الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان بين المغالطة والمزايدة

محمد باليزيد

2017 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أفاد خبر نشرته جريدة هيسبريس بتاريخ 10 يناير 2017 (http://www.hespress.com/societe/335096.html )
[[أن الهيئة المسماة "مرصد الشمال لحقوق الإنسان، المغربي"، رصدت إقدام السلطات المغربية في كثير من المدن على "[ توجيه إشعارات كتابية إلى مجموعة من التجار بمنع إنتاج وتسويق لباس "البرقع"، ومطالبتهم بسحبه من الأسواق خلال مدة 48 ساعة من تاريخ توصلهم بالإشعارات المذكورة، "تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام المهلة المحددة، والمنع الكلي لإنتاجه وتسويقه".]
واعتبر البلاغ(بلاغ المرصد)، الذي توصلت به هسبريس، أن قرار السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية قرار تعسفي، وانتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيراً عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية....ويتناقض مع القوانين الدولية ... التي صادق عليها المغرب.."
ويرى المرصد المذكور أن قرار منع اللباس الذي وصفه بـ"الإسلامي"، من طرف مصالح وزارة الداخلية، يأتي في إطار "عمل ممنهج يقضي بتنميط المجتمع المغربي وفق نمط معين.
وخلص البلاغ إلى شجبه الشديد لقرار قيام مصالح وزارة الداخلية بمنع تسويق نوع معين من اللباس (البرقع) بما يتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى عدم قانونية منع البرقع؛ بحيث إن قرار المنع المذكور "لم يستند إلى نص قانوني ولأن المنع لا يكون إلا بقانون من جهة، وهو الأمر المخول للسلطات التشريعية وليس للسلطات التنفيذية". ]] انتهى الاقتباس من هيسبريس.
المطروح للنقاش هنا مسألتين:
* الأولى مسألة البرقع.
** الثانية كيفية تصرف السلطات المغربية.
لنبدأ بالمسألة الأولى:
لقد سبق لي أن ناقشت هذه المسألة في مقالي بالحوار المتمدن (04/10/2009) "الإسلام ومجتمع الأشباح"(الرابط1)، وأرجو من القارئ المحترم الرجوع إليه لأنني لن أكرر هنا كل ما قلته هناك. فالبرقع لباس يربط التدين والإيمان بالمظهر الخارجي كما أننا لا يجب أن نتبالد ونعتبره مجرد لباس، لأن الهدف الأساسي للجماعات الأصولية/السياسية التي تتبنى ذلك اللباس، هدفها من اللباس هو فصل مريديها عن المجتمع مظهريا، وهذه ليست سوى خطوة أولى بعدها يرى هذا المريد أن الذين يختلفون معه هم من طينة أخرى بعدها تأتي مرحلة تكفيرهم. وليس في تحليلي هذا أي مبالغة. فالمرأة المبرقعة (كما الرجل الملتحي) غالبا ما ترى في النساء غير المبرقعات نساء لا يتبعن السنة.... إن التعامل مع "ظاهرة سياسية" ليس هو التعامل مع موجة موضى.
وبعيدا عن الحجج التي يمكن أن تعطي الحق لشخص ما أن يلبس ما يشاء أو الحجج المناقضة التي تجعل لحرية الشخص(على الأقل في اللباس) حدودا، بعيدا عن كل هذا نرى أن البرقع يجب أن يناقش من زاوية واحدة فقط:
كيف يمكن لنا قانونيا أن نسمح لشخص مجهول الهوية أن يتنقل في الشارع العمومي والأماكن العمومية بكل حرية؟ إن شخصا لا يرى الناس المحيطين به وجهه من حقهم التوجس منه. هل تجهل الجمعيات والهيئات والمراصد الحقوقية أن الأمن أصبح بعدا أساسيا من أبعاد العيش المجتمعي؟ كيف يستطيع رجل أمن أو حارس سيارات أو بواب عمارة أن يتعامل مع المبرقعات والمبرقعين؟ إذا كانت في العمارة امرأة واحدة مبرقعة تدخل وتخرج من العمارة دون أن يعرف البواب ملامح وجهها، ألا يمكن أن يستغل ذلك أي لص فيتبرقع ويمر من أمام البواب ثم يفتح باب سكنى المبرقعة بطريقة ما فيقف أمامها في عقر دارها فجأة؟ ألا يمكن للص أن يتبرقع ويضع تحت لباسه سلاحا أبيض ويبتز المواطنين داخل مصعد أو غيره؟ إن هذه الدواعي الأمنية وحدها كافية للحد من حرية ذلك الشخص الذي يرغب في لباس البرق.
إن اعتبار "كل شيء" حرية لا يجب المساس بها دون مراعاة الإشكاليات المجتمعية الأخرى تجعل هذه الجمعيات الحقوقية دون بوصلة وكأنها ببغاوات بليدة تكرر جملة "الحريات.." خارج كل سياق وخارج أية ضوابط.
لنرجع الآن للمسألة الثانية، مسألة كيفية تصرف السلطات المغربية. هنا أتفق مع مطلب المرصد بأن "منع البرقع يجب أن يستند على نص قانوني." فوزارة الداخلية ليست هي المؤهل الأول لملامسة الموضوع. إن المسألة يجب أن يسبقها نقاش مجتمعي فطرح المسألة على الهيئات ذات الاختصاص لتصدر القوانين الملائمة وبعد ذلك تأتي مرحلة التطبيق التي لن تكون فيها وزارة الداخلية فاعلا وحيدا.
المطلوب في نظري هو رفض تجوال الأشباح في الشوارع وفي الأماكن العمومية. كما يجب أن أشير إلى أن الحشمة أو العفة أو ... كل ما يحلو لهم أن يسموها لا تستلزم أن يصير المرء شبحا. والحجاب ليس معني بما أتكلم عنه.


1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186817
2) أتذكر هنا رأي رئيس إحدى البلديات في فرنسا، حيث أثير مشكل السباحة بالبوركيني وسئل:"ما المشكل في أن يسبح الواحد بلباسه في حين الآخرون يسبحون بتبان قصير؟" فأجاب: "المشكل ليس في ذلك اللباس، بل في ما يقف وراءه من أفكار."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار