الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشهد العنف الدائم في العراق

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2017 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مشهد العنف الدائم في العراق
ادهم ابراهيم 

العنف الاجتماعي هو سلوك عدواني يتخذه الفرد او مجموعة افراد في مواجهة الآخرين ، ويستند على الكراهية وانكار الآخر . . والذي يهمنا هنا هو مسيرة العنف التي لازمت المجتمع العراقي منذ ثورة او انقلاب 14تموز1958 وحتى يومنا هذا . ولكي لانطيل الحديث ومن دون مقدمات اخرى نبدأ من هذه الثورة او الانقلاب .
تحت شعار القضاء على الرجعية واذناب الاستعمار ، قام كل من الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف ، وبعض الضباط الاخرين بهذه الحركة الانقلابية للاطاحة بالحكم الملكي ، فتم قتل الملك والوصي ورئيس الوزراء المخضرم نوري السعيد ، ورهط غير قليل من اقطاب السياسة . ليتم اعلان الجمهورية 
لم يمضي وقت طويل حتى تم اتهام عبد السلام عارف بمحاولة الانقلاب على الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس وزراء الحكم الجمهوري . وزج به في السجن . . وعندئذ برزت التناقضات الجوهرية بين رفاق الامس ، الذين ساندوا الثورة او الانقلاب على الحكم الملكي ، واعني الحزب الشيوعي وجماهيره من جهة ، والاتجاه القومي العربي الذي تزعمه فيما بعد حزب البعث ومؤيدوه ، من جهة اخرى . وقد بدأ الخلاف الشكلي على موضوع الوحدة العربية . . الا انه في الحقيقة كان الخلاف اعمق من ذلك ، حيث ان كلا الطرفين كان يطمح الى السلطة . وقد ادرك عبد الكريم قاسم هذا الخلاف بين الطرفين ، فحاول استغلاله للاستئثار بالحكم . فقرب الشيوعيين بادئ ذي بدء بهدف القضاء على التيار القومي العربي ، الذي رفض بشدة ابعاده عن السلطة . فحاول الانقلاب عليها بحركة العقيد عبد الوهاب الشواف عام 1959 . . وقد ادى القضاء عليها الى اندلاع الحرب الاهلية الاولى في العراق بين الاتجاهين او التيارين القومي والشيوعي . فقتل العديد من ابناء الشعب في الموصل وكركوك وبغداد . ثم استقر الامر لزعامة عبد الكريم قاسم ، الذي توجس خيفة من الشيوعيين ، ورغبتهم في الوصول الى السلطة . . فبقي فوق الميول والاتجاهات على حد زعمه .
وبعد فترة من محاولة اغتياله الفاشلة ، تمكنت قيادات حزب البعث من القيام بعملية انقلابية دموية ، اطاحت بعبد الكريم قاسم ، والشيوعيين معا في شباط عام 1963 واعدم عبد الكريم قاسم في محطة الاذاعة العراقية ، كما قتل الآلاف من الشيوعيين وانصارهم في الشوارع ، واعتقل العديد منهم ايضا .
وفي تشرين الثاني من نفس العام ، اطيح بحزب البعث ايضا من قبل عبد السلام عارف ، الذي مثل الاتجاه الناصري العربي ، فقتل العديد من البعثيين ومؤيديهم ، وزج الباقين منهم في السجون 
وبعد مقتل عبد السلام عارف بحادث طائرة في البصرة ، تسلم اخوه عبد الرحمن عارف مقاليد الحكم من بعده . وقد اتسمت فترة حكمه بالهدوء السياسي ، وجرت انتخابات ديموقراطية للنقابات والجمعيات ، فاز في اغلبها الاتجاه اليساري آنذاك .
بعدها اندلعت الحرب العربية الاسرائيلية عام 1967 ، والتي سميت بنكسة حزيران . وكان من افرازاتها غضب الشعوب العربية على حكامها . فعاد حزب البعث بزعامة احمد حسن البكر الى السلطة بانقلاب عسكري على الرئيس عبد الرحمن عارف وذلك عام 1968 . . ثم بعد ذلك باكثر من عشرة اعوام ، انقلب صدام حسين عليه ، فهيمن على حزب البعث الحاكم ، بعد ان اعدم بعضا من رفاقه في القيادة . ثم دفع بالعراق الى حروب ذهب ضحيتها الآلاف من خيرة ابناء الشعب العراقي في حرب الخليج الاولى مع ايران . ثم في حرب الخليج الثانية بعد غزو الكويت . ونتيجة للغزو الطائش للكويت ، تم حصار الشعب العراقي لمدة تزيد على العشر سنوات . وقد كان حصارا جائرا عانى منه الشعب الامرين ، والذي لم يمر بسلام ، حيث جرى بعد ذلك احتلال العراق عام 2003 . فقتل الالاف من المدنيين والعسكريين من جراء هذا الاحتلال .
وبعد اسقاط النظام تبوأت الاحزاب الاسلامية والكوردية والمعارضة الحكم في العراق . . فتم حل الجيش . واجتثاث البعث ، الذي كان يهدف في حقيقته اجتثاث الفكر القومي العربي في العراق . . والا لكان بدل ذلك احالة من ارتكب جرائم بحق الانسانية الى المحاكم . مثلما جرى في جنوب افريقيا مثلا .
وعلى كل حال فان ذلك قد ادى الى صراع بعض القوى المتضررة فكريا وماديا ، مع السلطة . وقد استغلت القاعدة، وهي حركة اسلامية متشددة ، هذا الصراع ابتداء". وبعد القضاء عليها من قبل الصحوات  ، جاء تنظيم الدولة الاسلامية او ما يسمى داعش فاحتلت اراض شاسعة من ارض العراق . وقد ساعد على ظهورها وتوسعها السياسة الفاشلة التي اتبعها المالكي في محاولته للاستئثار بالحكم ليكون القائد الضرورة الثاني بعد صدام . وقد فشل في ذلك فشلا ذريعا، وادى بالعراق الى ان يخوض حربا شرسة اخرى ، ذهب ضحيتها الالاف من خيرة شباب العراق . كما ادى الى ضياع ثروة العراق الطائلة التي كانت تحت يده . . ولا زالت الحرب قائمة الى يومنا هذا ، وما زال نزيف الدم مستمرا 
من هذا الاستعراض السريع لمسيرة العراق السياسية خلال الستين عاما الماضية ، نرى ان الصراع بقي مستمرا ، الا انه يأخذ منحى مغايرا في كل مرة . وقد نتج عن هذه الصراعات ، وفي كل مرة محاولات لزج عموم الشعب فيها ، وذلك عن طريق تشكيل منظمات عسكرية شعبية ، فتم البدء بالمقاومة الشعبية ، ثم الحرس القومي ، فالجيش الشعبي ، واخيرا الحشد الشعبي . . وكأن التاريخ يعيد نفسه . فلا الشعب استفاد من تجاربه الدامية المريرة . ولا النخبة حاولت العثور على نقاط الالتقاء او مد الجسور ، بدلا من اثارة النزاعات ، واشاعة الفرقة . فمن هو المسؤول عن كل ذلك . هل هو الشعب الذي يدفع النخب السياسية الى الاتجاهات المتصارعة . ام ان الزعامات الحزبية والفئوية تستغل الشعب للوصول الى السلطة 
ولكن السؤال يبقى يلح في الاذهان متى سنكون قادرين على ايقاف دوامة الدم ، والعنف ، والعنف المضاد 
ادهم ابراهيم 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاريخ كامل بشجونه
علي عدنان ( 2017 / 1 / 12 - 17:41 )
ما الذي تفعله صديقي العزيز؟؟؟؟
هل تلخص تاريخ وطننا منذ الحكم الملكي لغاية الان ببعض السطور الغريبة الطرح ؟؟؟؟
كيف لانقلاب 58 هو بهذه البساطة لقتل العائلة المالكة ونوري سعيد وكيف للفاشيين البعثيين وهم يريدون الاستيلاء على السلطة من اجل شهوات ذاتية اثبتها سلوكهم المشين واللااخلاقي الذي ساروا عليه طوال حكمهم الدموي هم في صراع مع قوى شعبنا الحية المسالمة واولها عبد الكريم قاسم؟؟؟ تساوي بين الاثنين وكان الجلاد هو الضحية احيانا؟؟؟
ثم تنهي كتابة تاريخ وطننا بمقارنة عجيبة وغريبة في ان بين الحشد الشعبي الذي يتراكض ويتسارع اليه العراقيين من اجل القضاء على الارهاب وبين الجيش الشعبي ابان حكم طاغوت البعث وهومنظمة يلقى القبض فيها على العراقيين اللذين لايريدون الخدمة فيها اي منظمة فاشستية كاي تنظيم اخر افرته دكتاتورية البعث المجرمة


2 - تقبل الاخر
ادهم ابراهيم ( 2017 / 1 / 12 - 19:01 )
تحية طيبة
هل ترغب ان تتطابق وجهة نظرك مع رايي .هناك مليون راي بهذا التاريخ . الغرض من هذا الموضوع النقد الذاتي ، لاننا لا نقبل الاخر ونتعامل مع الاراء المختلفة بانفعال واحيانا بكره . انا لم اشبه الحشد الشعبي باي فصيل الا فيما يتعلق باستخدام الشعب في الصراعات . ولماذا اعترضت على الجيش الشعبي ولم تعترض على المقاومة الشعبية مثلا هذه انتقائية . انا معك الجيش الشعبي كان اكبر خطيئة بتاريخ العراق . مثله مثل الحرب مع ايران وغزو الكويت . كلها سببت لنا هذه الالام التي نعيشها الان . ارجو ان يكون الحوار متمدن وغير انفعالي . تقبل وجهات النظر الاخرى مثلما تقبلت مع الامتنان وجهة نظرك . تحياتي


3 - انت لم تتقبل وجهة نظري بتاتا
علي عدنان ( 2017 / 1 / 12 - 21:30 )
وتقارن صديقي العزيز بين المقاومة الشعبية التي لم تقتل او تسلرق او تظطهد او تحارب وبين يد البعث الفاشي والمجرم والجيش الشعبي الارهابي؟؟؟ اعد قراءة مقالك سيدي لتجد انك حجمت تاريخ بلدنا بكل ماسيه وارهاصاته وشجونه ببعض سطور غير موضوعية تماما ساويت فيها بين القاتل والمقتول وبين السارق والمسروق وبين الجاهل الفاشي وبين المثقف الشريف البمسالم
لا اراء اخرى حول الحكم على القاتل والمجرم والذي اهان العراق وشعبه واخترع مقابر جماعية لاوجود لها الا في اجندته الفاشية والمجرمةظ؟؟ نظام البعث الفاشي مرحلة سوداء وقبيحة في تااريخ امتنا العراقية لايستطيع لايستطيع اي انسان الدفاع عنها الا اذاكان يحمل حقدا دفينا ضد شعبنا ووطننا


4 - تقبل الاخر
ادهم ابراهيم ( 2017 / 1 / 12 - 22:16 )
يسعدني جدا خطابك الهادئ الان . انا ياسيدي لست قاضيا حتى احكم على القاتل.كل ماهنالك كانت محاولة لي ربما لم ترق لك . . ولكنني كنت ارغب في ان اوجه الانظارالى العنف . فكفانا قتلا احدنا للاخر بحجج شتى .الآن نحن لدينا عدو مشترك داعش واخواتها ومن يناصرها او يساعدها . بعد الخلاص من هذا العدو الظلامي . . اطمح في ان ارى تفاهمات مبنية على التنازلات المتبادلة للوصول الى حلول تضمن لنا معايشة الجميع في وطن يعمه الامن والسلام . هل هذا حلم بعيد المنال . ونحن تعلمنا منكم فعلا حبنا للسلام

اخر الافلام

.. انتشال رجل إطفاء مصاب علق بين الجبال أثناء مشاركته في إخماد


.. مبادرة شبابية في غزة لتركيب أطراف بدائية من الخشب لمبتوري ال




.. ابتعدت عن الأضواء.. من هي فيكتوريا ستارمر سيدة بريطانيا الأو


.. علامات خطيرة بعد عمر الـ 60 قد تدل على إصابتك بألزهايمر




.. أسئلة وضعها البيت الأبيض.. استقالة مذيعة أميركية أجرت مقابلة