الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تصريحات حول المشكلة اليهودية
ليون تروتسكي
2017 / 1 / 10الارشيف الماركسي
ترجمة سعيد العليمى
حول المشكلة اليهودية ليون تروتسكى
هانحن ننشر هنا اربع تصريحات صدرت عن تروتسكى خلال الاعوام الاخيرة من حياته تعبيرا عن وجهات نظره حول المسألة اليهودية . الاول فى شكل حوار صحفى ادلى به لمراسلى الصحافة اليهودية عند وصوله الى المكسيك . والثانى عبارة عن مقتطف من مقال حول " الترميدور ومعاداة السامية " كتب عام 1937 . والثالث بمثابة خطاب وجهه تروتسكى الى اليهود الذين هددتهم الموجة الصاعدة لمعاداة السامية والفاشية فى الولايات المتحدة ، مناشدا اياهم دعم النضال الثورى للاممية الرابعة بوصفها طريق الخلاص الوحيد . اما التصريح الرابع فمن ارشيفات ليون تروتسكى .
- 1 –
قبل ان احاول الاجابة على اسئلتك يجب على ان احذرك بأننى ولسوء الحظ لم تواتينى الفرصة لأن اتعلم اللغة اليهودية ، والتى تطورت فضلا عن ذلك منذ ان اصبحت راشدا فحسب . لم تكن لدى ، وليس لدى بعد امكانية تتبع الصحافة اليهودية ، الامر الذى يحول بينى وبين ابداء رأى دقيق حول الجوانب المختلفة لمشكلة غاية فى الاهمية والدرامية . ولايمكننى بناء على ذلك ان ادعى باننى حجة خاصة فى الاجابة على اسئلتك . مع ذلك سأحاول ان اقول مايتراءى لى حولها .
ملت خلال شبابى بالاحرى نحو التكهن بأن يهود الاقطار المختلفة سوف يستوعبون فيها وأن المسألة اليهودية سوف تختفى هكذا بطريقة شبه ميكانيكية . ولم يثبت التطور التاريخى فى الربع الاخير من القرن هذا المنظور . لقد انتقلت الرأسمالية المحتضرة فى كل مكان نحوشكل من اشكال القومية المتطرفة ، التى تمثل معاداة السامية قسما منها . لقد تضخمت المسألة اليهودية فى اشد الاقطار الراسمالية تطورا فى اوروبا ، اى فى المانيا .
من ناحية اخرى أنشأ يهود البلدان المختلفة صحافتهم وطوروا اللغة اليهودية بوصفها اداة تكيفت مع الثقافة الحديثة . وعلى ذلك لابد ان نفترض حقيقة ان الامة اليهودية سوف تبقى لحقبة كاملة مقبلة . فلايمكن للامة الان ان توجد عادة دون اقليم مشترك وتنبثق الصهيونية من هذه الفكرة بالذات . ولكن الوقائع التى نراها فى كل يوم يمر بنا تبين لنا ان الصهيونية غير قادرة على حل المسألة اليهودية . يتخذ الصراع بين اليهود والعرب فى فلسطين طابعا دراميا ومنذرا بالخطر اكثر فاكثر. وانا لااعتقد على الاطلاق ان المسألة اليهودية يمكن ان تحل ضمن اطار الراسمالية العفنة وفى ظل سيطرة الامبريالية البريطانية .
وانت تسألنى ، كيف يمكن للاشتراكية ان تحل هذه المسألة ؟ لايمكننى الا ان اقدم فرضيات حول هذا الامر . فحالما تسود الاشتراكية على كوكبنا او على الاقل على اقسامه الهامة ، سوف يكون لديها موارد لايمكن تخيلها فى كل المجالات .وقد شهد التاريخ الانسانى حقبة الهجرات العظمى على اساس البربرية . سوف تفتح الاشتراكية امكانية لهجرات عظمى على اساس التقنية والثقافة الاكثر تطورا . ولاحاجة للقول بأن الامر هنا لايتعلق بتهجير اجباري ، اى ، بخلق جيتوهات جديدة لقوميات معينة ،ولكن بتهجير مقبول بحرية ، او بالاحرى بتهجير طلبته قوميات معينة او اقساما من قوميات . واليهود المشتتون الذين يريدون ان يتجمعوا فى نفس المجتمع سوف يجدون موضعا واسعا وغنيا تحت الشمس . ونفس الامكانية سوف تتاح للعرب ولكل الامم المبعثرة الاخرى . سوف تصبح الجغرافيا القومية قسما من الاقتصاد المخطط . هذا هو المنظور التاريخى العظيم الذى اتصوره . يعنى العمل من اجل الاشتراكية الاممية العمل ايضا من اجل حل المسألة اليهودية .
انت تسألنى عما اذا كانت هناك مسألة يهودية قائمة فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية . نعم مازالت قائمة ، تماما مثل المسألة الاوكرانية ، والجيورجية ، وحتى المسائل الروسية مازالت قائمة . تعوق البيروقراطية كلية القدرة تطور الثقافة القومية كما تفعل بالنسبة للثقافة اجمالا . والاسوأ ان بلد الثورة الاشتراكية العظمى يمر الآن بفترة رجعية عميقة . اذا كانت الموجة الثورية قد احيت أرق مشاعر التضامن الانسانى ، فإن الرجعية الترميدورية قد اثارت كل ماهو متدنى ، ومظلم ومتخلف فى هذا التكتل الذى يضم 170 مليونا من الناس . ولاتتردد البيروقراطية من اجل تعزيز سيطرتها حتى فى ان تلجأ بطريقة نادرا ماتكون غير مكشوفة للميول الشوفينية ، وقبل كل شئ الميول المعادية للسامية . ان محاكمات موسكو الاخيرة ، قد اقيمت ، على سبيل المثال بخطة لايمكن اخفاؤها لاظهار الامميين بوصفهم يهودا متمردون لاعقيدة لهم جديرون بأن يبيعوا انفسهم للجستابو الالمانى .
منذ عام 1925 وخصوصا منذ 1926 سارت الديماجوجية المعادية للسامية ، المموهة جيدا ، وغير القابلة للهجوم عليها ، يدا بيد مع المحاكمات الرمزية ضد مدبرى المذابح المعروفين . انت تسألنى عمااذا كانت البورجوازية الصغيرة اليهودية القديمة قد جرى تمثلها اجتماعيا فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية من المحيط السوفييتى الجديد . واننى بالفعل لفى حيرة من امرى حتى استطيع ان اعطيك جوابا واضحا . ان الاحصاءات الاجتماعية والقومية فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية متحيزة لأقصى حد . انهم لايهدفون لخدمة الحقيقة ، وانما قبل كل شئ لتمجيد القادة ، والرؤساء ، صانعى السعادة . لقد جرى امتصاص قسما هاما من البورجوازية الصغيرة اليهودية من قبل جهاز الدولة الهائل ، والصناعة ، والتجارة ، والتعاونيات ، الخ وقبل كل شئ فى االمراتب الوسطى والدنيا . تولد هذه الحقيقة حالة من الشعور بمعاداة السامية يتلاعب بها القادة بمهارة بارعة حتى يؤطروا ويوجهوا ناحية اليهود خاصة السخط القائم ضد البيروقراطية .
اما بالنسبة لإقليم بيرو – بيدجان فلا استطيع ان اقدم اكثر من تقديراتى الشخصية . لست ملما بهذا الاقليم واقل الماما بالشروط التى احاطت باستقرار اليهود هناك . على اية حال لايمكن ان تكون اكثر من خبرة محدودة . سيكون اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وحده افقر من ان يمكنه حل مسألته اليهودية الخاصة ، حتى ولو فى ظل نظام اكثر اشتراكية من النظام الراهن . واكرر ، ان المسألة اليهودية مرتبطة بشكل لاانفصام فيه بالتحرر الكامل للبشرية . اى شئ آخر جرى عمله لايعدو ان يكون مسكنا فحسب وغالبا مايكون حتى شفرة ذات حدين ، كما يرينا مثال فلسطين . 18 ، يناير ، 1937 .
- 2 –
بعض " البونديين " المدعين قد اتهموننى بأننى اثرت "فجأة " " المسألة اليهودية " واننى قصدت ان اخلق نوعا من الجيتو بالنسبة لليهود . لايمكننى ان افعل غير هز اكتافى وارثى لهم . لقد عشت كامل حياتى خارج الدوائر اليهودية . وقد عملت دائما فى حركة العمال الروس . ولغتى الام هى اللغة الروسية . ولسوء الحظ ، فاننى لم اتعلم حتى قراءة اللغة اليهودية . ومن ثم لم تحتل المسألة اليهودية ابدا مركز اهتمامى .
ولكن ذلك لايعنى ان لى الحق فى ان اتعامى عن المشكلة اليهودية القائمة التى تحتاج حلا . ان " اصدقاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية " راضون بتأسيس بيروبيدجان . ولن اتوقف عند هذه النقطة لأقرر مااذا كانت قد اقيمت على اساس سليم واى نوع من النظم يقوم هناك ( لايمكن لبيروبيدجان ان تفلت من ان تعكس كل سوءات الاستبداد البيروقراطى ) . ولكن مامن فرد تقدمى مفكر ومتفرد سوف يعترض على ان يخصص اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية اقليما خاصا لفئة من مواطنيه يشعرون انهم يهود ، والذين يستخدمون اللغة اليهودية مفضلينها على كل اللغات الاخرى، ويرغبون فى العيش كجمهور مندمج معا .
هل هذا جيتو ام ليس جيتو ؟ خلال فترة الديموقراطية السوفيتية التى اتسمت بالهجرة الطوعية تماما ، لم يكن من الممكن ان يكون هناك اى حديث عن الجيتوهات . ولكن المسألة اليهودية وخصوصا الطريقة التى جرت بها استيطانات اليهود تتخذ مظهرا امميا . السنا محقين فى القول بأن اتحادا اشتراكيا عالميا عليه ان يجعل من الممكن انشاء بيرو- بيدجان لهؤلا اليهود الذين يرغبون فى ان تكون لهم جمهوريتهم المستقلة ذاتيا بوصفها ميدان ثقافتهم الخاصة ؟
لنا ان نفترض ان الاشتراكية الديموقراطية لن تلجأ للتمثل الاجبارى . ولنا ان نتطلع ان تنمحى حدود الجمهورية اليهودية المستقلة فى خلال جيلين او ثلاثة ، مثلها فى ذلك مثل اقاليم قومية كثيرة اخرى . وليس لدى الوقت او الرغبة فى تأمل هذا الأمر . فسوف يعرف اخلافنا بشكل افضل منا ماذا سوف يفعلون . وفى ذهنى فترة تاريخية انتقالية حين تكون "المسألة" اليهودية بوصفها كذلك ،مازالت حادة وتتطلب اجراءات ملائمة من قبل اتحاد عالمى للدول العمالية .
ان نفس طرائق حل المسألة اليهودية فى ظل الراسمالية التى سوف يكون لها طابعا طوباويا ورجعيا ( الصهيونية ) سوف تتخذ معنى واقعيا ومفيدا فى ظل نظام الاتحاد الاشتراكى . وهذا هو مااود ان اشير اليه . كيف يمكن لأى ماركسي اوحتى ديموقراطى متماسك ان يعترض على هذا ؟
1937
***
- 3 –
الصديق العزيز : يحاول الأب كوجلين بجلاء ان يظهر ان التعاليم الاخلاقية المثالية المطلقة لاتحول دون ان يكون الانسان اعظم وغد ، فقد اعلن من خلال المذياع اننى تلقيت فى الماضى مبالغ ضخمة من النقود لصالح الثورة من البورجوازية اليهودية فى الولايات المتحدة . وقد اجبت فى الصحافة بالفعل بأن هذا امر كاذب . فأنا لم اتلق نقودا كهذه ، ليس بالطبع لأننى سوف ارفض دعما ماليا مقدما للثورة ، وانما لأن البورجوازية اليهودية لم تقدم مثل هذا الدعم . وتبقى البورجوازية اليهودية امينة لمبدأ : الا تعطى حتى الآن حينما يتعلق الأمر برأسها . توجه الراسمالية ضربات حانقة وهى مختنقة بتناقضاتها ضد اليهود ، اضف الى ذلك فان قسما من هذه الضربات يقع على البورجوازية اليهودية رغم كل " خدمتها " الماضية للراسمالية . تصبح الاجراات ذات الطبيعة الخيرية اقل فأقل فعالية بالمقارنة مع البعد العملاقى للشر الذى يثقل على الشعب اليهودى .
والان جاء دور فرنسا . ان انتصار الفاشية فى هذا البلد سوف يؤشر لتزايد قوة الرجعية ، ونمو وحشى للعنف المعادى للسامية فى كل العالم ، وقبل كل شئ فى الولايات المتحدة الامريكية . ان عدد البلدان التى تطرد اليهود يكبر بلاتوقف . وعدد البلدان القادرة على استقبالهم يتناقص . وفى نفس الوقت فإن الصراع يشتد ويتفاقم . ومن الممكن ان نتخيل بدون صعوبة ماذا ينتظر اليهود بمجرد ان تندلع الحرب العالمية المقبلة . ولكن حتى بدون حرب يدل التطور التالى للرجعية العالمية بيقين على توجهها نحو التصفية الجسدية لليهود .
تبدو فلسطين كسراب درامى ، وبيربيدجان كمهزلة بيروقراطية . ان المؤتمرات " المناهضة للفاشية " التى يعقدها النسوة العجائز والمهنيين الجدد ليس لها ادنى اهمية . الان اكثر من اى وقت مضى ، فإن مصير الشعب اليهودى – ليس فقط مصيرهم السياسي وانما ايضا مصيرههم الجسدى – مرتبط بشكل لاانفصام فيه بالنضال التحريرى للبروليتاريا العالمية . فقط التحريك الجرئ للعمال ضد الرجعية ، انشاء الميليشيا العمالية ، مقاومة مادية مباشرة للعصابات الفاشية ، الثقة المتزايدة بالنفس ، النشاط والجرأة من جانب كل المضطهدين - يمكن لكل ذلك ان يكون ياعثا على تغيير علاقات القوى ، بحيث يوقف الموجة العالمية للفاشية ويفتتح فصلا جديدا فى تاريخ البشرية .
لقد كانت الاممية الرابعة هى اول من اعلن خطر الفاشية ومن اشار لطريق الخلاص . لذا تدعو الاممية الرابعة الجماهير الشعبية اليهودية الى ان لا تخدع نفسها وانما ان تواجه بصراحة الواقع المنذر بالخطر . يكمن الخلاص فى النضال الثورى فقط . ان " عصب" النضال الثورى ، مثل الحرب ، هو الاموال . لذا يقع التزام على العناصر التقدمية وثاقبة الفكر من الشعب اليهودى وهو ان تهب لمساعدة الطليعة الثورية . الوقت ضاغط . ويوم واحد الان يساوى شهرا او حتى عاما . وما ينبغى ان تفعله ، افعله سريعا !
22 ديسمبر ، 1938
ان مجاولة حل المسألة اليهودية من خلال هجرة اليهود الى فلسطين يمكن ان يرى كما هو بالفعل ، كسخرية درامية من الشعب اليهودى . فقد قامت الحكومة البريطانية المعنية بكسب تعاطف العرب الاكثر عددا من اليهود بتغيير سياستها بحدة ازاء اليهود ، واستنكرت فعليا وعدها بمساعدتهم فى ايجاد " وطنهم الخاص " فى بلد اجنبى . التطور المقبل للاحداث العسكرية قد يحول الى حد بعيد فلسطين الى مصيدة دموية لبعض مئات الالاف من اليهود . لم يكن ابدا ذلك بهذا الوضوح مثلما هو اليوم اى ان خلاص الشعب اليهودى مرتبط بشكل لاانفصام فيه بالاطاحة بالنظام الراسمالى .
يوليو ، 1940
المصدر : ارشيف تروتسكى على الانترنت – مجمع من مطبوعات مختلفة – هنا من المجلد 6 رقم 12 ، ديسمبر 1945 ، المجلد 6 ، رقم 12 ، الصفحات 377 -379 .
https://www.marxists.org/archive/trotsky/1940/xx/jewish.htm
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. جيفري ساكس: الأثرياء يقترضون بفائدة 2% والفقراء بفائدة 5% لأ
.. اللقاء الجهوي الأول لحزب التقدم والاشتراكية حول “منظومة التر
.. كايل أندرسون: كتبت عن الإصلاحات الزراعية وقت حكم جمال عبدالن
.. الريسوني: مسيرة اليوم جاءت للتضامن أيضا مع الصحفيين المستهدف
.. من قلب مسيرة 6 أكتوبر بالرباط في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى