الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الباردة مستمرة واكثر استعارا

جورج حداد

2017 / 1 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


هناك فكرة سائدة يطرحها غالبية قادة الدول والمحللين الستراتيجيين في العالم وهي ان مفهومة "الحرب الباردة" قد سقطت مع سقوط المنظومة السوفياتية وتفكك الاتحاد السوفياتي السابقين.
ولكن هذه الفكرة لا تخرج عن نطاق التمويه او الكاموفلاج السياسي.

روسيا تنهض بأشد مما كانت
فبعد فشل سياسة النهب والتخريب والتطويع والاستعمار التي انتهجتها جميع دول الكتلة الغربية، حتى اصغرها واحقرها، تجاه روسيا، في عهد غورباتشوف ويلتسين، عادت روسيا بقيادة بوتين (فلاديمير فلاديميروفيتش، كما يسميه الروس) لتضطلع بدورها التاريخي كدولة عظمى لا يمكن لاي طرف تجاوز كلمتها ولا يمكن بدونها حل اي معضلة على الساحة الدولية.
القيادة الاميركية تفقد توازنها
وهذا ما يدفع القيادة الاميركية الى فقدان توازنها وتصعيد المواجهة ضد روسيا الى حد طرد عشرات الدبلوماسيين الروس دفعة واحدة، في الوقت الذي تحاول فيه اميركا التصالح مع كوبا وتخفيف حدة المواجهة مع ايران والتراجع عن الدعم المكشوف للمنظمات الارهابية الاسلاموية واللعب على الحبال في الحرب السعودية ـ اليمنية والنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.
اميركا تفرّخ الارهاب
وفي تسعينات القرن الماضي قامت اميركا واجهزتها المخابراتية والعسكرية والاعلامية بدعم العمليات الارهابية الاسلاموية في روسيا، التي ذهب ضحيتها الوف المواطنين الابرياء، في مدارس الاطفال، والمستشفيات، والمسارح، والقطارات وغيرها من الاماكن العامة، كما سلحت ومولت ودربت وموّنت المقاتلين في حرب الشيشان للانفصال عن روسيا، بالتعاون مع تركيا والسعودية.
إخراج الكوميديا السوداء المسماة "الربيع العربي"
وبعد نجاح الجيش الروسي في سحق التمرد الشيشاني والقضاء على قادته الخونة وسفاكي دماء الابرياء كجوهر دودايف واصلان مسخادوف وشامل بسايف وخطاب (السعودي)، قامت اميركا والناتو وتركيا والسعودية وقطر بتمويل وتنظيم ونقل عشرات آلاف الارهابيين الاسلامويين المضللين، الشيشان والداغستان والكازاك والبوشناك والطاجيك والاوزبك والقيرغيز والالغور، ناهيك عن المتبرطنين والمتفرنسين والمتجرمنين والمتهلدنين والمتنروجين وغيرهم، ودفعهم تحت عباءة "الربيع العربي" المشؤوم، لشن هجوم واسع النطاق ضد سوريا والعراق وليبيا ومحاولة اقامة "الدولة الاسلامية" الداعشية ـ العثمانية.
التدخل الروسي ينقذ الامة العربية
وبعد ان لبت روسيا طلب المساعدة من السلطة الشرعية السورية، وقامت بحملتها الجوية التي وجهت ضربة ساحقة للمؤامرة الداعشية، بالتعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والمقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة حزب الله في لبنان، فإن المنظمات الاسلاموية الارهابية اخذت تقوم بالعمليات الارهابية ضد الدول التي اوجدتها وساعدتها في البداية، معتبرة ان هذه الدول خذلتها وتخلت عنها في محنتها. وهذا ما جعل الارهاب يصبح مشكلة عالمية تهدد المجتمع الدولي بأسره.
اميركا والناتو يصعدان المواجهة ضد روسيا وحلفائها
والان، في حين تسيل دماء الابرياء في بريطانيا والمانيا وفرنسا وتركيا وغيرها، على ايدي الارهابيين، فإن اميركا ودول الناتو وحلفاءها (ربما باستثناء تركيا مؤخرا وحتى الان!!!) بدلا من ان تتوجه نحو توحيد الجهود مع روسيا والصين وايران وحلفائها لمواجهة الارهاب الاسلاموي الدولي، فإنها تتابع سياسة تصعيد المواجهة مع روسيا والصين وايران. ويظهر ذلك بشكل صارخ في المماطلة في رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع ايران بعد توقيع الاتفاق النووي معها، وفي توجيه القطع الحربية الاميركية وحاملات الطائرات الى الشرق الاقصى وبحر الصين لمحاصرة الصين والتضييق على البحرية الحربية والمدنية الصينية في المياه الدولية القريبة من مياهها الاقليمية.
تكديس المعدات الحربية حول روسيا
وكتبت جريدة Il Giornale الايطالية ان البنتاغون (وزارة الحرب الاميركية) بدأ بتنفيذ خطة واسعة لتكديس المعدات الحربية والاسلحة الثقيلة في البلدان الاوروبية، اي بما في ذلك الطائرات والدبابات والمدفعية الثقيلة وناقلات الجند، من ضمن خطة لحلف الناتو لاجل "طمأنة الدول الحليفة لاميركا في حال قيام اي عدوان روسي". وحسب كلمات Il Giornale فإن هذه هي اكبر عملية تجميع عسكري على حدود الفيديرالية الروسية منذ ايام الحرب الباردة. وتنتشر بعض نقاط التجميع في بلجيكا، المانيا وهولندا. وللمثال فإن احد هذه المراكز يقع في قرية ايغلشوفن، بالقرب من مدينة كيركراده الهولندية القريبة من الحدود الالمانية والبلجيكية. وتبلغ مساحة هذا المجمع 500 الف متر مربع، ويضم تسعة مستودعات تحتوي 1600 قطعة حربية. وقد انشأت اميركا اربعة مراكز من هذا النوع تضم اكثر من 6000 قطعة حربية ثقيلة من اجل استخدامها في اقرب نقطة لدى نشوب اي نزاع حربي. وسترسل اميركا فرقة مؤلفة من سبع كتائب دبابات الى بولونيا في كانون الثاني 1917.
التحريض ضد الروس وروسيا
كما سترسل اميركا فرق دبابات اخرى الى جمهوريات البلطيق السوفياتية السابقة بحجة حمايتها من الخطر الروسي. وهذا في الوقت الذي تقوم فيه المجموعات الفاشية المدعومة من الحكومات اليمينية في تلك البلدان، باستفزاز المواطنين الروس في تلك الجمهوريات والتحريض على طردهم، على طريقة السيناريو الذي جرى في اوكرانيا. كما قامت قطع من الاسطول السادس الاميركي بما فيها حاملة طائرات بالعبور الى البحر الاسود وزيارة بعض الموانئ الاوكرانية لاعطاء "شحنة معنويات" للمنظمات الفاشستية والحكومة اليمينية قي كييف، علما ان هذه السفن الحربية لا قيمة عسكرية لها داخل البحر الاسود الذي هو تحت السيطرة التامة للقوات المسلحة الروسية التي تحصي انفاس كل سمكة تسبح في مياه البحر الاسود. كما نشر الجيش الاميركي وحدات مشاة مؤللة ومزودة بالدبابات والمدفعية على السواحل الرومانية والبلغارية وفي مدينة اوجيش البولونية غير البعيدة عن منطقة كالينينغراد.
الناتو يتحول الى قزم يريد مواجهة روسيا ببضعة آلاف جندي
كما تتحدث الجريدة عن نشر قوات مشاة عددها حوالى 1750 جندي من مختلف البلدان الاعضاء في الناتو، وطائرات مقاتلة، وهيليكوبترات ودبابات ومدفعية ثقيلة في لاتفيا ورومانيا وبولونيا. وسيصل الى اوروبا في الاشهر الاربعة القادمة حوالى 6 آلاف جندي اميركي. وهناك مخطط لرفع عدد الجنود الاكيركيين الى 40 الفا.
وحسب المعلومات التي نشرتها Il Giornale سيتم ايضا موضعة بضعة الاف جندي فرنسي وانكليزي مع دباباتهم ومدفعيتهم في قاعدة تابا في شمال شرقي استونيا. ويبلغ عدد سكان استونيا اكثر من 1 مليون و300 الف نسمة، 28% منهم من الروس. وتنتهج الحكومة اليمينية الاستونية سياسة معادية لروسيا وللروس، وتعمل للمغامرة بمصير شعبها عن طريق تحويل بلادها المحاذية لروسيا الى قاعدة لحلف الناتو. والشيء ذاته يقال عن جمهورية لاتفيا حيث تتمركز قوات المانية وفرنسية وبلجيكية وكندية والبانية وايطالية وبولونية وسلوفينية. ويبلغ مجموع قوات الناتو في دول البلطيق حوالى 40 الف جندي.
دول البلطيق تغامر بمصيرها
ولكن في تقدير الجريدة الايطالية، فإن القوات المسلحة الروسية، حتى في حال نشوب صدام اقليمي محدود، هي قادرة على سحق قوات الناتو والوصول الى عواصم جمهوريات البلطيق الثلاث (استونيا وليتوانيا ولاتفيا) في اقل من 60 ساعة.
حلف الناتو ورّط بلدان اوروبا الشرقية
لقد تأسس حلف الناتو في 4 نيسان 1949 بموجب معاهدة واشنطن، وكان يتألف في البداية من 12 بلدا (اميركا وبلدان اوروبا الغربية). ولكنه توسع الان ليضم بلدان مثل بولونيا، وهنغاريا، وتشيخيا، وبلغاريا، واستونيا، وليتوانيا، ولاتفيا، ورومانيا، وسلوفاكيا وسلوفينيا، في شرقي اوروبا وعلى حدود روسيا. وتم ذلك بدون موافقة شعوب تلك البلدان. وحكومات كل هذه البلدان هي تابعة لاميركا، وهدف اميركا من ضمها الى الناتو هو الضغط على روسيا، من جهة، والضغط على حلفاء اميركا الاوروبيين الغربيين، من جهة ثانية.
الدرع الصاروخية ايضا وايضا
وبالاضافة الى حشد الجيوش والاسلحة التقليدية، تواصل الولايات المتحدة الاميركية نشر منظومات الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا، حتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع ايران مما يكشف تماما الكذبة القديمة بالتحجج بالخطر الايراني على اوروبا.
اميركا تغامر بمصيرها ومصير حلفائها
ويقول بعض الخبراء ان هذا التوسيع للناتو باتجاه الشرق ومحاصرة روسيا برادارات الدرع الصاروخية الاميركية التي وظيفتها كشف الدفاعات الستراتيجية الروسية، ليس لها اي قيمة ستراتيجية فعلية، في حسابات المواجهة المتصاعدة بين اميركا وروسيا، لاعتبارات عديدة اهمها:
ـ1ـ لقد اثبتت تجربة الازمة الجورجية (2008) واخيرا الاوكرانية والسورية، تفوق المدرسة الحربية الروسية، التي تقوم على مبدأي "اللاعدوانية" و"الدفاع الهجومي الكاسح".
ـ2ـ ان الدول التي تسمح بتحويل اراضيها الى قواعد للعدوان على روسيا وحلفائها، تغامر بمواجهة مصير النازية في الحرب العالمية الثانية والتحول الى ارض محروقة.
ـ3ـ ان القيادة السياسية ـ العسكرية الروسية تنظر الى اي حرب اقليمية بوصفها مقدمة وجزءا لا يتجزأ من الحرب العالمية النووية الشاملة. والقوات المسلحة الستراتيجية الروسية هي مستنفرة استنفارا دائما على هذا الاساس. وفي اللحظة التي يتحول فيها اي نزاع اقليمي ليشكل اول بادرة خطر ستراتيجي على العمق الروسي، فإن اميركا ودول الناتو وجميع حلفائها، من اكبرهم حتى اصغرهم، سيتعرضون جميعا للضربة النووية الروسية الاولى والاخيرة. وهي الضربة المهيأة سلفا والجاهزة في كل ثانية، وبكل التفاصيل حتى اصغرها.
* * *
ان الامين العام السابق لحلف الناتو السيد أندرس فوغ راسموسن يشغل الان منصب مستشار للرئيس الانقلابي الاوكراني المافياوي بييترو بوروشينكو. وقد وجه راسموسن الى الرئيس الاميركي المنتهية ولايته باراك اوباما تهمة عدم الحزم.
تحدي الصين
والواقع ان ادارة اوباما اعلنت مرارا وتكرارا نيتها (على الاقل: النية) في الانسحاب من الشرق الاوسط وتوجيه اهتمامها وقواها نحو الشرق الاقصى، لمواجهة تنامي قوة ونفوذ الصين والدفاع عن حلفائها الاقربين: اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية. وقد توجهت غالبية القطع الحربية وحاملات الطائرات الاميركية من الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى واخذت "تتنزه" بين الجزر الصغيرة في المياه الدولية في بحر الصين، قبالة البر الصيني، وهو البحر الذي تعتبره الصين مدى حيويا لها. وبالمقابل قررت الصين توسيع وجودها البحري العسكري الدولي. وقد انشأت قاعدة تموين بحرية في جيبوتي على البحر الاحمر، كما تعمل لانشاء قاعدتي تموين في بحر الكاريبي في كوبا وفينزويلا. وفي الوقت ذاته فإن الزوارق الحربية الصينية تقوم بالطواف حول القطع الحربية وحاملات الطائرات الاميركية الموضوعة تحت الرقابة الصينية والروسية الدائمة. ويقول بعض الظرفاء ان الزوارق الصينية تقوم بالاحتفاء بالسفن الاميركية برش الارز عليها. ولكن علينا التذكير ان روسيا، وتوفيرا للمال ولحماية البيئة، قامت بتطوير طوربيدات نووية خاصة لتدمير وإغراق حاملات الطائرات الاميركية. ولا شك ان روسيا ستقوم بكل سرور ببيع او على الاقل "تأجير" بعض هذه الطوربيدات للصين.
وتنبغي الاشارة انه لا يوجد حتى الان حلف عسكري معلن بين روسيا والصين، ولكنه لوحظ انه في السنوات الاخيرة لم تمر سنة دون ان تقوم روسيا والصين باجراء مناورات عسكرية كبرى مشتركة، جوية ـ برية ـ بحرية، يشرف عليها الرئيسان الروسي والصيني شخصيا جنبا الى جنب. وقد عززت روسيا وجودها العسكري في بحر الصين وبحر اوخوتسك وجزر ساخالين والكوريل المواجهة لليابان.
وكيم جونغ اون ينزل الى الساحة
وفي وقت تتصاعد فيه حدة المواجهة الصامتة بين اميركا وحلفائها وبين الصين في الشرق الاقصى، عارضت روسيا والصين رسميا التجارب والبرامج النووية لكوريا الشمالية، وفي الوقت نفسه صرح بعض الخبراء الاميركيين انه من المؤكد ان كوريا الشمالية اصبحت تمتلك القنبلة النووية والصواريخ، ولكنه ليس من المؤكد انها اصبحت تمتلك صاروخا يصل مداه الى الولايات المتحدة الاميركية. وبعيدا عن المخاوف الاميركية المشروعة من القنبلة النووية الكورية الشمالية، فقد اصدر الزعيم الكوري الشاب غريب الاطوار كيم جونغ اون مرسوما أمر فيه العلماء الكوريين الشماليين بتجميع كل الاكتشافات والعلاجات المتعلقة بزيادة الفحولة الرجالية وتطويرها ونشرها في كوريا الشمالية. وقد أقض هذا المرسوم مضجع قادة البيت الابيض والبنتاغون والسي آي ايه في اميركا. وهم الان عاكفون على دراسة فرضيات احتمال قيام كوريا الشمالية بغزو اميركا الشمالية تطبيقا لمرسوم كيم جونغ اون والحلول ضيوفا في مهاجع القادة الاميركيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل


روسيا والصين
يدا بيد ضد اميركا



الزوارق الصينية تدور حول حاملة الطائرات الاميركية لترش عليها الأرز




الناتو يحاصر روسيا بالخردة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت