الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهان رويدة سالم على منهج الأورغانون

نعيم إيليا

2017 / 1 / 9
الادب والفن


ا- إيساغوجي:
إذا كان الله مات، في مِلّة فريدريش نيتشه، فهل يُرذِل موتُه فكرةَ وجود خالق؟
كلا، أبداً! ليس للمرء مفر من الاعتقاد بوجود خالق على هذه الصورة أو تلك؛ فإن الحياة مثلاً - وإن لم يوجد الله - مخلوقةٌ، وخالقها جملةٌ متفاعلة متمازجة مؤتلفة من العناصر المادية. وكذا النص أيّ نص، فإن خالقه لا يموت، وإن اعتقد بموته دارسٌ مترف من هنا، وآخر لاهٍ من هناك.
فإنّا إن اعتقدنا بموت المؤلفة – الموت هنا بمعناه المجازي الاستعاري؛ وهو استبعاد شخصية المؤلف من النص لدى دراسته أو نقده – فكيف سيتحقق لنا أن نفهم قصتها (ذهان) كل الفهم بأبعادها الفكرية والنفسية والاجتماعية والفنية!؟
ربما استطعنا أن نفهم غير قليل من أفكارها، ربما استطعنا أن نفهم ما بين أفكارها ولغتها من علاقات وطيدة أو مفككة بليدة، ربما استطعنا أن نستبين خصائص ألاعيبها السحرية الفنية، ربما استطعنا أن ننشئ فوقها أو بجوارها بناء أدبياً خاصاً بنا نستمد عناصره من ألوان مضامينها الفلسفية والجمالية والنفسية. ولكننا لن نستطيع، على الأغلب، أن نفهم أبعادها كما يجب أن نفهمها باتساع ودقة وشمول... لن نستطيع أن نفهم لماذا هي كذلك في مظهرها الخارجي والداخلي: بجدرانها، وطلائها، ونوافذها، وأبوابها، ومنافذها، وسقفها، وأرضها، وأثاثها، وسور حديقتها... ما لم نعرف رويدة سالم.
فمن هي رويدة سالم التي ينبغي أن نعرفها لنفهم قصتها قصةَ (ذهان) كما يجب أن نفهمها؟
رويدة باختصار: عقلٌ راجح الوزن. وإنه، إذا رمت تشبيهه، لأشبه بلبوة تفرِّس الأفكارَ تفريساً! ولا أزيد.
أتراني أمدحها ههنا؟ قد ربما... ولكنّ مدحي، لا يخلو أن يكون مشوباً غير خالص. ربما تخلل مدحي شيءٌ من لا مدحٍ – وأنأى عن القول: تخلله شيء من قدح أو ذم أو عيب أو تعريض أو نقيصة أو إشارة فظة – فإن الأديب، حين يكون وُكدَه إظهارُ أفكاره وهمّه العناية بها.. حين يسرف الأديب في الاعتماد على عقله والركون إليه، قد لا يأمن من أن يوقِع بأدبه، من حيث إن أدبه فن وخيال ومتاع ودفق من شعور، بعضَ الحيف. ولعل في قوة عقلها، في زَخْم فكرها ونشاطه المتوثب، ما يفسر ميلها إلى البحث والتنقير وتحميج النظر في التاريخ والعقائد والسياسات واللغات، ويفسر أيضاً بطء حركة الأحداث وتثاقلها في بعض أعمالها وتوسطها عدداً بين التقتير والإفراط .
فأما قصتها (ذهان) فإنها، وإن زخرت أفكارُها كما تزخر طنجرةُ الجدة على نارها الحامية، لم يعرض لها – وليراعِها اليقظِ الحمدُ - أن نالها من ذلك ضُرّ أو مسّها ضيم. فأما أحداث قصة ذُهان فكثيرة – نسبياً - وفيرة، وهي وإن كثرت كثراً، ووفرت وفراً، ما ضاق عنها وبها رداء قصة الذهان على قصره... واقعيةٌ تمور بها الحياة الاجتماعية والسياسية في تونس وتصطخب. منها القديم الذي يكاد أن يكون ثابتاً رغم رثاثته، ومنها الجديد الطارئ المولَّد.
ولكأن أفكار (ذهان) السابحة في فضاء أحداثها، كواكبُ تدور بقوة الجاذبية حول نجم كبير عظيم أوحد. وعسى ألا يذكر هذا الوصفُ بوصف نابغة بني ذبيان للملك النعمان؛ إذ لا اشتراك للوصفين في وجه واحد من وجوه التشبيه!
ولكنْ إمَّا كان النجمُ، نجمَ النابغة، وإما كانت الكواكبُ كواكبَه، فما هو هذا النجم الذي ههنا، وما هي كواكبه؟
في الجواب، فإني أقول: فأما كواكبه فهي أفكار متفرقة، وسيأتي ذكرها وإفرادها في إبانها في الموضع المعقود لها. وأما النجم، فهو الفكرة العامة الرئيسة الأولى التي تدور حولها تلك الأفكار دوران الكواكب. وهي فكرة لبُّها وغلافها قضيةُ المرأة الشرقية، ولكنْ في محنتها الصارخة، وفي حال شقائها الراعف.
وإذا كنتُ وضعت لمحتي الأولى إلى القصة تحت (إيساغوجي) الذي هو في الأصل عنوان كتاب لفورفِوريوس السوري وجعلته مدخلاً، فلأنه، وإن لم يكن جزءاً من الأورجانون للمعلم الأول أرسطوطاليس، يعد ملحقاً به.

ب – كاتيغورياس:
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إلى قارئ غاضب
نعيم إيليا ( 2017 / 1 / 9 - 21:33 )
أسأل حضرة القارئ الذي منح هذه المقدمة اليسيرة علامة الصفر: لماذ ا؟
لا أسأله لأعبر له عن استيائي من ممارسته لحقه بل أسأله لأعلم خطأي كي أصلحه وأتفاداه.
وقد أحب أن أناقش معه ما لم يعجبه منها
لماذا نستخدم نظام التعليقات والتصويت؟
وشكرا


2 - لا تهتم
nasha ( 2017 / 1 / 10 - 08:37 )
كل عام وانت بخير استاذ نعيم
التقييم في هذا الموقع ليس لمستوى المقال الأدبي أو الفكري أو الفني وإنما هو موقف من شخص الكاتب نفسه واتجاهاته الفكرية والعقائدية .
التقييم هنا يشبه انتخاب الإسلاميين تحديدا دون غيرهم في الدول الإسلامية لمجرد انهم اسلاميين وليس لكفائاتهم أو خبراتهم.
انها العقلية القبلية يا استاذ .
لا تهتم كثيرا
تحياتي


3 - نعيم إيليا يقترب من النجم والكواكب في قصة(ذهان)
ليندا كبرييل ( 2017 / 1 / 10 - 09:41 )
سنتك طيبة أستاذ نعيم إيليا المحترم

لا أحد يستطيع إثبات وجود الله،ولا أحد يستطيع إثبات العكس
لذا يلجأ الإنسان إلى إله الفلاسفة،ونظرتهم إلى الكون

نعم (الحياة مخلوقة،وخالقها جملة متفاعلة متمازجة مؤتلفة من العناصر المادية) كما تفضلت
وقد يخرج رأي آخر ليقول العكس،المهم أن نقرأ ونستوعب ثم نشكل قناعاتنا

الأديب إذا أسرف في الاعتماد على عقله أصبح سياسيا
والأديب إذا أفرط في الرموز فإنه لا يساعد القارئ على التوصّل إلى المواجهات المطلوبة في الحياة

يسعدني أن يتناول الأديب عملاً فنياً ليلقي الضوء عليه من وجهة نظره
إنه بهذا العمل يوسّع من رؤيتنا للقضايا الإنسانية

كما أسعدني أن تختار الأستاذة رويدة سالم المحترمة لتكون قصتها موضع بحث قيّم دون شك من قبل حضرتك

أستاذنا القدير

سأتابعك في هذا الموضوع ،لأن الذي يبحث فيه هو الأستاذ نعيم بالذات
كذلك، لأني أهدف إلى الاستفادة من طرق تحليلك ونقدك وإثارتك الأسئلة التي تحرك الأذهان فلا يستقر العقل على فكرة واحدة سرعان ما يلحقها الضعف والارتخاء

شكراً لجهودك الصادقة

محبة وسلاماً


4 - شكراً لكما
نعيم إيليا ( 2017 / 1 / 10 - 13:53 )
وأنت يا عزيزي ناشا بألف خير. اشتقت لك. أسعدتني رسالتك
الحقيقة يا صديقي الوفي، أن منح موضوع أدبي مهما يتدنّ مستواه علامة الصفر لا عدل فيه. . يعني المفروض الواحد ذوقاً يعطي الموضوع نقطة وحدة نقطة لا أكتر. يعني لو كان الموضوع سياسي، لو كان ديني، لكنا سكتنا وما حكينا شي

عزيزتي ليندا ، أنت شكراً لك. شكراً لجهودك . كلك ذوق
أنا عم فكر أجمع تعليقاتك كلها، تعليقاتك فقط، وأعمل منها كتاب. والله لو عندي همة كنت نفذت المشروع بلا تردد
كل سنة وأنت مع الأسرة الكريمة سالمة وغانمة!


5 - المرأة اليوم نسخة متطورة من(أمينة) نجيب محفوظ
ليندا كبرييل ( 2017 / 1 / 11 - 06:36 )
تحياتي أستاذنا القدير نعيم إيليا

قرأت قبل قليل الجزء الثاني من رؤيتك لقصة الأستاذة رويدة سالم المحترمة
(ذهان)

خرجت بعد قراءة قصة ذهان وأنا أقول

ليس(بالصولجان) تُضطهَد المرأة

حادث السيارة الذي تعرض له زوج البطلة وفقدَ فيه(صولجانه)و(عاد إلى الصورة الأولى التي خلقه عليها الإله) لا يجتثّ شعور الاضطهاد والظلم الذي أصبح من مكونات شخصية الرجل العربي خصوصا
إن ذريته كفيلة بأن تحيي هذا التاريخ من العنف تجاه الأضعف

والمرأة مهما شعرت بالقهر فإنها في تربيتها لأولادها ذكورا وإناثا تعزز من هذا الحيف
هي التي تتوق لإنجاب الذكر الابن الذي سيصبح زوجا أو أبا ويمارس فنون الاضطهاد علي بنات جنسها في المستقبل

وهي التي تؤكد فكرة الاستعباد وترضاها لنساء بيتها
فما يحكمها لا بد أن يحكم بنات جنسها
ذلك أنها مقيّدة بتشريعات لا علاقة لها بالكرامة الإنسانية، وليست حرّة مالكة قرار نفسها

ليس الرجل،وليست الطبيعة التي خلقتها في(تقويم يشكو النقص)
الصولجان ليس إلا الأداة
علينا أن نجتث هذه الثقافة المهينة للإنسانية من(عقل) الاثنين
الرجل والمرأة معا
المرأة العربية(اليوم) هي نسخة متطورة من أمينة نجيب محفوظ

يتبع رجاء


6 - المرأة اليوم نسخة متطورة من(أمينة) نجيب محفوظ2
ليندا كبرييل ( 2017 / 1 / 11 - 06:43 )
أما لماذا علقت هنا ولم أعلق في مقالك الحالي

فلأن الموضوع واحد على كل حال

ثانيا،أستغل فرصة ظهور أخينا الكريم ناشا لأتقدم منه أيضا بتمنياتي الطيبة له بالصحة والعافية مع العام الجديد

أيضا
أعتقد أن كل كاتب يرصد الكثير من وقته ليقدم لنا مادته،وأقل ما يستحقه منا أن نشكره بتصويت إيجابي حتى لو اختلفنا معه في صلب الفكرة، ويبدأ بعدها النقاش حول المختلَف عليه في باب التعليقات

كل جهد عقلي من كاتب لا بد أن نستقبله بالشكر
ألم يضع القارئ أمام رؤية جديدة؟حتى لو كانت ضد قناعاته؟

أستاذي الفاضل
أشكرك على الثقة. همّتك غالية وتُشكر عليها
ولكني
والحمد والشكر.. أعرف حجم نفسي، فلا هو بوحْي مقدس ينزل علي ولا هو بقرآن ما أكتب،ولا هي بنظريات تستشرف المستقبل،ولا بتوقعات تحدد مصير الإنسان

إنها أفكار وانطباعات قابلة للأخذ والرد والتغيير والتجديد

والانطباعات لا حكم لها، لأنها صادرة عن عاطفة وتصوّر لا عن باحث يسنده مخزون أكاديمي

أنتظر همتك العالية في تناولك قضايا الحياة وطرق تحليلك وإثارتك للأسئلة

وكل عام والجميع بخير


7 - شاتو برختو
nasha ( 2017 / 1 / 11 - 09:14 )
شكرا جزيلا اختنا العزيزة الأديبة المتواضعة ليندا كبرييل
أتمنى لك وللعائلة الكريمة سنة ملؤها الفرح والنجاح وشكرا جزيلا على الاهتمام بتقديم الاحترام والتحية لي بمناسبة العام الجديد واعتذر لأنني قصرت وكان من الواجب أن أكون أنا المبادر بالتحية وليس العكس لأنك اولا سيدة وثانيا اخت فاضلة أعتز بمعرفتها تستحق كل الاحترام والتقدير.
تحياتي


8 - الصولجان
نعيم إيليا ( 2017 / 1 / 11 - 15:46 )
شكراً لك عزيزتي ، بس ليش سكرت باب التصويت والتعليق؟ خفت؟فيدولا يهمك، خدي النصيحة من عزيزنا ناشا، متل ما أخدتها أنا. التصويت أو التعليق من القراء أديش من كان مر، مفيد جداً للكاتب الذي يحترم صنعته .
لن أعقب على رسالتك، لأن التعقيب عليها سيأتي في الورقة الرابعة. ولكن اسمحي لي أن أرفع قبعتي لأفكارك. مع أني الآن حاسر الرأس... بيتي دافي رغم البرد الجهنمي
أرجو أن نلتقي قريباً لمناقشة أفكارك


9 - تحية وسلاماً
ليندا كبرييل ( 2017 / 1 / 11 - 16:48 )
أهلاً بك عزيزنا ملفونو ناشا
وشكراً جزيلا على التحية الراقية

ملفونو نعيم
الموضوع لم يتم بعد، لذلك وجدت أن أغلق باب التعليق حتى يشكل القارئ الكريم فكرة كاملة عن القصة
هكذا ظننت وتصورت أن خطوتي صحيحة، تاريها غلط برأيك

نعم أستاذ أي نقد أنظر إلى جانبه الإيجابي وأحاول الاستفادة منه ومراجعة مواقفي لعلي على خطأ

أنتظر تتمة المقالات وشكراً لكم

اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري