الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلافة ..بين العثمانيون والداعشيون

رياض حسن محرم

2017 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بسقوط الخلافة العثمانية على أيدى كمال أتاتورك بتركيا فى 1924 طويت صفحة الخلافة حتى الآن، اللهم من يعتبرون أن الدولة الإسلامية داعش 2014 فى الرقة والموصل هى مرحلة جديدة من بعث الخلافة الإسلامية.
دامت الإمبراطورية العثمانية لحوالى 8 قرون منذ أن أسس لها "عثمان الأول بن طغرل" فى 1299 وطيلة هذا التاريخ إمتزج عالمها بالمؤامرات والدسائس والفتن كما يظهر نذر من ذلك فى المسلسل التركى "حريم السلطان"، وجاء غزوها لمصر على يدى السلطان الدموى "سليم الأول" الذى توجه بجيوشه قاصدا فتحها فأعلن المماليك النفير العام وخرجوا مدججين بأسلحتهم وخيولهم لملاقاته حيث دارت الحرب بينهما فى منطقة مرج دابق بشمال سوريا وهزم المماليك وقتل قائدهم " قنصوة الغورى" بعدها توجه سليم قاصدا مصر فدارت معركة كبيرة فى منطقة الريدانية بالقرب من القاهرة حيث تم دحر المماليك والقبض على قائدهم "طومان باى" الذى أبدى بطولة فائقة فى القتال وقبل إعدامه على باب زويلة دارت بينه وبين السلطان سليم مناظرة شهيرة دونها المؤرخ الشيخ "أحمد بن زمبل الرمّال" فى كتابه "آخرة المماليك" الذى دققه الكاتب الصحفى صلاح عيسى، وهى مناظرة طويلة تم خلالها تبادل الشتائم بالعورات وأثبت فيها طومان باى عمق ولائه للأرض.
فى أثناء ذلك قدّم شريف مكة مفاتيح الحرمين الشريفين الى السلطان سليم إعترافا بخضوع الأراضى المقدسة لسلطته وتنازل آخر خلفاء بنى عبّاس "محمد المتوكل" من القاهرة عن الخلافة لسليم الأول الذى أصبح من وقتها يلقب بخليفة المسلمين ويحمل لقب أمير المؤمنين وعارضه بعض المتشددين بدعوى أن الخلافة يجب أن تكون فى قريش، وبعد أن توفى سليم الأول فى 1520 تولى العرش بعده إبنه السلطان "سليمان القانونى" الذى أكمل فتوحاته وخصوصا فى أوروبا فاستولى على بلغراد ثم على رودس فالمجروالنمسا وبولندا، وتمكن من إنتزاع تونس وطرابلس الغرب من الأسبان وبعدها اليونان ثم باقى دول أوروبا الشرقية وقبرص وإستطاع الإستيلاء على صنعاء ومعظم دول آسيا الوسطى، وبعد رحيل سليمان القانونى وتولى سليم الثانى السلطة بدأ الضعف يصيب الدولة العثمانية وإنتشر تمرد الإنكشارية فاضطر العثمانيون الى عقد صلح مع الصفويين فى إيران وبدأت رحلة التحلل وإستعّرت ثورات الشعوب فى مواجهتها وظهرت حركتان إستقلالياتان الأولى فى مصر "على بك الكبير" والثانية فى فلسطين "ضاهر العمر"، وطمع الفرنسيين فى مصر فقاموا بحملة لإحتلالها هى "الحملة الفرنسية" التى قاومها المصريين ببسالة وشراسة بينما تحالفت روسيا وبريطانيا مع الدولة العثمانية لطرد الفرنسيين من مصر، فى هذه الأثناء ظهرت الحركة الوهابية بالجزبرة العربية بقيادة "محمد بن عبد الوهاب" بدعوته الى تطهير الإسلام من البدع والشوائب، وبخروج الفرنسيين من مصر إستطاع الشعب المصرى بقيادة علمائه ومشايخه تنصيب "محمد على" واليا وبعد أن تخلص من المماليك إنقلب على العلماء ثم تفرغ لبناء مصر الحديثة ولكنه إحتفظ بالحبل السرى مع دولة الخلافة فى تركيا، وقام محمد على وبتكليف من السلطان محمود بتجريد حملة عسكرية للقضاء على الوهابيين بالجزيرة العربية وأرسله أيضا لإخماد الثورة فى اليونان والقضاء على تمرد الدراويش فى السودان.
على غرار ما قام به محمود الثانى فى تركيا من القضاء على الإنكشارية إستطاع محمد على التخلص من المماليك فى مذبحة القلعة، وبالرغم من إنتهاء الخلافة العثمانية رسميا عام 1924 على يدى مصطفى كمال أتاتورك لكن حلم الخلافة بقى حيا فى الوجدان الشعبى حيث كانت تمثل للعامة رمزا للقوة والمنعة والعزة للمسلمين، ولعلنا نذكر كيف تبنى الحزب الوطنى "مصطفى كامل" فكرة الجامعة الإسلامية كرمز للخلافة، وتبنتها كذلك جماعة الإخوان المسلمين، وداعبت الفكرة مخيل كثير من قادة العالم الإسلامى باعتبارها واجبا شرعيا ظل يمتد زمنيا حتى وصل الى الجماعات الإسلامية المتطرفة فأعلن تنظيم القاعدة مبايعته للملا عمر زعيم طالبان أميرا للمسلمين، وفى الخمسينات أنشأ " تقى الدين النبهانى" حزب التحرير الإسلامى المنادى بإقامة الخلافة الإسلامية، وجاءت النقلة النوعية بظهور داعش "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" وإعلان أبو بكر البغدادى نفسه خليفة للمسلمين بالتأكيد على نسبة نفسه الى قريش باعتباره "هاشميا حسينيا" تحت شعار هذا وعد الله ومعتمدا أبشع أساليب القتل والتهجير والسبى والتكفير بوصفه ظل الله على الأرض، وتعتمد داعش على العناصر التاريخية للخلافة باعتبارها الهدف الأسمى للمسلمين لذلك يلبسون الأسود رمز الدولة العباسية وويرفعون بيارقا تنسب الى الرسول محمد، ولكن يبقى السؤال هل هزيمة داعش والقضاء على دولتها المزعومة ينهى فكرة الخلافة؟، لقد إنقسم الأندلس الى أكثر من 20 دويلة من بنى الأفطس وذى النون وبنى العباد تحارب بعضها بعضا ويتحالف معظمهم مع الصليبيين الكفار ما جعل "إبن حزم" أن يتبرأ منهم جميعا ويقول عنهم (ألقاب مملكة فى غير موضعها..كالقط يحكى إنتفاخا صولة الأسد) ومازال الكثيرين يبكون زوال الأندلس، لقد أعطانا التاريخ الإنتقائى المزيف صورة نرجسية خيالية عن الخلافة الإسلامية ولهذا نمشى برقاب معكوسة ناظرين الى الوراء باعتبارها يوتوبيا سعيدة لإرتباطها بالدين وبصفة المستبد العادل، إن مشروع داعش هو بلاشك مصاب بجنون العظمة ولكنه يستند الى فكرة هى أكثر بكثير من مجرد خيال.
لقد أدت هزيمة 1967 وفشل النظم العربية القومية الى صعود تيار الإسلام السياسى الحركى وإحياء جماعة الإخوان المسلمين التى أنشأها حسن البنا فى 1928 على فكرة إعادة الخلافة الإسلامية معتمدا الى تجربة الشيخ والأمير التى إتبعها محمد بن عبد الوهاب وذلك بتحالفه مع الملك فاروق ومحاولته تنصيبه خليفة للمسلمين وإدعاء أن نسبه يمتد الى الرسول، ولكن جاءت أيديولجية "سيد قطب" فى الستينات بزعم أن المجتمعات الإسلامية عادت مرة أخرى الى الجاهلية الأولى مستقيا أفكاره من "أبو الأعلى المودودى" عن المصطلحات الأربع وعلى رأسها فكرة الحاكمية "أى الحكم لله وحده" ونقض جميع النظم التى تعتمد على الديموقراطية بصفتها كفر وإلحاد ومنها تناسخت جميع التنظيمات الجهادية فى النصف الثانى من القرن العشرين وعلى رأسها بالطبع تنظيم القاعدة وداعش، وتمسكها بالدولة الدينية على خلاف الدولة المدنية التى إستبدلت الحاكمية "من وجهة نظرهم" بالسيادة والمواطنة للشعب وخصصت احتكار الدولة للعنف وإستبدلت حكم الله بحكم الشعب والكتاب المقدس بالدستور والسلام الوطنى بدلا من التراتيل وإلغاء عقوبات الرجم وقطع الأعضاء وإعتبار البرلمان بديلا للحكم الإلهى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المستقبل لمن؟
ركاش يناه ( 2017 / 1 / 12 - 19:47 )

المستقبل لمن؟
________

مع وصول تيار الإسلام السياسى الحركى إلى ذروته الحالية ، ممثلا فى الاخوان و الازهر و الوهابية كألات للتفريخ ، و البترو دولار كشريان الحياة ، و كأفراخ ترتع فى العالم ذبحا و رعبا و تقتيلا : طالبان - حماس - حزب الله - القاعدة - داعش - بوكو حرام - الشباب - الجماعة الاسلامية - قاعدة المغرب ... و شظايا أخرى عديدة ، يطرح العالم - و تطرح مصر اسألة:

العالم يسأل : إلى متى الصبر على كل هذا الدمار و القتل و التخريب ؟

و مصر تسأل : هل سنزول من جغرافية و تاريخ العالم ، ام سنستطيع النهوض مرة اخرى كدولة محترمة - و أمة خَيِرة بالعمل لمائة عام لتخفيض التعداد إلى 15 مليون نسمة ، و خفض معدلات الفساد من 100 % إلى 20 % ، و فصل الدين عن العمل العام ؟

شكرا للاستاذ الكاتب ، و لعله يعالج الأسئلة المطروحة فى مقال قادم

....


اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني