الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقارب الأرثوذكسي السني

ناجح شاهين

2017 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


التقارب الأرثوذكسي/السني
ناجح شاهين
للأسف لا نميل إلى قراءة السياسة والتاريخ بالاستناد إلى المفاهيم الدينية. وإلا كنا سنتحدث عن عودة الابن الضال الأرثوذكسي الروسي إلى جادة الصواب ليتحالف مع الممثل "الشرعي" للأرثوذكسية الإسلامية ألا وهو الإخوان المسلمون. لا يمكن أبداً أن يكون "الشيعة" أرثوذكس الإسلام: إنهم الهراطقة المنشقون الخارجون عن خط السنة والجماعة.
كذلك للأسف الشديد لا نقرأ ما يجري من صراعات بين الدول والتحالفات الإقليمية والكونية، وحتى أعمال الجماعات الثورية أو الإرهابية على هذا النحو. نحن نرى دائماً أن مصالح مادية حقيقية هي التي تحرك الدول والأفراد والتكتلات الإقليمية والدولية.
وعلى الرغم من إدراكنا للمأزق الذي يواجهه معسكر المقاومة (حزب الله وسوريا وإيران) في حال تناقض المصلحة الروسية مع استراتيجيات هذا المعسكر، فإننا في الوقت نفسه نرى بصيصاً من الأمل في أن يسهم ذلك "الشر" في انبعاث "خير" يتصل بتعمق وعي المواطن العربي المسيحي والمسلم والسني والشيعي والعلماني واليساري والقومي وصولاً إلى إدراك أن نواة المشروع المقاوم للاستعمار في هذه المنطقة يجسده في هذه اللحظة التاريخية التحالف السوري مع حزب الله وجمهورية إيران. وذلك بالطبع دون أن نكون من السذاجة بمقدار افتراض تماهي هذه القوى حرفياً. بل إننا نزعم أن التحالف الإيراني مع حزب الله ذاته لا يصل أبداً إلى درجة التماهي. ويجب أن يكون المرء جاهلاً بأبسط قواعد السياسة والاقتصاد حتى يتوهم أن البلد الواحد لا يوجد بداخله تناقضات تصل حد الصدام المسلح في أحيان كثيرة.
لقد وجد الرئيس الروسي –وهو ما كنا نخشاه طوال الوقت- أن الحرب في سوريا تستغرق وقتاً أطول بكثير مما يستطيع اقتصاده أن يحتمله. كنا منذ البداية نحلم ونأمل أن "تتورط" الصين في النزاع، وأن ترى مصالحها تتقاطع مع استراتيجيات محور المقاومة. القوة الاقتصادية الصينية العملاقة كانت تستطيع تحمل أعباء حرب استنزاف لا نهاية لها. أما روسيا المستنزفة بهبوط أسعار النفط فهي بالتأكيد لا تقدر على ذلك. ونستلهم درس التاريخ القاسي: إن الاتحاد السوفييتي بمكانته التي لا يطمح أي روسي الآن إلى مثلها لم يصمد أمام نهر "الجهاد" في افغانستان المدعوم بمال البترودولار والمنظم من قبل وكالة المخابرات المركزية.
وفي ظل هذا الضعف الروسي المفهوم والواضح بدا وكأن بوتين يسير على غير هدى ويتخبط بين مسار ومسار. أولاً كان واضحاً وما يزال حرص بوتين على مداهنة نتانياهو وصولاً حد التنسيق معه خشية أن يصطدم مع الطيران "الإسرائيلي". وقد رأى البعض في ذلك تحالفاً سرياً بين الروس والإسرائيليين في دعم الدولة السورية. وهو تفكير ساذج يستند إلى الرؤية الدينية فوق التاريخية المشار إليها أعلاه. أما فعلياً فقد كان التنسيق علامة ضعف روسية لا أكثر ولا أقل.
بعد ذلك جاء التحالف بين بوتين وترامب، وهو تحالف لا يقوم على أسس مفهومة سياسياً، ونكاد نجزم بأنه شيء من قبيل "تعلق الغريق بالقشة" بعد أن فشل بوتين في إقناع الصين بالانضمام الفاعل إلى مجهوده الكوني لخلق قطب دولي مكافئ للولايات المتحدة. ولسنا نظن على الرغم من تقديرنا لبراعة بوتين، أنه أو غيره قادرون على تغيير سياسة الولايات المتحدة التي لا ترتبط بوجود نيكسون أو أوباما أو بوش أو ترامب أو أياً كان. السياسة الأمريكية ثابتة و "الجهاد" الأمريكي مستمر ضد العالم كله بغرض إخضاعه، وضد العرب بغرض تفتيتهم أكثر وتكريس "إسرائيل" دولة عظمى وحيدة ومهيمنة في المنطقة. لذلك نظن أن "حلم" بوتين يشرف على نهايته ما لم يدخل متغير جديد بحجم الصين ليسند المركب الروسية المثقوبة.
آخر ما اضطر إليه بوتين هو التوصل إلى تفاهمات مع تركيا حاول أن يجر إليها إيران مع التضحية بحزب الله وسوريا بدرجة أو بأخرى. وهنا كشف الروس حدود قوتهم التي لا تكفي لاستمرار دعم سوريا في مواجهة حرب كونية شاملة يشارك فيها قوى تمتلك فائضاً لا ينضب من المال والسلاح والمجاهدين والخبرات من قبيل الخليج كله بزعامة قطر والسعودية والولايات المتحدة واسرائيل وتركيا، وفيض من المجاهدين الذين يزحفون إلى سوريا من كل فج عميق في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا. هكذا تنازل بوتين للأتراك عن أرض لا يملكها في شمال سوريا وقام بفعل رمزي يتمثل في مشاركة طيرانه في قصف داعش في الباب لمصلحة تركيا. وإذا كانت تركيا ترى الشر الأكبر في الأكراد ولا يهمها بقية الكون ما دام حلمها في التحول إلى دولة إقليمية كبرى يتعثر، فإن بوتين لا يريد سوى تقليم أظافر "الإرهاب" الإسلامي الخطير جداً في روسيا وما جاورها من بلاد سوفييتية سابقة.
فقط قوة التحالف الإيراني مع سوريا وحزب الله هي الضمان لردع بوتين عن التخلي نهائياً عن معسكر المقاومة وعقد تحالفات تحفظ ماء وجهه مع أي كان بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية. وقد يكون على الفكر الوهابي أن يبدأ من الآن في تجهيز الفتاوى اللازمة لتسويغ التحالف بين "الأرثوذكس" والسنة، وقد حاولنا مساعدتهم في ذلك عن طريق تذكيرهم بأن السنة هم "أرثوذكس" الإسلام بلا مجادلة، ولذلك فقد يكون تحالفهم مع روسيا الإرثوذكسية أسهل دينياً من تحالف الشيعة معها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تنمو بشكل عكسي-.. طفلة تعاني من مرض نادر وهذا ما نعلمه عنه


.. بريطانيا.. مظاهرة في مدينة مانشستر تضامنا مع أطفال غزة وتندي




.. ما أبرز محطات تطور العملات في فلسطين؟


.. نازح فلسطيني: -نفسي نرجع زي قبل.. الوضع الحالي حسسنا إن كنا




.. انتبه!.. القوارير البلاستيكية قد تصيبك بالسكري #صباح_العربي