإرهابيين المعاصرين، بينما تتدافع أنظمة القمع العربية لإبداء أقصى حالات حسن النية في طاعة الجموح الأمريكي، عبر لجم وتدمير قوى الممانعة الوطنية، ولاسيما الديمقراطية منها، فهل هذه هي نهاية المطاف؟
لا يخفى على العاقل أن احتلال العراق، هو خطوة البدء الفعلي في تنفيذ المشروع الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية، لصياغة ورسم خارطة منطقتنا، و يحظى باهتمام خاص من قبل هذه الإدارة لأسباب عديدة، نعدد ببعضها من باب التذكير:
1ـ المرجعية الفكرية التي يتبناها طاقم المحافظين الجدد، وهي مرجعية تعتمد الواقعية من جهة، إذ لا حاجة للشركاء ولا لمقتسمي غنائم ضعفاء في ظل السيطرة المطلقة لأمريكا اقتصادياً وعسكرياً على العالم ومقدراته بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلاً، وهي من جهة أخرى مرجعية روحية (ميثيولوجية) تستند إلى اعتقاد قديم يعود إلى عهد الانتقال من اليهودية إلى المسيحية، والذي يبشر بعودة الحق والنور إلى الإنسانية، وقد تبنى بوش( المؤمن) ـ على طريقته ـ هذا الطرح، مما ساعده على حشد أنصار كثر لسياسته، ولاسيما من التيار الإنجيلي المسيحي.
2ـ التغيّر في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالنفط، بعد أن دانت لها السيطرة على النظام العالمي الجديد، والذي تعتبره ثمرة جهودها وحدها، وبالتالي تعتبر نفسها صاحبة امتياز فيه لا تنازع عليه، فقد تبدل هدف هذه السياسة من مجرد ضمان التدفق الحر، والحفاظ على أمن المناطق النفطية، إلى التحكم في مسألة تحديد السعر، وضمان خطوط التوزيع، من أنابيب وناقلات، ويشكل النمو المضطرد التي تشهده الصين (النووية) حافزاً للإسراع في تنفيذ هذه السياسة الجديدة، في الوقت الذي يتجه الاحتياطي النفطي الصيني المخزّن إلى الارتفاع بشكل مستمر.
3ـ إنهاء أي احتمال لخطر ما على "دولة إسرائيل"، بتدمير أي قوة معادية لها،الموجودة أصلاً، أو المحتمل قيامها، في ظل وقت مثالي لتنفيذ هذا الهدف، حيث يبدي المحافظون الجدد الذين يشكلون غالبية إدارة الرئيس بوش تعاطفاً قوياً وغير مسبوق مع دولة الكيان الصهيوني، وهنا نذكر بمقولة هنري كسينجر قبل الحرب على العراق:" إن الحل في القدس يمر عبر بغداد".
4ـ احتواء أي تغيير سياسي في المنطقة من شأنه وصول إسلاميين أصوليين، أو يساريين إلى الحكم، فمن الثابت أن إدارة بوش لم تتبنَ مسألة التغيير الديمقراطي في المنطقة بهذا الزخم، بعد أحداث 11 أيلول كما يصور البعض، بل حدث هذا التغيير إبان التحضير لغزو العراق، ففي تاريخ 15/3/2003 نشرت "لوس انجلوس تايمز" تقريراً سرياً كان قد تم توزيعه على القيادات الأميركية العليا، بعنوان: «نظرية دومينو الديمقراطية لن يتم العمل بها» أعده مكتب «الأبحاث والمخابرات» في وزارة الخارجية الأمريكية، يؤكد التقرير إيمان الإدارة بمخاطر قيام نظام ديمقراطي، والذي يمكن أن يحمل أصوليين إلى الحكم، وبهذا بات لزاماً على الولايات المتحدة التدخل لمنع مثل هكذا خطر، وبالطبع عبر رفع الدعم عن الأنظمة القمعية وصياغة خارطة المنطقة على هيئة كانتونات، ديمقراطية شكلاً، ولكن بعد التأكد من تأمين أمن المنطقة ـ عبر تواجد قوات عسكرية وتعاون أجهزة المخابرات في القضاء على التشكيلات" الإرهابية " ـ وبالتالي تأمين المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية الأميركية.
ولا يخفى على العاقل أيضاً، أن سلسلة التنازلات التي تقدمها أنظمتنا الإرهابية، القمعية والجبارة، والعنيفة حد قتل خصومها الوطنيين، تدل على قدرتها في أن تصبح أليفة وغير ضارية، وعلى مدى رحابة صدرها في تقبل الإذلال الأمريكي الممنهج، وهذا السلوك المخزي لا يفاجئ إلا الغافلين، والمخدوعين بوطنية أنظمتهم، هذه الأنظمة التي لم تفوت فرصة عبر تاريخها لإثبات استعدادها بيع الوطن بترابه وثرواته ومواطنيه، من أجل ثرواتها التي راكمت أرصدتها من قهر وإذلال كرامة وحياة البشر.
ليس هذا كل شيء، فاللعبة السياسية الدولية التي أعطت أنظمتنا الفاشية كلَّ الذرائع اللازمة للآخرين ليقودوا حركة رحاها على أرضنا، ونبدو فيها ـ حكاماً ومحكومين ـ مجرد موضوع، لا ذاتاً فاعلة، هذه اللعبة نجهل أغلب أبعادها، ومنطلقاتها، وبالتأكيد نجهل نتائجها، وإن كنا نجتهد في مقاربتها، إلا أن الحقيقة الوحيدة التي تكاد تنطق أمامنا، تؤكد أننا الخاسرون قبل الآخرين.
الواقع ومعطياته تؤكد أن المشروع الأمريكي قاطرة تتجه وبتسارعها الأعظمي نحو هدفها، لكن منطق تاريخ الشعوب مختلف جداً عن منطق قوانين الفيزياء والحركة، فهل نمتلك إرادة دفع هذه القاطرة الجبارة إلى الهاوية؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك