الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمّن المدنية وحلول السلم،،،،

سليمان الخليلي

2017 / 1 / 9
السياسة والعلاقات الدولية


          كما عُرف اليمن "باليمن السعيد"  لابد أن يكون سعيداً في نهاية الامر، لن تبتعد السعادة عنه طويلا ولن تهجره بالتأكيد، بالرغم من المشاكل والخراب والدمار والجهل والفقر الذي يوصف به، فهذه كلها مجرد عقبات تحتاج إلى وقت حتى يستعيد اليمن "سعادته" المفقودة.

اليمن ليس وليد العصر الحديث، أو مجرد دولة على خارطة العالم، وإنما ضارب بجذوره في عمق التاريخ، حيث تواترت عليه دول مختلفة وحضارات متعددة، بدأً بمملكة "سبأ"، والدول المتعاقبة ما بعد دخولها الإسلام كــ "الدولة الزيادية والرسولية والطاهرية وغيرها"، وحتى القرن العشرين حيث الصراع على أرضه من قبل العثمانيين والبريطانين، وتقسيمه إلى شطرين "شمالي وجنوبي" وفق اتفاقية "الانجلو العثمانية"، فكانت اليمن الذي ضاع في وسط فوضى الأتحاد فأنقسم إلى دول وأمارات وممالك كالمملكة المتوكلية ومحمية عدن وسلطنة لحج والمحمية الشرقية وغيرها، وصولا إلى تشكل الجمهوريات بسقوط "الملكية"في اليمن الشمالي وقيام"الجمهورية العربية اليمنية" ذات التوجه القومي العربي، بينما الشطر الجنوبي الذي أستقل من الاستعمار البريطاني وأتحدت الأمارات بها والمحميات مشكلة بذلك "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" ثم تغيرت إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"ذات التوجه الاشتراكي الماركسي حتى توحيد اليمن في منتصف تسعينات القرن الماضي.

إذن، التاريخ الطويل لليمن وقدمه جعله معقد جدا لا يفهمه غير اليمنيين أنفسهم، ولن يفهمه أحداً غيرهم، وبطبيعة الحال، فالتاريخ دول تمر بها سنوات من السلم وسنوات من الحرب، وما يحدث في اليمن حاليا، أمر مؤسف، قد يؤدي إلى ضياع لليمن، وضياع "مستقبل اليمن"، فمنذ تشكل الجمهوريتين اليمنيتين ذات التوجهين المختلفين عاشتا في صراعات إقليمية فيما بينهما، وصراع داخليا ما بين الجيش والقبائل، وكانت "الانقلابات والإعدامات" سبلا لتغيير سلطة بأخرى ليست أفضل من سابقتها، حتى مع توحيد شطري اليمن لم يشفع له حذفه من قائمة " الدول الفقيرة"، فإعتبرت من أفقر الدول العربية وحتى على مستوى العالم، ولم تتمكن إدارته قبل الأحداث من إنتشال شعبه من الفقر والمرض، كما أن وضعه يزداد سوء بسبب المشاكل الأمنية وعدم الاستقرار السياسي، مع العلم بأن اليمن يملك  مقومات اقتصادية كبيرة ومؤهلة إلى نهضة تنموية كبيرة جدا، فثمة قطاعات كـــ"السياحة والزراعة والثروة السمكية والغاز والثروة المعدنية وموقعها الاستراتجي"، تمثل مقومات قادرة لتغيير خارطة الدولة نحو دولة نمو إستراتيجي هام وتطور إقتصادي وإجتماعي كبير.

حلول "السلم" لدى أهل اليمن كثيرة حتى لو كانت تبدو "صعبة المنال" أو"باهظة الكلفة"، فلا مخرج آخر من مستنقع الحرب والصراع والإنقسام غيره، ومهما كان حدة الخلافات وتوسع دائرة الفرقة بين أبناء البلد الواحد فلن يظهر "السلم" إلا منهم حينما يتم وضع "الوطن أولاً وليس القبيلة أو المذهب أو الطائفة أو الجماعة"، لأن الميل إلى السلم مطلب لا مفر منه، فالحرب مهما كانت "أهدافها" فهي دمار للبشرية لا فائز أحد فيها حتى المنتصر فإنه "خاسر"، ولعل العامين من الحرب الآن أكدت عدم جدواها ولن تفضي إلاّ لمزيد من الدمار والخراب والفوضى ، فشعب اليمن تواق للعقلاء من أبناءه أن يجلسوا ويتحاوروا وينهوا مآسي الحرب ، بعيداً عن صراعات النخب السياسية، بعيداً عن الصراعات المذهبية والقبلية، بعيداً عن التدخلات الإقليمية.

"الأمل" موجود وبشدة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، وتفعيل المبادرة الخليجية (2012م)، ولعل كلام المبعوث ألأممي السابق "جمال بن عمر" ( اليمن كان قريبا من اتفاق سياسي عشية عاصفة الحزم)، فيما نستنتج بأنه كان ثمة قناعة بأن الحوار والتفاوض كفيل بإعادة الأمل ولكن ما "حدث قد حدث"، ربما حان الوقت في إلقاء السلاح وعدم رفعه في وجه الخصوم، وحان الوقت في تنفيذ مباحثات السلام والسعي لإنهاء الصراع، سواء في "إتفاق مسقط" أو "قمة الكويت"، أو تحركات المبعوث الاممي "محمد ولد الشيخ"، والاتفاف نحو حاكم واحد متوافق مع الجميع حتى الفرقاء منهم والبدء في الإعمار وبناء اليمن السعيد، وليس كالوضع الحالي، الحكومة الشرعية خارج أرض اليمن، بينما شكلت جماعة أنصار الله ورئيس النظام السابق مجلس رئاسي غير معترف به مما زاد الوضع سوءاً.

قد لا يختلف إثنان بأن الطريق إلى السلم ليس سهلا، تبدأ بالالتقاء والحوار وإبداء التنازلات المتبادلة بين الفرقاء، ومن ثم التوافق وصولا إلى "المصالحة الوطنية"، حينها يتم وفق حوار وطني صياغة دولة مدنية تشمل الجميع، ولو استرجعنا تاريخ اليمن الحديث لنجد تجربتين مهمتين في عقد السبعينات من القرن الماضي في تأسيس دولة مدنية حديثة كانت ستضع اليمن في مسار مختلف عما عليه الآن، وذلك خلال فترة الحركات التحررية التي أوجدت دولة الجمهورية اليمنية، ولعل هاتين التجربتين كانتا ستجعلان اليمن سعيداً حقا، التجربة الأولى إبان حكم الراحل عبد الرحمن الأرياني، ثاني رئيس للجهورية العربية اليمنية آنذاك حيث قاد حركة إصلاح مدنية، وتم فيها صياغة أول دستور يمني حديث وإنتخاب أول مجلس شورى وتأسيس المؤسسات المدنية للدولة الحديثة إلى جانب المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين والتي أنقذت  حينها اليمن من حرب أهلية، لكن ما يؤخذ على تلك الفترة بأنها إحتفظت بنفوذ شيوخ القبائل مما أدى إلى القيام بإنقلاب أبيض بقيادة "إبراهيم محمد الحمدي"، وهي التجربة الثانية، وأيضا كادت تمثل منعطف أخر لليمن حيث "الحمدي" كان يطمح إلى حكم "تكنوقراطي" وأبعاد سيطرة القبائل على   مفاصل الدولة وتحجيم دورها،  وإيجاد حكومة كفاءات، غير أن اغتياله قلب كافة الموازين وغير مسار اليمن للوضع الحالي.

اليمن،، دولة قادر للتغيير نحو الأفضل، وقادر على المصالحة والوحدة والتوافق، وبدون مبالغة إن قلنا بأنه يملك " البنية الاساسية" للدولة المدنية، حيث به "دستور مدني" بمضمونه، قادر على تشكيل نظام سياسي لدولة مدنية، والدستور يقسم السلطات الثلاث، والدستور يعطي السلطة التشريعية قوة تشريعية ورقابية من مجلس النواب ومجلس الشورى، والدستور يحدد الرئاسة وفق إنتخابات شعبية، وللدستور القوة في تشكيل دولة المؤسسات والقانون، ورغم كل هذه الأسس كفيلة بصياغة دولة مدنية حديثة، لكن للأسف الدستور أصبح مجرد حبر على ورق، عطلته الصراعات على السلطة، وإقصاء الكفاءات، ونفوذ القبائل، وأمور أخرى......

"إعادة الأمل" لليمن تكمن في حلول السلم وليست الحرب، وكلنا أمل في تاريخ اليمن الحضاري أن يجلب "السلم" ليمن الحاضر والمستقبل أساسه المصالحة الوطنية الحقيقية "الغائبة" في أرض "اليمن السعيد"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-