الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دونالد ترامب.. قدّس سرّه!..

وديع العبيدي

2017 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


وديع العبيدي
دونالد ترامب.. قدّس سرّه!..

ما الذي يجعل دونالد ترامب مختلفا ومصدر تأويلات وشكوك..
ما الذي جعل الانتخابات الاميركية تحظى باهتمام مختلف هاته المرة.. وتنحرف من التركيز على السياسات الدولية والعلاقات العامة.. لتركيز على الشؤون الشخصية والعائلية ووجهات النظر الشخصية وطريقة الكلام وطريقة تصفيف الشعر والقدرة الجنسية لسيد البيت الابيض الجديد..
اميركا لم تعد نفسها امريكا.. وهذا ما يدركه ترامب ويهدف برنامجه لاعادة اميركا القوية/ العظيمة [Great America].. ماذا يعني الكَريت؟..
المهم منه ان اميركا لم تعد عظيمة.. سواء كان السبب بوش او اوباما.. الجمهوري او الدمقراطي.. ترامب يختلف عن الاثنين.. ويقدم نفسه كزعيم لتيار جديد ومختلف..
في تعليق للصحافة البريطانية.. وصف ايقونة لترامب كبيرة، وفي داخل الايقونة الكبيرة توجد ايقونة اصغر لفلاديمير بوتين..
العلاقة بين ترامب وبوتين مهمة وملغزة ومصدر تأويلات..
اغلب المشككين في زعامة بوتين وترويج الاتهامات عنه منذ استلامه الحكم وتجديد انتخابه.. هم انفسهم اعداء ترامب ومروجو الاتهامات والشكوك والدعايات للانتقاص منه اعلاميا وتحطيم شعبيته..
لكن العلاقة بين ترامب وبوتين اكبر من دعايات ومخاوف المغرضين..
وما يثير اكثر.. هو شجاعة الرجلين وعدم اكتراثهما بالاقاويل ومنتجات الاعلام..
لكن الغرب التقليدي خائف من احتمالات تغير اللعبة الدولية والموازين الدولية، التي تقتضي منه اعادة قراءة المعطيات واعادة جدولة السياسات لاقتناص ما يخدم حساباتها الربحية..
وفي صدارة هذا الغرب المتشائم من ولاية ترامب بريطانيا العجوز.. بريطانيا التي لا تريد ان تعترف بغروب شمسها في الحرب العالمية الثانية، وتحاول تصدر عرش الامبريلية مع تراجع الدور الاميركي وخطابات ترامب حول الاهتمام بأوضاع بلاده الداخلية..
الاعلام البريطاني بمختلف وسائله ومستوياته كان الاكثر اهتماما بشخصية تراتمب، من اهتمامه بحزازير البريكست التي تؤرقه منذ الثالث والعشرين من يونيو المنصرم..
ترامب وشخصيته المثيرة، و فرانكشتاين الحكومة البريطانية.. لاول مرة تفقد بريطانيا دبلوماسيتها وتتجاوز حدود اللياقة في التحرش ومحاولالة التأثير في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة التي بقيت بمثابة الاخ الاكبر للمملكة المتحدة حتى ظهور ترامب في المسرح السياسي الرئاسي..
بريطانيا خائفة.. بريطانيا طامعة.. بريطانيا تتفنن للتعلق بحلم مكانتها التاريخية الفكتورية..
ترامب غامض.. مثل بوتين.. مثل السيسي.. مثل رؤساء الصين والهند الحاليين.. مثل كاسترو الراحل..
بريطانيا التي لا يستطيع اقرب المقربين منها التكهن بما وراء سياساتها وطريقة ادارتها لشرونها الداخلية والخارجية ومواقفها من البلدان والمنظمات والشخصيات الاجنبية.. تعتبر الغموض ماركة مسجلة باسمها، تتفوق بها على العالم، ولا تريد لبوتين ولا ترامب سرقة امتيازها..
كيف تطمئن للغامش.
على صعيد شخصي او سياسي، محلي او دولي..
وانت تجد نفسك عرضة في أي لحظة لانقلاب اللعبة او قلب الطاولة..
عبر لعبة الغموض،وهي دالة الخوف ونقص الثقة بالذات والاخر، نجحت بريطانيا في تسيد العالم، عندما كان العالم ما يزال قديما وامبراطوريا وأربعة اخماسه لم تبلور لديه فكرة الدولة والقومية والعلاقات السياسية..
مع غير العالم وتطوره وزيادة اللاعبين السياسيين تراجعت مكانة امبراطورية بريطانيا..
بريطانيا التي لا تسطيع ان تعيش او تستمر دون مد انفسها في مطابخ الاخرين واقتناص افضل ما يديهم..
بريطانيا هي الوحيدة من بين الامبراطوريات التقليدية وخندق الحلفاء، استفادت من التحالف مع القطبية الاميركية وحظت بحقوق الحماية والمنافسة والسيادة الدولية من خلال التصاقها بسادة البيت الابيض..
لم تنجح في ذلك فرنسا، وتحولت المانيا وروسيا في خندق مقابل – غير مأمون، بينما غرقت ايطاليا واسبانيا في مستنقعات الديون والازمات..
بريطانيا اليوم اكثر قلقا وضعفا من أي وقت سابق في تاريخها.. وخطاب تيريزا ماي الاخير ليس غير حقنة اصطناعية لتامين مخاوف الرأي العام البريطاني/ الانجليزي من مخاوف المستقبل..
ورغم دفاعها – الكاذب- عن قرار مغادرة الاتحاد الاوربي، فما زالت تمدد مدة الحضانة للوصول لترتيب جديد ومطمئن للبيت السياسي في دواننغ ستريت..
موقف الاعلام البريطاني غير الودي من ترامب والرئاسة الامريكية الجديدة، هو ترجمة لمخاوفها من التهميش او الانتقام الامريكي.. واسلوب ابتزاز وضغط سياسي بغاية اقناع البيت الابيض بتقديم دعم وحضانة وضمانات جديدة للحكومة البريطانية.. ووراء الهجوم السافر، اتصالات ووساطات دائبة على صعيد سياسي – تحت الطاولة- لاستحصال وعد من ترامب او اختراق طاقمه الرئاسي، بما يخدم بريطانيا التي تركت وحيدة بخروجها عن الاتحاد الاوربي.. وفي هذا المجال تدخل تحركات فراج صديق ترامب الشخصي واول الملتقين به بعد فوزه..
يومها رغب ترامب في تغيير الدبلوماسية البريطانية في الولايات المتحدة.. وروجت الاعلام البريطاني ان ترامب يرغب ان يكون فراج سفيرا لبريطانيا لديه..واكد نفس الخبر ارتياح الحكومة لاداء سفيرها لدى واشنطن وعدم وجود خطة لتغييره..
اليوم..وقبل استلام ترامب لمنصبه بايام قليلة، قامت لندن في حركة مفاجئة بتغيير سفيرها لدى واشنطن.. ما معنى ذلك.. الا يعني نوعا من الاستجابة لرغبة ترامب، او محاولة استمالته والتزلف اليه..
ترامب ليس غامضا.. ان غموضه هو صراحته غير العادية وتحول تصريحاته الى افعال.. وهذا هو المرعب في سياسته..
بالمقابل.. غموض بريطانيا هو انها لا تتكلم كثيرا.. وعندما تتكلم.. فأنها تتصرف خلاف ما تقول..
ترامب ليس سياسيا عاديا..وقد وعد بتغيير اللعبة السياسية وقواعد الادارة والاعلام والعلاقات العامة.. والتقليديون خائفون على مواقعهم ومصالحهم.. وفي المقدمة منهم ادارة المخابرات المركزية الاميركية التي لم تحاسب على تقديمها وترويجها معلومات مضللة.. وليس اخرها السياسة البريطانية والحكومة البريطانية الحالية الاضعف والتي وصف جيريمي كوربين رئيستها بتقليد تشرشل، على سبيل التعليق!
اليوم هو العشرين من يناير 2017م، يوم استلام دونالد ترامب سيادة البيت الابيض، الرئيس الخامس والاربعون للولايات المتحدة الاميركية..من غير تأخير او تاجيل.. كما ماطله اوباما..
أول رئيس امريكي ترافق مراسيم تنصيبه مظاهرات احتجاجية تحيط بالبيت الابيض.. تلك المظاهرات التي تم تجييشها خلال حملة الانتخابات من انداده في الداخل والخارج، بلا طائل..
ومن اليوم او غد.. ستظهر علائم طقس جديد..
بينما.. يتوجس الكثيرون.. من الاقطاع والامبريالية والقتلة.. من المستجدات!..
لندن- العشرين من يناير ترامب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي