الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد بأيّة - كل عام والأمن السياسي... بخير!!!

نبيل فياض

2006 / 1 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هل تعرفون أبو علي؟ أبو علي، يا سادتي، مساعد أو مساعد أوّل أو مساعد ركن أو مساعد أول ركن، في الأمن السياسي، أدام الله، جلّ جلاله، أفضاله علينا!! أبو علي، يا سادتي، كان أوّل وجه أمني – وما أكثرهم!! – التقيته، حين أردت العمل في الصيدلة والبقاء في سوريّا! أبو علي، يا سادتي، كحّل عينيّ بجماله وهيبته القاتلة للمرّة الأولى بعدما هاجم الوهابيّون صيدليتي، بتحريض من شيخ وهابي، عضو في حزب العربي الاشتراكي - لا يتفاجأ أحد، فأكثر من تسعة أثمان أعضاء حزب البعث من الوهابيين – اسمه راتب خضرة!! أكرّر: هذا الشيخ الوهابي اسمه راتب خضرة؛ وهو ما يزال يبدع من على رأس منبره، تكفيراً وبذاءات وسقوط أخلاقي – رغم أنف أممنا السياسي، جلّ قدره! وكما ذكرت أكثر من مرّة، فهذا الشيخ القميء، الذي كانت ضيعته والضيع المجاورة لها ملكاً لأهلنا، نحن الأغوات – أقولها بكل فخر – قبل أن تضرب سوريّا سلسلة المصائب الاشتراكيّة. أراد هذا القزم طردنا من أراضينا التي استولى وأمثاله عليها بقوّة البهاق الاشتراكي: رغم أني لم أوزّع يوماً نسخة من كتبي الكثيرة في ضيعته المثقفة، بل لم أخرج يوماً من صيدليتي إلاّ إلى منزلي للنوم – رغم مضي ست سنوات على وجودي في عاصمة الثقافة والفنون في الشرق الأوسط!! جاء الرجلان اللذان اعتديا على مكان عملي إلى المخفر، وقد تدخّل في القصّة بعض من أهم المسئولين السوريين وقتها، خاصّة وأن لا مبرّر للاعتداء إياه غير رغبة الشيخ إظهار أن الوهابيين، كمصر المحروسة تماماً، يقبضون على الريف السوري من عنقه، في حين أن سلطة الدولة محدّدة بجزر معزولة في العاصمة وبعض المدن الكبرى. في سوريّا القريّة التي تخلّت عن أخلاق الريف ولم تكتسب حضارة المدينة تسمّى " ناحية "؛ والناصرية، حيث أقيم، تتبع لناحية اسمها " جيرود "! ولما لم يكن ثمة مخفر في الناصريّة، قدّمت الشكوى على المعتدي الوهابي في جيرود. كان مدير الناحية – ضابط يتبع أمنيّاً إلى الشعبة السياسيّة – شخصاً من آل الزعبي، من أحد أقارب ( كالعادة طبعاً ) رئيس الوزراء السوري الأفسد، محمود [ هكذا اسمه ] الزعبي! وقد طار هذا الضابط الصغير الفاسد، هو أيضاً، بتهمة تهريب دخان في سيّارته الرسميّة: يعني فاسد على قدّه. كبر الموضوع، واستدعي راتب خضرة إلى شعبة الريف في الأمن السياسي. المهم، طلب منّي وزير الصحّة يومها، الفاسد – أيضاً !!!؟؟؟ - أن يحصل على صورة من الضبط الذي حرّره حضرة الضابط الزعبي. وللمرّة الثانية في عمري أتوجه إلى مخفر، رغم تنقّلي في دول كثيرة. كان ردّ الضابط مهرّب الدخان أن الضبط أتلف بطلب من السيّد " أبو علي "!!! لماذا؟ قال: إسأله!! ولمّا سألت في جيرود، قيل لي إن رجلاً من رموز الفساد في الناحية، اسمه أحمد الأشقر – ولداه من الطائفة الوهابيّة إياها – دفع عشرين ألف ليرة سوريّة من أجل إنهاء المسألة!! من أنهاها، كيف أنهيت، لماذا أنهيت: أسئلة قديمة برسم السيّد رئيس شعبة الأمن السياسي!
ودارت الأيام! وطار أبو علي وجاء مكانه أبو رجب! وأبو رجب أصولي سنّي حموي، يتظاهر باللاطائفيّة. وترك أبو رجب كل الآلهة وعبد سمائي. كان أبو رجب مولعاً بالدجاج، قبل موضة أنفلونزا الطيور؛ وكان يأتي إلى الناصريّة باستمرار، يراقب من يدخل إلي، من يخرج من عندي، ويأخذ من أقارب راتب خضرة ما لذّ وطاب من لحم الفرّوج. ولمّا كنت أشير إليه إلى غزارة الوجود الوهابي في المنطقة؛ كان يقول: هؤلاء فقراء [ بلغة قرى حماة الأقل من بدويّة يعني مساكين ]!! وبفضل الدجاج والفساد وأبي رجب، صار الوهابيّون الغالبيّة الساحقة في المنطقة! بل إن أحد الوهابيين دخل مكان عملي مرّة، وقال لي: اترك يا أخي المنطقة، لأن أبا رجب يأتي من أجلك 50%؛ نحن نكاد أن نفلس، لأن باديّة الشام كلّها لا يمكن أن تستهلك هذه الكميّة من الدجاج!... وطار أبو رجب... وعاد أبو علي!!!
البارحة، قبل يوم من عيد الأضحى، تفاجأت بشاب يدخل مكان عملي، لم يسبق لي يوماً أن رأيت هذا الكم من النباهة التي في عينيه! قال دون سابق إنذار: أنت تكرهنا؛ نحن من الأمن السياسي! كانت الحجّة أنه يريد معرفة رقم مسكني في حمص. تحدّثت معه بحدّة هائلة عن الفساد المنظّم الذي رأيته من خلال عناصر الأمن السياسي في المنطقة! سألني أينشتاين الأمن السياسي، غلام أبي علي: ما الذي تريد فعله الأيام القادمة؟ قلت له: أنا مسافر إلى لندن، للعمل مع المعارضة! أجاب الشاب النبيه مستفهماً: يعني أنت ذاهب إلى فرنسا كي تنضمّ إلى خدّام؟ – يقصد " الأستاذ " عبد الحليم خدّام الذي دخل صيرورة جعلت منه خدّاماً وبس! قلت: يا صديقي؛ لندن عاصمة بريطانيا؛ فرنسا عاصمتها باريس؛ أنا ذاهب إلى لندن كي أنضم إلى البيانوني؛ لأنكم دفعتم بنا إلى حدود الكفر!! ثم أكملت متهكّماً: سوف يتم في منزلي اليوم اجتماع لكافة أقطاب المعارضة السوريّة، نصدر بعده بياناً في مؤتمر صحفي مخصّص للهجوم على الأمن السياسي! وخرج الغلام، وذهبت بعدها إلى دمشق، قلب العروبة النابض، من أجل التحضر للعيد!!
في جيرود أيضاً مدير ناحية جديد، من بلد السيّد علي دوبا، سارت بأخبار فساده ورشاه الركبان! هذا المدير يكرهني بشكل خاص لسببين: الأول هو أنني لا أزوره بل في المرات القليلة التي التقيته بها صدفة تعاملت معه بقرف لأني أكره كل ما يمت إلى الفساد بصلة، والثاني هو أنني أتدخل في النزاعات في الناصريّة بحيث تحل بالتراضي دون اللجوء إلى مدير الناحية الذي سيسرق الطرفين! بالمقابل، فأنا لم أكتب عن فساد ابن قرفيص يوماً [ لدي معلومات هائلة ]، لأنه صغير ولا يستأهل أن يكتب عنه، ولأن الفساد أوسع بما لا يمكن تأطيره بمقالة أو حتى موسوعة.
عدت إلى الناصرية من دمشق عشيّة العيد لأجد البلدة عاليها واطيها، والشرطة المدججّون بالسلاح يملأون الشوارع! قالوا لي إنهم يبحثون عنك!!! تجاهلت المسألة وغادرت إلى بيتي البعيد في قلب الصحراء. بعيد منتصف الليل، جاءني هاتف من صديق يقول لي إنهم متوجهون إلى مكان إقامتي! أحسست بهم يقتربون، ودون إقفال لباب المنزل، غادرت بثياب النوم إلى الصحراء، إلى أحد مضارب البدو من الأصدقاء! لأني أعرف تماماً أن اعتقالي لن يبت به قبل نهاية العيد! أوصلني البدو إلى دمشق؛ ثم أعادوني بعد الفجر إلى المنزل، لأتفاجأ بعد أقل من ساعة على دخولي إياه بأشخاص يتجوّلون حوله، فغادرته إلى جهة أتحفظ على ذكرها. لقد علمت من مصدر موثوق أن أمن سياسي القطيفة اتصل هاتفيّاً بمدير ناحية جيرود طالباً منه اعتقال من سيأتي إلي من المعارضة قبل البيان. وهذا ما حاولوا فعله. مع العلم أن شرطة جيرود لا يمكن أن يخرجوا في أي عمل ما لم يستأجر لهم المشتكي سيّارة ويدفع لهم النصيب!
السيّد رئيس شعبة الأمن السياسي:
إن ما يحصل من تجاوزات بحقّنا لم يعد ممكناً السكوت عليه؛ وإذا كنتم تريدون منّا مغادرة البلد لأنه لا مكان فيها لغير الطائفيين، فنحن لدينا سمات دخول إلى الولايات المتحدة وكل بلدان أوروبا الغربيّة صالحة لزمن لا بأس به. أنا أتحدّى أن يفتح ملف الوهابيين في المنطقة، بل أتحدّى أن يكشف النقاب عن سبب إتلاف الضبط الذي سطرته بحقّهم؛ الفساد والطائفيّة وجهان لعملة واحدة؛ وإذا حاولتم، لمرّة واحدة، التحقيق في فساد على مستوى ضيّق، كحالة مدير الناحية إياه، فربما تستردّون شيئاً من ثقة الشعب التي افتقدها معظم من يسمّى بالمسئولين.لن أهدّد؛ لكن المغادرة أسهل مما تتصوّر؛ وسنترك لكم الجمل بما حمل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمكة الجنائية الدولية : ما مصير مذكرات التوقيف ؟ • فرانس 24


.. ما خطط جنازة رئيسي ومن قد يتولى السلطة في إيران؟.. مراسل CNN




.. قتلى وجرحى بحادث سقوط حافلة في نهر النيل بمصر | #مراسلو_سكاي


.. قبل الحادث بأشهر.. ليلى عبد اللطيف تثير الجدل بسبب تنبؤ عن س




.. نتنياهو وكريم خان.. تصعيد وتهديد! | #التاسعة