الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإنتخاب الأكثري ..الحارس الأمين لدولة المزرعة والفساد.

خورشيد الحسين

2017 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل أجواء التشاؤم التي يعيشها اللبنانيون وفقدانهم الثقة المزمن في الطبقة السياسية المتحكمة والممسكة بعنق السلطة منذ عقود يراهن الكثيرون ممن بقي لديهم بصيص من أمل على قانون آنتخابي منصف وقادر على تحقيق الحد الأدنى من إيصال أصواتهم الى الندوة البرلمانية علها تحقق بعض التوازن في مواجهة رعيان الطوائف والطائفية والمذهبية والفساد والإفساد والمحسوبيات والمحاصصات والولاءات الأخطبوطية البعيدة كل البعد عن مصلحة ومستقبل الوطن والمواطن.
عمليا بدأ العد العكسي لأجراء الإنتخابات النيابية مما يعني أن الخيارات محصورة بين القانون الحالي التي ترغب فيه وتتمسك به معظم القوى الفاقدة الثقة بنفسها وقدرتها على السير في قانون أكثر عدالة للتمثيل الشعبي لما يشكله من خطورة تعرية حقيقة تمثيلها المضخم وهو القانون الأكثري وإلا فالتأجيل لأقرار قانون الأنتخابات النسبي نتيجة المطالبة به من قبل قوى سياسية فاعلة ومؤثرة سياسيا وشعبيا .
لابد أولا من طرح سؤال حول مقولة صحة التمثيل من خلال القانون الحالي وما هو المقياس و هل هو تمثيل رعاة الطائفية والمذهبية المتجذرة في حركة النظام اللبناني أم أنه تمثيل للقوى السياسية الحية الرافضة لواقع المحاصصات الطوائفية والمذهبية والتي تناضل في سبيل وطن على أنقاض المزرعة القائمة حاليا؟؟؟؟
لنفترض أن الأربعين في المئة والتي تشكل القوى الوطنية والتقدمية والقومية والجمعيات والشخصيات العلمانية ذات الثقل الشعبي موزعة على مساحة لبنان ومع ذلك فإنها تفشل في إيصال نائب واحد الى البرلمان بسبب القانون الأكثري المفصل على مقاس القوى المذهبية والطائفية والتي وبرغم خلافاتها الإستراتيجية ظاهرا إلا أنها تتكاتف وتتحالف في الإنتخابات النيابية يساند بعضها بعضا وتشكل تسونامي ومداحل تغرق وتقضي على أي أمل في التغيير وتغيب نصف المجتمع أو أقل قليلا عن المشاركة في الحكم والسلطة وما الحلف الرباعي إلا نموذجا لذلك ,فأين العدالة وأين صحة التمثيل في ذلك ؟؟؟
لب مأساة القوى التقدمية في لبنان هي في هيمنة وسيطرة القوى المضادة من تحالف الطوائف وآتفاقها على عزل القوى التقدمية ومحاصرتها وفي أفضل الأحوال آستغلالها في مكان ما دون أن ترفع عنها سيفها المسلط في الإستحقاقات المفصلية لأبقاءها على هامش الحياة السياسية أو أفقادها الفعالية والتأثير .
لا تتوقف سلبيات القانون الأكثري على الخلل الكبير في صحة التمثيل وما يترتب على ذلك ,بل يتجاوز ذلك الى ما هو أسوأ,فالتخلف الإجتماعي وانعدام الوعي الوطني والقومي من أبشع نتائجه ,ولا يمكن له أن يساهم في احداث اي تطور اجتماعي او سياسي لآنعدام قدرة القوى الإصلاحية أن تكون في موقع القرار والتأثير في حين يشكل هذا القانون تكريسا للتقوقع المذهبي والطائفي وزعاماتها مما يخلق هوة وتباعدا على المستوى الإجتماعي بين المكونات نتيجة الخطابات التعبوية وهيمنة الفكر الشمولي مما يجعل الوطن دائما في حالة من التوتر والتمترس خلف زعامات الطوائف ومصالحها الشخصية وآرتباطاتها الخارجية لتصبح الدولة مجرد مزرعة يتشارك فيها أصحاب النفوذ يتقاسمونها حصصا ومواقع دون النظر الى مصلحة الوطن والمواطن المغيب الصوت في همروجة الضخ والتعبئة والمذهبية والطائفية ,فالقانون الأكثري ضمانة لهذا الواقع الشاذ وضمانة لمصالح رعاته ومحتضنيه والمتمسكين به بقدر ما هو مقتلا للمواطنة والإنتماء السليم لمنطق الدولة ,في ظل القانون الأكثري لا يحلم أي مواطن لبناني بدولة عادلة خالية من الفساد الذي يبدأ من أعلى الهرم ويتغلغل في مفاصل الدولة ووزاراتها وأداراتها حتى أصغر موظف ,فالكل يحمي الكل والكل يمتلك المناعة الطائفية والمذهبية في وجه القضاء والمحاسبة ,وهذا إفراز طبيعي ,فقانون فاسد لا بد وأن ينتج طبقة سياسية فاسدة ومفسدة ,حيث تبدأ حكاية التموضع في السلطة من إنتخابات يلعب المال فيها دور الرافعة الأساسية مدعوما بالخطاب التعبوي والتحريضي فتتم شراء الذمم والضمائر إضافة الى آستغلال أموال الدولة التي يستطيعون آستخدامها كرشاوي مقنعة للمواطنين من خلال تقديم الخدمات المدروسة آنتخابيا وفق موقع القيميين والوزارات التي يمسكون بها وقدرتهم على آستغلالها بعيدا عن مصلحة المواطن أيضا بل وفقا لمصالحهم ,إذا هذا القانون أس العلة وأس الفساد وأس التمترس خلف الطائفة التي تحمي والخوف من الآخر حيث الوهم يسيطرفي العقل الجمعي لكل طائفة وكل مذهب القائم على الخوف من الآخر ,هي الألغام الذي ترفض الطبقة المتحكمة والمتسلطة أن تنزعها من نفوس المواطنين كي تبقى متربعة على عرشها مطمئنة أن القوى الحية في المجتمع عاجزة أن تصل الى موقع تتمكن من خلاله أن تحدث تغييرا حقيقيا في بينة الدولة وفي مفهوم المواطنة وفي البنية الفكرية والنفسية للأجيال الصاعدة لتعيش في كنف دولة القانون والعدل والمؤسسات .
الحل يبدأ من خلال قانون التمثيل النسبي مبدئيا وفق صيغة تقلل من تأثير المال السياسي والخطاب الطائفي والمذهبي وإفساح المجال لصراع بديل متحضر أدواته برامج وأفكار وليس بذور فتن وتحضير أرضية لصراعات وحروب مستقبلية أو يبقى المواطن يعيش هاجس وقوعها في أي لحظة.فالقانون النسبي المخرج الوحيد لإنتاج طبقة سياسية ,أو في الحد الأدنى يفسح المجال أمام القوى المهمشة والمحاصرة بالوصول الى مواقع الفعل والتأثير في مسار تحديث النظم والقوانين وإنتشال الدولة من وحل الطائفية والمحاصصة وإخراجها من منطق المزرعة الى منطق الدولة والتي لن يقوم لها قيامة دون إلغاء الطائفية السياسية من النصوص ومن النفوس .
فهل تتغلب المصلحة العامة ونضع مستقبل أبناءنا نصب أعيننا ليعيشون في وطن خال من رهاب الآخر والفساد أم سنبقى أسرى قوانين تنتج وتتناسل فسادا وزعامات ليعيش أبناءنا في مزرعة تتقنع بوجه دولة؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة