الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماة الدفاع عن مادة التربية الإسلامية يهاجمون وزير التعليم بالمغرب

مصطفى عنترة

2006 / 1 / 10
حقوق الاطفال والشبيبة


ما هي الأسباب التي كانت وراء قرار تقليص ساعات تدريس مادة وحصص التربية الإسلامية بمختلف مسالك الباكالوريا ؟ وهل تريد الأصوات المحتجة على قرار وزارة التربية الوطنية ضرب فلسفة الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي توصي بتقليص ساعات بعض المواد كالتربية الإسلامية؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل ثنايا الورقة التالية.

لا تزال ردود الفعل ضد قرار وزارة التربية الوطنية بشأن تقليص ساعات تدريس مادة وحصص التربية الإسلامية بمختلف مسالك الباكالوريا
متواصلة.

* القــرار
أصدرت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية في هذا الشأن بيانا شديد اللهجة، اعتبرت فيه قرار الوزارة المذكورة بكونه يمثل اعتداءا سافرا وتجاوزا غير مفهوم المقاصد لميثاق التربية الوطنية الذي أكد أن نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية يهتدي بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية إلى تكوين المواطن المتصف بالاستقامة والمتسم بالاعتدال والتسامح، وأضافت الجمعية أن قرار وزارة التربية الوطنية يعد انقلابا وتعطيلا لعمل وطني توافقي تجسد في الكتاب الأبيض الذي كان نتاج حوار واسع.
ووصفت الجمعية في نفس البيان هذه الإجراءات بكونها انحرافا واضحا عن التوجيهات الملكية القاضية بإعطاء التربية الإسلامية المكانة اللائقة بها في تحصين الأبناء من كل انحراف أو تطرف أو فهم سيئ للدين في زمن تزداد فيه رغبة التلاميذ إلى إشباع حاجاتهم الفطرية للتدين وتزداد معها لهجة الميوعة والتنصر والعلمنة على بلادنا.
وكانت مديرية المناهج بقطاع التربية الوطنية التابع لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي قد أصدرت وثيقة تهم المواد والحصص الأسبوعية بمختلف مسالك الباكالوريا، إذ تم خصم ساعتين من السنة الأولى لمسلك الآداب و العلوم الإنسانية، وخصم ساعتين من اختيار الآداب بالنسبة للثانية، وخصم ساعة من جميع المسالك العلمية والتقنية، وتدريس المادة في ساعتين مرة كل أسبوعين.
وقد طالبت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية الوزارة المعنية بمراجعة قرارها الذي وصفته بالخطير، كما ناشدت جميع هيآت المجتمع وفعالياته وعلمائه قصد تحمل مسؤولياتهم ضد سياسة التهميش والإضعاف الممارس اتجاه مادة التربية الإسلامية التي تطلع بدور أساسي داخل المنظومة التربوية في الحفاظ على الهوية والمقومات الحضارية...
مما لا شك فيه أن قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي لن يمر دون أن ترتفع مجموعة من الأصوات المحافظة للتنديد بهذا القرار، إذ سرعان ما خرج البعض منها لإبراز مخاطره هذا بالرغم من تطمينات الوزير الوصي على القطاع بكون مادة التربية الإسلامية لن تتعرض للتقليص، لكن ما هي الأسباب الخفية والمعلنة التي كانت وراء قرار الاتحادي الحبيب المالكي؟

*الانــخراط:
من المؤكد أن الأحداث الإرهابية التي عاشتها بعض المواقع العالمية ومنها على وجه الخصوص المغرب دفعت العديد من البلدان إلى التفكير في مراجعة منظومتها التعليمية والتربوية، اعتبارا لما تمثله المدرسة من أهمية في تكوين النشء وأيضا لكونها أحد المداخل الأساسية لإصلاح المجتمع.
فهذه الأحداث أضحت تفرض على بعض البلدان الإسراع في إصلاح تعليمها من حيث المناهج والبرامج.. وكذا تنقية منظومتها التربوية من كل الأفكار الداعية إلى العنف أو التطرف في أفق تحديثها وجعلها مدخلا للمواطنة، العقلانية، الحداثة والنسبية وما شابه ذلك من القيم الحضارية والإنسانية النبيلة.
إن الأحداث الإرهابية التي كانت بعض العواصم العالمية مسرحا لها هي التي جعلت البعض يوجه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية ممارستها مجموعة من الضغوطات على بعض بلدان الشرق الأوسط الكبير لدفعها لمراجعة منظوماتها التعليمية.
فالمغرب بدوره سينخرط في هذه الدينامية ـ لكن قبل هذه الأحداث وتحديدا منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي ـ بعد أن نبهت تقارير البنك العالمي إلى خطر التدهور المستمر لنظامنا التعليمي الذي اقترب إلى حد الإفلاس، وهكذا تم التكفير في اتجاه دفع القوى الحية بالبلاد للجلوس قصد وضع ميثاق تعليمي بإمكانه إخراج التعليم من عنق الزجاجة التي كان يتسم بها. وقد عرفت هذه الخطوة الفشل في محطة أولى قبل أن تنجح، نسبيا، في محطة ثانية ضمن لجنة ملكية عهد إليها إعداد الميثاق الوطني للتربية والتكوين تحت إشراف المستشار الملكي مزيان بلفقيه، لكن بعد الأحداث الإرهابية التي ذاق المغرب مرارتها أصبح إصلاح التعليم في طليعة القضايا الكبرى للبلاد التي وجب الاهتمام بها لارتباطها بالديمقراطية والتنمية المستديمة.

*التحـــول:
اعتبر الحبيب المالكي في رده على رسالة الاستقلالي أبو بكر القادري أن التربية الإسلامية واللغة العربية مادتين استراتيجيتين في مناهجنا وبرامجنا التربوية والتعليمية، ويتم تلقينها في مجموع المستويات الدراسية من الابتدائي إلى الباكالوريا، فهي لم تغب ـ يضيف الوزير ـ عن كل أنواع التخصص في الوقت الذي لا يتم فيه الشروع المبكر في تدريس عدة مواد أخرى أساسية كالتاريخ و الجغرافيا وعلوم الأرض والعلوم الفيزيائية، بل وتختفي في بعض التخصصات بسلك الباكالوريا.. على مستوى الوقت المخصص للتربية الإسلامية في الابتدائي والإعدادي والثانوي هناك 884 ساعة، بينما تحظى مواد النشاط العلمي وعلوم الأرض والحياة والعلوم الفيزيائية بحصة 714، وأقل من ذلك لحصة مواد التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة التي تستغرق فقط 417 ساعة.
وقد نفى الوزير الاتحادي أن تكون مادة التربية الإسلامية قد شهدت تحجيما لحصصها مع العلم بأن الوثيقة الصادرة عن مديرية المناهج بقطاع التربية الوطنية التي تهم المواد والحصص الأسبوعية بمختلف مسالك الباكالوريا لا تبتعد عن ذلك.
لقد جاءت فلسفة الإصلاح، كما هو معلوم، بعدة مفاهيم كالتخفيف، المرونة، التدرج، التوجيه..، كما تم الاعتماد على التدريس بالكفايات لجعل التلميذ يستخدم العقل.. عوض المضامين، إضافة إلى أن مادة التربية الإسلامية تدرس في المراحل الثلاث أي الابتدائي، الإعدادي والثانوي، مما يجعل حصصها خاضعة للنقصان من مرحلة إلى أخرى.
فشعبة الدراسات الإسلامية قد رأت النور في سنوات الثمانينات من القرن الماضي بعد إلغاء شعبة الفلسفة على خلفية سياسية، حيث شهد قبل ذلك معهد السوسيولوجيا بالرباط إقفال أبوابه.. وقد لجأت الدولة إلى هذه السياسة لمحاصرة المد التقدمي خاصة بعدما اتضح لها خطورة هذه الشعبة(أي الفلسفة) في تمكين الطلبة من مجموعة من المعارف المتقدمة، وذلك في إطار مغازلة الأصولية من جهة وخلق التوازن السياسي بين التيارات الإسلامية والتقدمية التي كانت تبسط هيمنتها على القطاع التلاميذي والجامعة من جهة أخرى. لكن الظاهر أننا نسير في اتجاه استبدال الدراسات الإسلامية بالفلسفة خاصة بعدما تبين وجود تضخم وإشباع في الأولى.
خلافا لهذا وذاك نعتقد أن الأمر أبعد من ذلك، إذ أن الانتقال إلى المدرسة العقلانية أصبح، اليوم، حاجة ملحة تفرضها تطورات العصر.. وهذا الانتقال يبدأ من إعادة النظر في المناهج وتطهيرها من كل الأفكار الماضوية الداعية إلى التطرف والعنف.. وينتهي برسم وظيفة جديدة لمدرسة المستقبل.
وتبقى التجربة التونسية رائدة في مجال تحديث وعلمنة منظومتها التربوية داخل منطقة الشرق الأوسط الكبير، إذ استطاعت تونس تحت قيادة الوزير التعليم السابق الشرفي هيكلة تعليمها والقطع مع المدرسة السلفية التي تعلم النشء التعصب الديني واللاتسامح..
الظاهر أن الجهات التي احتجت على وزارة التربية الوطنية تريد ممارسة نوع من الضغط عليها لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ذلك أن البعض ألف استغلال حصص مادة التربية الإسلامية لتمرير مجموعة من الطروحات والأفكار المناصرة لتيارات سياسية معينة لم تعد خافية على علم أحد.. وقد سبق أن لبعض المدرسين أن تجندوا زمن حكومة "التناوب التوافقي" على سبيل المثال لا الحصر لتوظيف حصص مادة التربية الإسلامية للهجوم على الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية داخل أقسام السلك الإعدادي والثانوي.
أكيد أن الأصوات التي تعالت هذه الأيام للاحتجاج على وزارة التربية الوطنية تحاول جاهدة ممارسة نوع من الابتزاز وبالتالي عرقلة الإصلاح الذي يستمد روحه من فلسفة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهي بالتالي تسير ضد التيار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: