الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجبّ انشقاق عبد الحليم خدام ما قبله؟

ماجد رشيد العويد

2006 / 1 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أكاد أجزم أنه لا يوجد على الأرض برلمان، هو لا يستحق هذه التسمية على كل حال، يشبه مجلس الشعب السوري، لأنه على غير مثال في سوئه وانحطاطه، وعلى غير مثال في تدرّجه يوماً بعد آخر نحو تسفيه الحق والعدل وسنّ القوانين والتشريعات، فأعضاؤه على غير مثال في النفاق وانتهاز الفرص، وفي الجهل المعمم. فمن الجهل بالنص القرآني الذي أرادوه شاهداً على خيانة ركنهم الثاني في الدولة البعثية قبل قليل من الوقت السيد عبد الحليم خدام دافن النفايات النووية في قلب الأرض السورية، إلى الجهل بأبسط قواعد النحو والإملاء، إلى الظهور في غير الحلّة الدالة على أنهم بشر، ومن خلال هذا كله إلى إعلانهم الصريح عبر ظهوراتهم هذه، أنهم لا يمثلون الشعب، ولا يمثلون سوى مصالحهم الضيقة التي تقف عند حدود امتيازات تافهة لا تتجاوز السيارة والحصول على بعض التوقيعات لخدمة أغراضهم الآنية. مجلس لا يفهم في السياسة، ولا يدري شيئاً عن أبسط مبادئ الاقتصاد، ولا يعلم عن وضع الناس المعيشي والاجتماعي شيئاً أبداً.. فكيف لمجلس كهذا أن يمثلني أنا المواطن السوري المغيّب في الدولة البعثية التي اغتصبت الحكم منذ ما يزيد على الأربعين سنة؟
ولا داعي لمقارنة مجلس كهذا بسابقه السوري قبل "الثوري" فالبرلمان "الرجعي" أيام ما بعد الجلاء الفرنسي عن سورية، والذي لا مجال لعدّ مآثره هنا في هذا المقال، كان قادراً على الإطاحة بالحكومات وقطع الرقاب الخائنة، ولم يكن ينتظر أن ينقلب "القيادي" على نظامه ليبدأ بمحاكمته، واتهامه بالخيانة العظمى وما إليها من المفاهيم الدالة على حجم التوتر الذي تصل إليه النظم الشمولية في أزماتها.
أيضاً خلت سورية بلا أدنى ريب من مُشاهِدٍ مؤازر لما رأى من الصور "البرلمانية" السورية، وخلت من متعاطف مع ما جرى تحت القبة التي احتضنت يوماً ما محاكمة رئيس سابق لأن سيارة الرئاسة استقلتها أسرةُ هذا الأخير في رحلة إلى بلودان! أجل لأن أسرته استقلت سيارة الرئاسة يحاكمه البرلمان في جلسة علنية لأن في هذه الرحلة هدراً بيّناً للمال العام!!. هذه من حقائق التاريخ ومن إيجابيات برلمان سوريا قبل النظام البعثي الثوري، وأما مخازي "مجلس شعب" الثورة الفاشلة فيحاكم دافن النفايات النووية، ولكن بعد خروجه عليه وعلى نظامه، وليس في أثناء حفلة الدفن المدمّرة ولا بعدها بقليل. فأي قدر ضال تعيشه سورية في ظل حزب البعث ومؤسساته الخربة؟
أيضاً، وفي هذا المجال يمكننا الإعلان دونما خشية، بل وبسفور شديد وربما بلغة حادة أن مجلساً رخيصاً كهذا المجلس لا يمثّلنا، ولا يمثّل حتى أصحاب المسيرات المسيّرة، لأن هؤلاء مغلوب على أمرهم، ولو أتيح لهم المجال، لأعلنوا عن رفضهم لهذا المجلس الهالك بطرق شتى.
و "عبد الحليم النووي" والتعبير للكاتبة نورا دندشي، يدرك قبل غيره أن مجلس النكرات قد شارك هو في صياغته على هذا النحو الكاريكاتوري لتُدَكَ عبره قيمُ السوريين ولينال به مع رفاقه من شجاعتهم، ويتركهم في حالة تصفيق مستمرة معلنين موتهم الإنساني في مظاهرات قطيعية بائسة، وفي شعارات يغلب عليها البؤس وتغلب عليها الكآبة. وبين عبد الحليم النووي ومجلس النكرات يضيع وطن بحاله، وطن يريد أن ينتصر على الجفاف الذي أصاب نبع حريته، ويريد أن يدحر من تاريخه ثلاثاً وأربعين سنة من الشؤم، وأن يطرح من حساباته اشتراكية البعث التي جرّت على الوطن خراباً اقتصادياً ما كان سيحلّ به لو نُفِّذ أو طُبِّق فيه اقتصادُ أمةٍ خلت منذ ألف عام.
وما يخشاه المرء أن يبرّئ الموقعون على إعلان دمشق هذا الرجل " النووي" وعندها نكون أمام فقدان للمصداقية، وهذا أمر خطير، فليس على أطراف "إعلان دمشق" قبول مثل هذا الرجل بعد اعتذاره عما شارك فيه من جرائم بحق الشعب السوري الذي عانى، وما يزال من ويلات نظام ساهم في بنائه حتى وقت قريب. إن مجرد العمل مع هذا الرجل يعني أن المعارضة تفقد الكثير من مصداقيتها، وليست بدورها مخوّلةً لتجبّ ما قبل انشقاق مجرم كهذا، حتى ولو كان الحديث "سياسة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير