الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افلاس ميزانية الدولة العلية

مؤيد عبد الستار

2017 / 1 / 12
كتابات ساخرة


ما ان فرغ جحا من اخر بند من بنود الميزانية ، وادخل فيه كلفة علف حماره ، الذي خصص له مائة مليون دولار ، حتى صاح صاحبه البرتكيشي باعلى صوته :
- الله واكبر ، ماكو انصاف .. ماكو مروة !مائة مليون دولار علفا لحمارك يا جحا ؟
فما كان من جحا الا ان يرفع قلنسوته من فوق رأسه وينظر الى السماء ويصيح :
- الهي .. اريد منك ان تنتقم من كل سارق افاق زنيم .. سرق عبادك .. وسرق بلادك .. وسرق اهل بيت رسول الله .
تنحنح البرتكيشي والتفت الى جحا متسائلا باستنكار وألم :
- ليش تدعي على اخيار الناس .. ليش ما عندك ضمير ؟
فما كان من جحا الا ان ينزع قلنسوته ويهوي بها على رأس البرتكيشي ويصليه بسيل من السباب والشتائم :
- يابرتكيشي .. يا من لا تخشى في الله لومة لائم ..ألست الذي سرق سراج الامام من ضريح ابي الهيجاء ..؟ ألست من سرق السجادة الحمراء من ضريح السيدة العذراء ..؟
ألست من سرق ابريق الماء من مسجد الاولياء ...؟
حدق البرتكيشي في وجه جحا وضرب على رأسه بجمع كفيه وقال :
- ياللعار .. يا جحا .. أنا الذي سرقت ..!!
انا لم اسرق وانما اخذت ما احتاج اليه لكي اشبع بطني واقضي على فقري واطعم عيالي !
هل تحسب هذا سرقة ؟!
انه عمل خير اردت به انقاذ ابنائي وسد رمق اهلي .
فمن اولى بهم مني .. يدفع عنهم غائلة الجوع والفاقة .
وبينما هما كذلك في اخـذ ورد .. وهزل وجـد ، دخل عليهم الازرق بن الاقحوان ، صاحب ديوان الوالي ومحتسب الخراج ، وكان في ذلك الزمان يوازي بمكانته وزير المالية ومدير الضريبة ومفتش عام الوزارات وهو ركن من اركان الدولة العلية ، له شأن ومنزلة لا ينالها الا من ضحكت له الدنيا الفانية ضحكة الغنج والعافية .
قال لهما الازرق بن الاقحوان : السلام عليكما ،
ها انا قدمت لتوي من ديوان الخراج .. وقد اوفدني الخليفة اعزه الله وامرني ان ابلغكما بدفع ما ترتب برقبتكما من خراج الى خزانة الوالي .
فرد جحا السلام بفتور ، بينما رحب البرتكيشي بالازرق ابن الاقحوان ترحيبا حارا .
همس جحا بصوت خفيض قائلا :
- لاحول ولا قوة الا بالله .. يالهذا الصباح ! كيف الخلاص من قبضة جلاد النقود وقصاب الجيوب وناهب الاموال وسالخ الجلود !!
سمعه البرتكيشي ، فهمس باذنه قائلا :
- اذا تعهدت بعدم افشاء السر في قابل الايام سادفع عن رأسك ورأسي ما يطلبه صاحب الخراج واغلق فمه حتى العام القادم .
فما كان من جحا الا ان يسأله بتعجب :
- ولماذا لغاية العام القادم ؟ ادفع له لتسكته مدى الدهر وكان الله يحب المحسنين .
وهكذا كان ، دفع البرتكيشي مليون دولار لصاحب خراج الوالي ، ومنذ ذلك اليوم اغلق جحا فمه
ولم يستطع بعد ذلك ان يذكر البرتكيشي الا بخير .
وهو عين ما حدث لاصحاب المال و النزاهة في امر ميزانية العام الحالي بعد ان صادق عليها والي البلاد ، وما العتب الا على جحا الذي صمت دهرا ولم ينطق كفرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص


.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود




.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا


.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب




.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع