الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيران وصنافير مصرية بحكم المحكمة الإدارية

احمد البهائي

2017 / 1 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


تيران وصنافير مصريتان ليس بقوة القانون والدستور ، بل بقوة ولادة عملية جراحية دقيقة اجتمعا فيها الحتم الجغرافي والحتم التاريخي معا ، استعانا في الولاده بقانون الحركة الاول الذي اعطى للجغرافية أمامية خشبة مسرح الاحداث والافعال والمؤثرات ، الذي مهد للولاده بتغير الحالة السكونية الى حركه نشطة فاعلة ، ليرسم ويخطط على جغرافية الرمال ملامح دقيقة في صورة كائن فريد استعاب منطق الحقائق والاوضاع والتفاعلات الجغرافية ، ليأتي دور قانون الحركة الثالث ليتحقق عمليا على ارض الجغرافيه بان كل الافعال لابد لها من ردات أفعال تتساوى معها في مقدار القوة وتتضاد معها في الاتجاه ، وحيث ان التاريخ هو الشئ المحرك فإن على الجغرافية ان تهيئ نفسها لتكون مسرحا مكانيا للتاريخ ، وان تأخذ معدلات سرعته وزوايا اتجاهه، ليعلنا أن تيران وصنافير مصرية.

هذا الحدث يذكرني برواية الاديب الكبير توفيق الحكيم ، ويجعلني استرجع شئ من مقاطعها ، واخص منها ذلك الحوار الرائع الذى دار بين مفتش الرى الإنجليزى وعالم الآثار الفرنسى عن الشخصية المصرية من خلال الفلاح المصرى ، وثوريته الكامنة بداخله التى ما تلبث ان تخرج كالمارد حين تهان كرامته الوطنية ومقدساته ودفاعا عن ارضه ، ليقول على لسان عالم الآثار الفرنسى: ** .. نعم ان هذا الشعب الذي تحسبه جاهلا ليعلم اشياء كثيرة, لكنة يعلمها بقلبه لا بعقله !.. ان الحكمة العليا في دمه ولا يعلم !.. والقوة في نفسه ولا يعلم !.. هذا شعب قديم : جئ بفلاح من هؤلاء واخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة, من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدري !.. ** امة اتت في فجر الأنسانية بمعجزة الاهرام لن تعجز عن الاتيان بمعجزة اخري او معجزات !.. امة يزعمون انها ميتة منذ قرون, ولا يرون قلبها العظيم بارزا نحو السماء بين رمال الجيزة !.. لقد صنعت مصر قلبها بيدها ليعيش الأبد ..! ** تلك العواطف التى كانت تجعل من هذا الشعب المصرى كله فرداً واحداً، يستطيع أن يحمل على أكتافه الأحجار الهائلة عشرين عاماً ليبنى الهرم ، وهو باسم الثغر مبتهج الفؤاد ، راض بالألم فى سبيل المعبود . إنى لموقن أن تلك الآلاف المؤلفة التى شيدت الأهرام ، ما كانت تساق كرهاً كما يزعم " هيرودوت " الإغريقى عن حماقة وجهل .. وإنما كانت تسير إلى العمل زرافات وهى تنشد نشيد (المعبود) ، كما يفعل أحفادهم يوم جنى المحصول . نعم كانت أجسادهم تدمى ، ولكن ذلك كان يشعرهم بلذة خفية ، لذة الاشتراك فى الألم من أجل سبب واحد ! ..

قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ، ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية واستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير ، وقد قال المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة، في كلمته قبل النطق بحكم قضية تيران وصنافير إن المحكمة " أجابت على جميع الدفوع وردت على ما أثير حول احتلال مصر للجزيرتين وأكدت أن مصر ليست خريطة رسمها خطاط وأن جيش مصر لم يكن جيش احتلال ولم يخرج عن حدودها إلا للدفاع عنها ".

اذاً تيران وصنافير مصريتان ، رغم كل ما قدمته حكومة الاتفاقية من إثباتات وأدلة وخرائط لم تقنع بها المحكمة الإدارية العليا ، فحكومة شريف اسماعيل ، ليست فاشله سياسيا واقتصاديا فحسب بل فاشلة وطنيا وانتمائيا وأمنيا وأخلاقيا وقانونيا ودستوريا ، ويجب عليها ان تقدم إستقالتها على الفور، هكذا عهدنا في تلك الحالات ، ولدينا مثل ونموذج قريب حي ، فعندما دعا رئيس وزراء بريطانيا كاميرون الشعب للإستفتاء على البقاء في اتفاقية الاتحاد الاوروبي ، وكانت النتيجة " بلا " ، مع العلم بأنه كان من المؤيدين والداعمين للبقاء في الاتحاد ، لم يتردد في تقديم استقالته بعد نتيجة الاستفتاء على الفور ، قائلا "البريطانيون صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي ويجب احترام إرادتهم وإن بريطانيا بحاجة إلى قادة جدد " ، هكذا ننتظر من تلك الحكومة اذا كان شعارها احترام القانون والدولة والشعب كما تدعي ، بالاضافة الى ذلك ، حكومة شريف لم تستطيع رغم ما قدم لديها من تسهيلات وامكانيات القيام ببديهيات عملها " ضبط الاسعار والتحكم في الأسواق " ، فكيف يمكن لها أن تدير الدولة ، اذا حكومة فاشلة، حكومة شعارها دائمآ وابدأ " العربة قبل الحصان " .

نطلب من رئيس الدولة السيسي الخروج عن صمته ويحدد موقفه من حكومته حكومة شريف ، فهي تنقلنا من فشل الى فشل على جميع الصعد "سياسيا،اقتصاديا،امنيا" وما نخشاه ان نجد انفسنا امام طوفان قاتل نموج فيه دون نجاة ، فالاغلبية العظمى من المصريين اصبح الان لديهم اعتقاد راسخ ان تلك الحكومة جاءت للإنتقام من الشعب ، فمنذ توليها اهانة الدستور 6 مرات ، اخرها قضية الجزيرتان" تيران وصنافير" ليس بالتفريط ونقل السيادة عليهما فقط ، بل بخلق ازمة دستورية ، حيث غولت السلطة التنفيذية على القضائية ، والان الصدام الناشئ بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية ، هذه الحكومة لا تقال فحسب بل يجب ان تحاكم حسب القانون المصري ، فقانون العقوبات المصري توجد به مادة (77) تتطابق بعقوبتها على تلك الحالة ، فالمادة ( 77- د) تنص على ان " يعاقب بالسجن اذا ارتكبت الجريمة فى زمن سلم , وبالاشغال الشاقة المؤقته اذا ارتكبت فى زمن حرب .( 1 ) كل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الاضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى فاذا وقعت الجريمة بقصد الاضرار بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى أو بقصد الاضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة فى زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة فى زمن الحرب ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأى حال على جريمة من هذه الجرائم اذا وقعت من موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة "، هل يعقل من قيام ثورتين ان تباع مصر بالقطعة ؟! .

فالمدرسة القديمة مازالت هي المتحكمة والحاكمة في الاختيار، ونحن ندور في حلقتها المغلقة ، الوزير الاول المكلف برئاسة الحكومة " شريف اسماعيل " كان وزيرا للبترول ومن نفس الاسطف القديم في فريق عمل وزارة " محلب " ، اذن ما الجديد ، علينا أن نعلم أنه في حالة الاختيار من الوزراء القدامى لشغل حقائب وزارية في التشكيله الجديدة ، أن الحال سيبقى كما هو دون تغيير، هل يعقل أن بلد بحجم مصر ليس بها رجال يصلحون أن يكونوا وزراء الا من لجنة السياسات والصف الثاني والثالث من حرس نظام مبارك القديم ، أين الشباب ، نحن نريد وزراء يجيدون فن ادارة الأزمات ، ومعنى الحوكمة والياتها داخل مؤسسات الدولة لبتر الفساد والمفسدين ، فتلك المرحلة دقيقة للغاية وفي غاية الاهمية فنجاحها نجاح المستقبل وفشلها يعني ضياع جيل واجيال اي ضياع الدولة ، فالانجاز ليس بعدد الوزراء ، بل بالقرار الحكيم ، واوله القضاء على الفساد وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين ، ومن هنا نطالب بان تشكل حكومة مصغرة ، تجيد حمل الحقائب " حكومة أزمات " هدفها وضع الحلول الكاملة وليس أنصاف الحلول التي عهدناها من الحكومات السابقة والتي فشلت في تحقيق الحد الأدنى من احتياجات ومتطلبات المواطن الفقير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة