الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين طه حسين وعلي جواد الطاهر

شكيب كاظم

2017 / 1 / 17
الادب والفن


يعد الدكتور طه حسين (1889 – 1973) من الشخصيات الثقافية والفكرية التي اهتمت كثيرا باساتذتها، عرفانا بالفضل وقياما باداء الواجب، واجب التذكير والتنويه والاشادة بهذه الجهود التي بذلها هؤلاء الاساتذة الافذاذ، في تقديم ما تختزنه عقولهم وافئتهم من علوم ومعارف وجعلها في متناول طلبة العلم.


لم يقف الدكتور طه حسين عند اساتذته من شيوخ الجامعة المصرية الاهلية في العقدين الاول والثاني من القرن العشرين، بل وقف – كذلك- عند اساتذته من المستشرقين والاجانب، ممن قاموا بالتدريس في الجامعة المصرية القديمة التي اسست عام 1980 وهو اذ يذكر اسماء اساتذته في الجامعة المصرية، فانه يعزف ويعزب عن ذكر اسماء هؤلاء الاساتيذ، يوم ذهب الى باريس للدراسة في السوريون على نفقة الدولة، اذ ينسبهم الى المادة التي يدرسونها، قائلا : استاذ التاريخ استاذ الفلسفة وهكذا وحتى وهو يصف لنا اختلاء اللجنة الممتحنة له لغرض تقرير الدرجة التي يستحقها، فأنه يعزب عن ذكر اسمائهم قائلا (فضل من شجاعة واستحياء من الرفاق ومن زوجته التي كانت تشهد الامتحان، ومن سائر النظارة لاصطكت اسنانه ذعرا وهلعا، ولكنه ثبت للخطب على كل حال، وان رأى الاساتذة والنظارة ان فرائصه كانت ترتعد، وانه كان شديد الاضطراب، وثابت نفسه اليه حين سكت عنه استاذ التاريخ، واخذ استاذ الفلسفة في منافشته وجرت ريح الامتحان له رخاء حتى رفعت الجلسة، وخلت اللجنة للمداولة وعادت بعد لحظات، فاعلن رئيسها، وهو استاذ التاريخ ان الكلية ترشحه لدرجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الممتازة ومع تهنئة اللجنة).
تراجع ص 40 من كتاب (مذكرات طه حسين) الذي نشرته دار الاداب، بيروت، الطبعة الاولى، شباط / فبراير/ 1967.
ومن يقرأ كتابه الرائع (الايام) او مذكراته، يلمس حب طه حسين واحترامه لاساتيذه من المشايخ المصريين، والاجانب من المستشرقين وغيرهم.
ولقد ذكر بالخير من يستحق الذكر بالخير، كما ابان الكثير من ضعف الشخصية وقلة المعلومات لدى عدد اخر من الاساتذة، الامر الذي اغرى بهم طلبتهم من المشاكسين، فعبثوا ما شاءت لهم المعابثة، واوقعوهم في مواقف فيها الكثير من الحرج وانشداد الاعصاب للتخلص مما اوقعوهم فيه من احراج.
وإني اذ اتناول بحديثي هذا، علاقة طه حسين بأساتذته وحديثه المستفيض عنهم في المرجعين اللذين اشرت إليهما آنفا، او في الكثير من لقاءاته الصحفية او الاذاعية او التلفازية، فأني لأجد من الضروري، ان اشير الى جهد مماثل قام به استاذي الدكتور علي جواد الطاهر (1919 – 1996) إذ عقد فصولا اضافية وممتعة عن عدد من اساتذته من نهل على اياديهم الكريمة العلم في معاهد الدراسة والتعلم، او من الذين اثروا تفكيره ومحصوله من خلال قراءته لجهدهم الفكري والثقافي المنشور في الصحف او المجلات او الكتب، ونشر هذه الفصول في صفحة (آفاق) من جريدة (الجمهورية) في سنوات الثمانين من القرن العشرين، تحدث في هذه الفصول عن عدد من هؤلاء الأساتيذ: الدكتور مصطفى جواد، والدكتور مهدي البصير، والاستاذ طه الراوي، والأستاذ محمد احمد المهنا، وعد من الصنف الثاني – اي من الذين قرأ لهم – الدكتور طه حسين ذاته، والدكتور محمد غنيمي هلال، والدكتور محمد صقر خفاجة والأستاذ طه احمد ابراهيم وغيرهم، حتى اذا تهيأ من هذا المنشور ما يسمح بجمعه ونشره في كتاب يحفظه من عاديات الزمن والذاكرات المثقوبة لبعض من تتبخر المعلومة من ادمغتهم حال تركهم للمقروء اهتبل ذلك، ونشره في كتاب مهم وجدير بالقراء وعنوانه (أستاذتي: ومقالات اخرى) صدر عام 1987 عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد.
ومن المعروف للدارسين والقراء الجادين، ان استاذنا الطاهر، كان شديد الأعجاب بطه حسين، الذي يعده استاذا له وهو القائل: (وأول ما يتبادر الى ذهنك انك تلميذ لطه حسين، وعليك واجب الوفاء، لم تكن تلميذا له في صف او مدرسة او اي مكان محدد بسياج، ولكنك كنت تلميذا لأستاذ علمك معنى ان يكون الأديب مبدعا (…) وقد تفوق تلميذه من هذا النوع تلمذة من ذاك النوع). – تراجع ص74 من المرجع المشار اليه آنفا.
ولعل من اوائل من سمع طه حسين، وتتلمذ على اياديهم استاذه الشيخ الاكبر الشيخ سليم البشري، الذي تولى مشيخة الجامع الأزهر زمنا، فذهب طه حسين بصحبة استاذه الألماني (ليتمان) واغتنم طه حسين هذه الفرصة ليدخل في لجلاج ومخاصمة معه، الأمر الذي جعل الشيخ سليم البشري يقول له متضاحكا، نهاية المحاضرة، ما شاء الله، ما شاء الله، فتح الله عليك وأشقاك بتلاميذك كما يشقى بك اساتذتك!
يصف لنا طه حسين اساتذته، فكان منهم المطربشون والمعممون او الذين سبقت العمامة الى رؤوسهم، ثم انحسرت عنها، وحل محلها الطربوش وكان منهم الصارم الحازم الذي لم يكن ثغره يعرف الإبتسام إلا قليلا والمازح الباسم الذي لم يكن وجهه يعرف العبوس إلا نادرا، وكان منهم ذو العلم الوافر الذي يبهر ويسحر ويذكي القلوب والعقول، وذو العلم الضحل والثقافة الرقيقة الذي يخلب باللفظ، ثم لا يكون وراء لفظه الخلاب شيء ذو بال (…) وكان منهم من يخلب بلفظه العذب ودعابته الساحرة وعلمه الغزير. كان منهم اسماعيل رأفت، رحمه الله، ذلك الذي لم يكن يعرف من طلابه إلا انهم يحملون رؤوســــــا يجب ان يصب العــــــلم فيها صبا (تراجع من 64 من كـــــتاب (مذكرات طـــــه حسين).
وكان من اساتذته حنفي ناصف، وكان كله ابتساما وكله تواضعا وكله فكاهة، على غزارة في العلم وأصالة في الفقه وكان الطلاب يكلفون به اشد الكلف، وكان حنفي ناصف علم من اعلام الثقافة المصرية بداية القرن العشرين، وخلف اكثر من علم، ابنه المفكر عصام الدين حنفي ناصف، (1900 – 1969) الذي اصدر العديد من الكتب، موضوعة ومترجمة لعل من اجرئها وأروعها كتابه (اليهودية: بين الاسطورة والحقيقة نشوء وتطور العقيدة الموسوية) نشرته دار المروج في بيروت عام 1985، وقرأته في شهر آب/ 1986 ولعل من المؤسف ان تذكر دار النشر الجادة والرصينة هذه، ان غالب كتبه نفدت من المكتبات ولا توجد نسخ منها إطلاقا ولهذا لم تتمكن الدار من إعطاء بيانات عن الناشر او المطبعة او سنة الطبع! ترى هل في مصر من يبحث عن كتب هذا العلم الذي طواه الدهر، ويعيد طبع بعض كتبه، ام على عقول اقفالها؟! وكانت للاستاذ حنفي، ابنة اسمها (ملك). النسائية العربية الى جانب عائشة التيمورية (1840 – 1903) التي لقبت بـ (باحثة البادية) شقيقة العلامة احمد تيمور باشا (1871 – 1930) وعمة الروائي والقاص المصري المعروف محمود تيمور (1894 – 1973) فضلا على الاديبة ماري الياس زخور زيادة المعروفة اختصارا بأسم (مي زيادة) وكان من اساتذته فضلا عن الذي ذكرت: الشيوخ سيد علي المرصفي، ومحمد الخضري، ومحمد سلطان، واستاذ النحو ومن الداعين الكبار لتيسيره إبراهيم مصطفى، والمستشرق الايطالي كارلو الفونسو نللينو (1872 – 1938).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت


.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-




.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و