الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بركان

فؤاد علي منصور

2006 / 1 / 10
الادب والفن


رسائلي/6
بركان
عام مضى.. وآلاف الأيام مرت....
وإلى الآن أبحث عنك ,أفسرك ,أفسر عمري, أفسر قلبا... ملكني وهزمني....
إلى الآن أبحث عن بقايا من بقاياك, أبحث في الوجه الذي أراه في يقظتي, عن ذاك السر المروع الذي يجعل العينين... براقتين متلألئتين مترأرئتين..... أبحث عن ذاك النبض الذي يصرخ, يضج ,يعلن وصول الحبيب, ويعلن الرضا بقبوله ملكاً بلا منازع
أبحث في الحبيب عن حبيب فقدته, وفقدني... أمضغ أيامي وساعاتي وثواني عمري. وأحاول ازدرادها... ولكنها تعلق بين قلبي
وبين وهمي وبين فمي... وأحاول سرقة لحظات لم أعشها... أحاول نسج قصائد لم أكتبها... أحاول عناق حبيب لم يعد مَلكي, أحاول بث الحياة في شراييني وفي أوردتي....
ولكنه أخذ الساعات والأيام واللحظات والقصائد والأحاسيس والدماء, وأبقى لي في صدري خنجراً جميلاً ساحراً يذكرني باليد البيضاء البضة التي زرعته بنعومة وثقة في صدري.
أبحث في الحبيب عن حبيب كان قمري, وكان ضحكي وسروري ,كان الروح التي سرت في روحي , كان الأمل الذي ظل المارد المحبوس ينتظره دهرا ,لعلن خلاصه وتحريره , لقد حررت المارد المحبوس ,فتحول إلى مارد مشلول .
عام مضى.. وآلاف الأيام مضت
وإلى الآن أشم عطرك , أسمع صوت أنفاسك ,أتكلم معك أحاورك ,وتشاركيني أحاديثي المترعة بالعشق ,ألمس يدك ,أداعب شعرك.... ثم أستيقظ من يقظتي لأجد الحلم المفزع, لأجد الفراغ الذي أُسقطت فيه
يا أملي: نشوتي لا تبلغ حدها إلا بك, زوريني متى شئت, زوريني في اليقظة, زوريني في أي وقت تشائين, فقد تكون زيارتك دواء, وقد تكون زيارتك تعميقاً للجراح , وقد تكون زيارتك ألما مبرحاً!!!!
لن أحملك مسؤولية مصيري, لن أحملك مسؤولية النهاية, لأن حبنا بدأ من النهاية وانتهى فيها....
النهاية التي أعيشها كنت أفكر فيها منذ زمن طويل ,كنت أدركها وأدرك أنها ستحصل إن لم تكن كذلك فستكون أسوأ بكثير
أنا أرضخ.. أنا أقبل... أنا أستسلم لكل ما حصل, وأستسلم لكل ما سيأتي... فحسبي أيام قضيتها, حسبي نظرات.... حسبي كلمات أحسست بها, ولم تقولي منها إلا اليسير
تلك الأيام.. أيام بأعوام ,بل بعقود ,بل بدهور
تلك الأيام.. أيامي.. عشتها.. استنزفتها حتى ثمالتها
بقي منها الكثير... كثير حدث, وكثير لم يحدث, وكلاهما في قلبي وفي عقلي, وفي ذاكرتي إلى الأبد..
لا أدري ماذا أكتب؟ هل أكتب حزني؟؟ أم ألمي؟؟ أم فجيعتي؟؟ لا أدري....
الحب لم ينته بعد, ولكن القصة انتهت.
عماذا أكتب؟ عن الحب أم عن قصته؟
أكتب عن الحبيب أم عن القتيل؟؟ لا أدري
سأكتب عن وجهك الكريستالي... عن دفئك... سأكتب عن الحب وسأترك القصة.
لم أكن أعلم ـ وإن كنت علمت فلم أفهم ـ أن الحب قادر على كل شيء, قادر على قلب كل الموازين, قادر على قلب الحقائق, قادر على تغيير كل المعادلات البديهية التي تعلمناها...
قادر على تفجير بركان من أنامل نملة, قادر على خرق جدران فولاذية بلمسة أو همسة!!
قادر على جعل قوانين الطبيعة أموراًً خرافية لا تصدق!! وقادر على جعل الخرافات حقيقة بسيطة...
وببساطة أيضاً جعلني حبك أفقد توازني وبوصلتي, وأفقد كثيراً من قناعاتي, وأغيّركثيراً من أهدافي, وأنسى أكثر مفرداتي..
جعلني حبك طيراً, جعلني موجة ,جعلني طفلاً أخرق, جعلني قلماً يرسم بكل الألوان, جعلني أخف وزناً, وزاد من ضربات قلبي, وأشعل الشيب في رأسي , وجعلني سائقاً متهوراً, وجعلني حبك معلماً يسأل تلاميذه : ماذا يصنع الحب؟؟؟؟؟
جعلني حبك يا سيدتي مارداً............ مشلولاً
جعلني حبك يا سيدتي إنساناً حائراً....
أعطاني حبك.. الدفء والنار... أعطاني السرور والدموع.. أعطاني التحرر والطيش... أعطاني حبك الكثير.
وعلمني حبك مرارة الهزيمة.. وطعم الانكسار.. وطغيان الطوفان.
علمني حبك أن في القلب دقات حائرة مترددة تظهر فجأة.. تعلن حزمها وقوتها وجبروتها, وتحول الغابة إلى حريق, وتنسف البيوت, وتكسر الزجاج, وتمحو المعالم, وتذر القلب مهشما... تلعب به الرياح من كل جانب, ثم تسكن!!! فكأن شيئاً لم يحدث!!
كأن لم يكن هناك ثورات ولا انتفاضات ولا براكين, ولم تحدث أي زلازل.. ومع ذلك يتمسك القلب البائس بهذه الدقات, ويقبل اليد التي تحركها!!
أدهشني في حبك سرعة التقلبات الجوية والحركات الفلكية, أعلم ـ مدرسياً ـ أن الشتاء بارد ,وأن الربيع أخضر, وأن الأشياء تسقط من الأعلى إلى الأسفل, وأن الماء مكون من عنصرين , وأن النار تحرق ,, و... و... و
ولكن هذه المعلومات ـ في قاموس الحب وحبك أنت ـ هي معلومات وهمية زائفة باطلة!
فالشتاء معك أدفأ الفصول, والربيع أحمر, والسقوط بين يديك يحدث للأعلى ولكل الجهات, والماء مكون من نبيذ وتفاح ويانسون وثلج ولوز وسكر... عندما يكون من شفتيك, والنار لا تحرق بل تجعل القلب يزهر وينبض بصوت عال!!
الحب ـ حبك ـ رغم مرارته أجمل الفصول, وأجمل الأيام...
عام مضى.. وأسأل نفسي كل يوم: أيّ الذي حصل حقيقي؟؟ وأيّ شيء جرى؟ أيّ حب...حبنا؟؟؟
سأظل أحبك رغم الأحوال الجوية, سأظل أفكر في الإجابات, وسأكتب اتهاماتي لك ولحبك, وسأفتش من جديد عن جديد أكتبه عنك, وسأكتب عن البراكين والزلازل والمارد المشلول والوجه الكريستالي واليد البيضاء, سأعيد وأكرر في ذاكرتي كل لحظة عاشت معنا , كل كلمة نطقت بها شفتانا...
إلى الآن, وإلى كل الأزمنة المستقبلية...ستبقين في حياتي.. سراً.. ونجمة.. وزهرة.. وبركاناً.. وزلزالاً.. وثورة انتصرتِ فيها على... حبيب لا يتقن فن الدفاع عن القلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض