الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر أستانا و تعويم الأسدية

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2017 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية




الملامح العامة لمؤتمر استانا، آخذة بالتكون في صورتها الأخيرة، ما لم تحدث مفاجآت في الوقت المتبقي لالتئامه غداً الاثنين، في جولة جديدة من لقاءات المعارضة والنظام السوري، برعاية ثلاثية الرؤوس: موسكو وطهران وانقرة، وبعيداً عن المظلّة الأممية هذه المرّة. لكنها أحادية المظلّة والمشيئة، يحيك خيوطها قيصر الكريملين، بإصرارٍ يسابق الوقت، قبل أن تدورعجلة الإدارة الأميركية الجديدة في واشنطن، وتلقي بظلٍ قد يفسد كل شئ. على الرغم مما يُشاع عن " تلاقٍ " في الرؤى بين بوتين وترامب، تشي به تصريحات متبادلة، غير أن ريح المصالح تغيّر من وقع الخطى أنّا كانت وجهتها.
وعلى الرغم من تكتم الأطراف الراعية لهذا المؤتمر، على جدول أعماله، والغايات المرجوّة منه، وكذلك المشاركين فيه والمدعويين إليه، فإنه بات بحكم الواضح أن لقاء استانا، يبتغي تحقيق أربعة أهداف أساسية: اولاها تكريس إتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، بضمانة قانونية وسياسية مباشرة من الأطراف المعنية على الأرض بصورة مباشرة، مع استمرار ضمانة موسكو وتركيا. هذا البعد سوف يحقق دفعاً ضرورياً ومهماً لتثبيت ماتم التوصل إليه في مباحثات انقرة، على الرغم من استمرار الخروقات، بذريعة استهداف المجموعات الغير مشمولة بوقف إطلاق النار.
يبدو هذا الهدف على رأس أولويات المؤتمر، ومن هنا يأتي توجه الطرفين الراعيين إلى حصر المشاركة الأساسية والفاعلة بالقوى والفصائل العسكرية الموقعة على الاتفاق، بصفتها الاعتبارية، مع حضور شخصيات ذات طبيعة استشارية، بصفتها الشخصية دون أن تمثل أية جهة في المعارضة السورية.
لهذا التوجه - في الواقع - معطيان أساسيان، اولاهما أن القرار على الأرض، بيد المسلحين ( الفصائل ) وهي من تحمي أي اتفاق من أي انهيار محتمل. واعتراف روسيا بها، سوف يمنح الأطراف ثقة متبادلة، تقود الى فرض اعتراف النظام وإيران بها، وكذلك إبقاء مؤسسات المعارضة: الائتلاف الوطني والهيئة العليا للمفاوضات، بعيدتين عن استانا – على رغم ترحيبهما به – وذلك تأسيساً على الموقف المسبق حيالهما من قبل روسيا والنظام معاً. وياتي ذلك تتويجاً لجهود الاستفراد والتفتيت التي عملت في سياقها موسكو خلال سنتين مضتا، في محطات متوالية، وصولاً الى اللحظة الراهنة.
وثانيهما، هوتكريس، وشرعنة سياسة المصالحات والهدن المنفردة مع المناطق والبلدات الملتهبة، على أساس إخراج المسلحين منها، كما حدث في حلب وحمص والمناطق الأخرى.
الهدف الثاني، هو التأسيس لإطلاق مسار التفاوض السياسي وفقاً لمرجعية جديدة هذه المرّة، تستند إلى أستانا، تمثل فيها موسكو الحجر الرئيس، الذي يقود الى وضع تصوراتها لحل الوضع في سوريا، موضع التنفيذ كأمرٍ واقع، يأخذ بقراري مجلس الأمن (2336 - 2254) ومرتكزاتهما، بما ينجز تسوية سياسية، بين أطراف تعترف ببعضها وتتشارك " حكومة وحدة وطنية " لفترة انتقالية، تستثمر ماتحقق لها من التدخل العسكري المباشر، وتعيد تأهيل النظام الأسدي بشكل كامل مع إحداث تغييرات محدودة، تمكن المعارضة من المشاركة في السلطة، ما يعني العودة الى المربع الأول، ونسف هدف اسقاط النظام أو تغييره، وعدم تناول قضية بقاء الأسد أو رحيله، إلى أجل غير معروف.
أما الهدف الثالث فهو إنجاز صيغة للتعاون المشترك بين الأطراف الثلاث، التي تشكل مظلّة سياسية وأمنية وعسكرية، لمرحلة أستانا، تجعل منها، دائرة القرار الرئيس في الشأن السوري، ما يفرض وضعاً سياسياً واجب التفاعل معه من قبل المجوعة الدولية، يعيد تشكيل خارطة التوازن الاستراتيجي في المنطقة، إثر اختلال العلاقة التركية – الأميركية، وتوجه ترامب نحو إعادة بناء العلاقات الأطلسية، بعيداً عن الارتكاز الى حلف الناتو. صيغة التعاون هذه، سوف تحقق انسيابية في العلاقات، تؤمّن درجة عالية في التنسيق، وفي حل المشكلات التي تعترض انجاز الاتفاقات التسووية من جهة، وتتولى من جهة ثانية استمرار الحرب على " الإرهاب ".
أما الهدف الرابع، فهو هروب هذه الأطراف الى الأمام، استشعاراً بمخاطر تفعيل الملاحقات القانونية الدولية، إذا ما حدث توافق دولي، في لحظة ما، على فتح ملف المجازر في سوريا.
ولعل نجاح هذه الأطراف في عقد مؤتمر أستانا، والخروج بنتائج الحدّ الأدنى، سيجعل منها شريكاً أساسياً في أي عملية تفاوض لاحقة، تحت المظلّة الدولية، ولا يمكن استبعاد أي طرف منها، وخاصة مفاوضات جنيف القادمة.
جميع الأطراف محتوم عليها المشاركة في أستانا، ولكل منه، أسبابه ومبرراته، فقد وصلت الأوضاع في سوريا الى أزمة بلا ضوء في آخر النفق، سواء أكان الأمر يتصل بالنظام المتآكل، ام روسيا التي تريد الانتقال العاجل من التدخل العسكري، الى قيادة العملية السياسية، أم إيران وتركيا اللتين أنهكتهما أيضاً تدخلاتهما المباشرة، وأخذت تنعكس سلباً على أوضاعهما الإقليمية والدولية، خاصة بما يتصل بتركيا. أما إيران فإن استمرار حالة الاستنزاف يفقدها القدرة على السيطرة على مفاتيح التحكم بالقوى الميلشياوية والأمنية في سوريا، خاصة في ظل تراجع قدراتها أمام التدخل الروسي الكبير.
أما الفصائل المسلحة ليس أمامها سوى الذهاب الى المؤتمر، التزاماً منها بوصاية الطرف التركي الضامن لها، طائعة راضية أم مجبرة. غير أن الواجب يفرض على جميع القوى السورية مساندتها، بالدعم السياسي والقانوني، وألاّ تترك وحيدة في ظل تفاهم على إقصاء مؤسسات المعارضة السورية عن المشاركة في المؤتمر، في لحظة اهتراء قصوى، ومفصل مهم، قد يشكل علامة فارقة في القضية السورية، تؤسس لما يأتي لاحقاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل