الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستحقاقات سيؤجل حلها

تقي الوزان

2006 / 1 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يعرف العراقيون جيداً أن سبب غدر الحكومة الامريكية بهم وعدم مساعدتهم في انتفاضتهم الجبارة عام 1991 بعد أن حرضوهم عليها هي بسبب الوجوه التي رفعت الشعارات الطائفية , وحاولت أن تصادر الانتفاضة وتحرفها عن الاهداف التي قامت من أجلها .أضافة لدخول رجال الحرس الثوري الايراني وتصدرهم للمشهد في الجنوب . مما أثار مخاوف الامريكان ودول الجوار من ان ينتهي العراق بيد النظام الطائفي الايراني . فتركوا صدام وقواته للفتك بالمنتفضين . وكلنا نذكر الوحشية التي مارستها قطعان الحرس الجمهوري في القضاء على الانتفاضة . وذكر الاعلام الامريكي والعربي في وقتها وبكل وضوح : عدو ضعيف ومعروف أفضل من عدو غير معروف وخلفه ايران .
كنا نعتقد ان البشاعة التي مورست في قمع الانتفاضة , والجرائم التي ارتكبت على مدى سنين حكم البعث , والدماء التي فُجرت من شرايين الوطن المذبوح ستكون العلامات المضيئة , والهادية , لسلوك الدروب الانسانية التي تقنع الأخرين بمساعدتنا في الوصول الى تخوم معيشة البشر , والتي افتقدناها لما يقارب النصف قرن .
وعادت دورة الأخطاء , وتسلم مسؤولية أتخاذ القرار من يعتبر الدولة جزء من ممتلكاته الشخصية , والأنتخابات وسيلة لخداع وأقناع الاخرين . والامريكان من جانبهم ليسوا على عجلة من أمرهم . وخسائرهم لاتزال تحت السيطرة , وليس كما يصورها الاعلام , والامريكان لن يجبروا شعب وجه ناخبوه لأنتخاب زعماء لايدركون حقيقة الصراع الدولي الجاري على ساحتهم . وسرعان ما أخذوا يتصارعون على النفوذ والمراكز والكسب غير المشروع . وتتسابق مليشياتهم لفرض شروط أقسى على واقع المجتمع , ولتثبت لولي الامر أيهم الاسرع في تطبيق سيناريو الثورة الايرانية , وأقامة نظام ديني موالي لأيران . وبعكس ما أراده المراجع الكبار في النجف , وعلى رأسهم السيد علي السيستاني وما أكدوه على وحدة وسلامة العراق .
الامريكان أعادوا نفس اللعبة , ومدوا أيديهم الى القتلة من البعثيين , والمتضررين من سقوط النظام السابق . وأذ فهم العالم موقف الامريكان في المرّة الأولى وأتهمهم عن حق بالغدر والنذالة عندما تركوا المنتفضين وحدهم يواجهون مصيرهم الدموي المحتوم مع صدام بسبب رفع الشعارات الطائفية . اليوم يتفهم العالم أيضاً حقيقة موقفهم بالدفاع عن مصلحتهم ومصلحة المنطقة ووحدة العراق المهددة . ونافياً عنهم صفة الغدر والنذالة رغم أحتلالهم للعراق . ولا أحد قدم خشبة الأنقاذ للقتلة من البعثيين أكثر من سياسات بعض الطائفيين من الشيعة .
الصراع الايراني الامريكي أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في سير العملية السياسية في العراق . والتجاذب بين مصالح الدولتين يجد أنعكاسه الواضح في تموج هذا السير , ويحيطه بالكثير من الادوات التي يمكن أستخدامها حسب حاجة كل من الدولتين . وبدون أي أعتبار لمصلحة الطرف العراقي . وما من شك من أن التجاذب الذي يتصاعد حول الملف النووي الايراني مثلاً , سيجد أنعكاسه في تفاعلات العملية السياسية العراقية .
أن تلاقي الدعوات لأقامة حكومة وحدة وطنية من قبل هذه الاطراف المتصارعة . هو لتجميد حالة الصراع , أو تأطيره بالتريث لغاية ما ستسفرعنه تفاعلات الشهورالقادمة . وعلى الأرجح سيتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية , وبغض النظر عن أعتماد الأستحقاق الأنتخابي أو عدم أعتماده . وستكون حالة التربص ومراقبة الاخر هي الأهم .
الديمقراطيون والعلمانيون يعوّلون من جانبهم على تشكيل مثل هذه الحكومة . أملاً منهم بتثبيت أسس وتقاليد ديمقراطية تساعد في أنقاذ الناس من دهاليز الظلام التي دفعوا أليها . وتؤسس لقيام دولة قوية تستطيع تطبيق سلطة القانون وتنتشل المجتمع من سلطة المليشيات, وتسير بالعراق نحو الافق الارحب .
وفي كل الأحوال ستبقى الحالة قلقة ما دام التربص هو سيد الموقف . ولن تكون حالة تأسيس وتثبيت كما يرجى لها . وستكون أمتداد للمرحلة الأنتقالية , وتأجيل حل الكثير من الأستحقاقات . وأهمها ايقاف المشروع الطائفي الهادف الى تقسيم العراق , ومعالجة الوضع الأمني , والمعيشي , ومكافحة الفساد .
والخوف هو أن يتصور زعماء بعض الأحزاب الشيعية الممثلين للجانب الايراني من أن مليشياتهم تستطيع أن تلحق الهزيمة بالقوات الامريكية عندما يطلب منها ذلك . وتقودنا الى حرب خاسرة جديدة , تكون دوافع صدام في شن حروبه العبثية أكثر معقولية منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم