الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نواب الجبهة الشعبية يركنون مرة أخرى لخيار اسناد استقرار المنظومة القائمة على حساب مصلحة الشعب

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2017 / 1 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


نواب الجبهة الشعبية يركنون مرة أخرى لخيار اسناد استقرار المنظومة القائمة على حساب مصلحة الشعب.
الفساد ينخر مؤسسات الدولة طولا وعرضا، هذا واقع لا يختلف فيه اثنان في تونس ، حتى من ال"بندارة" ومن نعامات السياسة يمينا ويسارا ، وهو لا ينتظر أعلانا من الرفيق الناطق الرسمي باسم كتلة الجبهة الشعبية ، ولا يستوجب بيانا من الرفيق "ولد الشعب" ،طالما تحكمنا منظومة اقتصادية واجتماعية أساسها الفساد في توزيع الثروة وملكية وسائل إنتاجها ، وكذلك الأمر بالنسبة للخراب الذي يضرب أحزاب الحكم وأجنحتها المختلفة وفيما بينها وبين بعض وفيما بينها وبين مؤسسات وأجهزة الدولة وهيئاتها ، ومنها هيئة الحقيقة والكرامة والهيئة العليا للقضاء وحتى مؤسسة البرلمان ...الخ، هذه وقائع لا جدال فيها .
ولكن أن يحاجج رفاقنا "المؤتمنون" افتراضا على دمقرطة الحكم في تونس ، وإشاعة المشاركة الشعبية في مراقبة أجهزة الدولة وأروقة الحكم ، عبر فرض الشفافية وتحرير معلومة التصرف في المالية العمومية وطرق وأشكال التصرف فيها ، وإخراجها إلى دائرة الضوء من تحت القناطير المقنطرة من الأوراق المحبرة بالأرقام المبهمة وتحاليل "الخبراء" التي تغلفها من كل حدب وصوب ، تصويتهم الصارم والمنضبط ضد "مشروع بعث لجنة برلمانية للتحقيق في فساد هيئة الحقيقة " بكون الكتلة التي قدمت المشروع تضمر تمشيا تآمريا ضد الهيئة ؟ وبكونها غير جدية في التصدي للفساد الذي ينخر أغلب مؤسسات الدولة الأخرى ؟؟ فهذا لا يتعدى كونه تبرير هزيل ومسقط للعجز البرلماني للرفاق النواب "المؤتمنون" على النهوض بمهمة تصحيح مسار الحكم الحالي بما يخدم مصلحة من لا والي لهم.
رفاقنا الأعزاء إن المعركة ههنا لا ترتبط بقضية كشف الحقيقة واستعادة الكرامة ، كما لا تتعلق بالانتصار تصويتيا لاحدى كتلتي اليمين الحاكمتين ، بقدر ما تتمحور حول اقتناص اللحظة لتعرية زيف منظومة الحكم الحالية وعدم قدرتها على التعبير عن مصالح المفقرين وعموم الشعب الكادح المسلوبة أرادته والمغيب قسرا عن المشاركة في أدارة الشأن العام ، عبر محاصرة أجهزة ومؤسسات التنفيذ المختلفة وتشديد الرقابة عليها من خلال مؤسسات الشعب المنتخبة وممثليهم .
ان الأغلبية البرلمانية الحاكمة "زورا" باسم أغلبية الشعب خدمة لمصالح أقلية متخفية متمعشة ومستولية على مصائر البلاد والعباد ، تشهد صراعا ، وتعارضا وقتيا في المصالح بما يسمح للأقلية البرلمانية من توسيع رقعة تدخلها ترجيحا للكفة لصالح عموم الشعب الكادح ، حتى ينكشف أمامه زيف شعارات المنظومة القائمة وعدم قدرتها على تمثيله وتمكينه من حكم نفسه بنفسه أو عبر ممثليه المنتمين عضويا لمآسيه وأحلامه ، رفاقنا أما كان الاجدر بكم التصويت من أجل بعث "بجنة برلمانية للتحقيق في فساد الهيئة" فتحا للباب وتمهيدا بعث لجان برلمانية أخرى وأخرى تتسع وتنتشر بقدر أتساع الفساد في كل مؤسسات الدولة ؟ ولا يهم كثيرا جدية هذه اللجان والداعين لها ، كما لا يهم مدى نقاؤهم وتمسكهم بمعركة مكافحة الفساد ، ولا يهم كثيرا نتائج عمل هذه اللجان (التي على الأغلب ستنتهي إلى النسيان مثل سابقاتها ) الذي لن يختلف عن عمل مجلس النواب ككل وفق توافقات وحسابات أغلبيته القائمة ، ولكن ما يهم حقا دفع التناقضات بين مؤسسات منظومة الفساد وأجنحتها الى أقصاها ، استغلال لحظة تصدع وحدتها من أجل تمكين الشعب عبر نوابه المنتخبين من فرض رقابته على مؤسسات الدولة "المبهمة" ، او على الأقل أن يقتحم بشكل رسمي الأسوار التي تقيمها حول نشاطاتها وعلاقاتها بينها وبين بعض وبينها وبين المواطن المغترب عن كل ما يدور بين قصورها وسلطاتها المختلفة .
رفاقنا كان المفترض أنكم "مؤتمنون" على قلب صورة الحكم التمثيلي الحالية حتى تتطابق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي القائم، حتى يتكشف كذب استقرار سلطتها، وعجزها عن تمثيل الأغلبية الكادحة ، وتحيلها في ذلك على حركة التاريخ عبر استغلالها للمال الفساد ولمنظومة إعلامية تغريرية وترسانة من القوانين والأطروحات الإيديولوجية اللاشعبية ، وذلك من خلال إفراغها من كل الشعوذة و"القدسية" التي غلفت بها ،ودفع تناقضاتها الى منتهاها تأسيسا لتغييرها تغييرا جذريا حتى تتطابق مع الواقع وتنضبط لمصالح الطبقات المضطهدة والمفقرة ، عبر اعلان المعركة مع فساد المنظومة معركة مفتوحة وشاملة في كل جزئياتها ، حيثما وكيفما ومتى مكنتنا الفرصة من اشهارها ومنها هذه اللجنة البرلمانية للتحقيق في فساد احدى مؤسسات الدولة ، ومن هذه الزاوية يعتبر التصويت ضد مشروع كتلة نداء تونس تخليا من نواب الجبهة الشعبية عن القيام باحدى المهام المطروحة على عاتقهم للمرة الثانية بعد الامتناع عن التصويت لمشروع المساواة في الميراث تحت مبررات هزيلة عنونها (نقاش الأولويات) ومضمونها ارتضاء الرفاق نواب كتلة الجبهة الشعبية للعب دور الطابور الخامس في منظومة الحكم الحالية وتغطية زيفها وبهتانها عبر الصراخ العلني و الشعارات ال"يسراوية" ال"الثورجية"بين جدران المجلس وفي وسائل الإعلام قبل عمليات التصويت الفعلي لا غير .
---
" رفاقنا من عُشّاق السُّلطة المطلقة للحقيقة المطلقة (المثالية ) للدولة ، والأخلاق ، والقيم ... الخ الرجوازية في أشكالها الأكثر رجعية أي المشائخية (الكهنوتية ) و الوطنية الواهمة و القاصرة (أي وفق ما ضبطته الامبريالية والرأسمال المُعولم ) ، كُفّوا لغوكم الميكانيكي عن الظُّروف المواتية فهي لا تتغيَّرُ ولا ترتقي ، كميا ونوعيا ، وفق ارادتكم ووعيكم البرلماني السياسيوي وحده ، أو بشكل ميكانيكي ، إنّها تتغيّرُ وتتطوّرُ قدُما أو القهقرى على حدًّ سواء ، بفعل التأثير والتأثُّرِ المُتبادل بين الوعي وحركة الواقع الموضوعي ، بين التثوير الفكري والحراك الجماهيري (الانتفاض ، الثورة الشعبية ... الخ ) ، وأي تنازل فكري ، أي نكوصٍ نظري ، مهما كانت مُبرّراته سيقودنا الى الارتباك وسيقود الشعوب والطبقات المظطهدة الى هزيمة تاريخية ، تليها أخرى وأخرى وهكذا دواليك ."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا