الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب والغضب المُتصاعد بعد خطاب التنصيب

زياد عبد الفتاح الاسدي

2017 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لم تشهد الولايات المُتحدة اجراءات أمنية مُشددة ومظاهرات عارمة وغاضبة كالذي شهدته خلال وبعد التحصير لتنصيب الرئيس " المُنتخب " ترامب . فقد عمت المظاهرات الغاضبة والرافضة له ليس الولايات المتحدة فحسب, بل دولاً ومدن عديدة في العالم شملت أوروبا وأمريكا اللاتينية وأستراليا ...وغيرها .... ولكن لماذا تتصاعد المظاهرات الغاضبة والرافضة لهذا الرئيس على نحو مُتميز وفريد لم يشهده تاريخ الولايات المُتحدة . وقبل الحديث عن مضامين خطابه التنصيبي المليئ بالاكاذيب والمُثير للسخرية , سنتطرق للظروف التي جاءت بهذا الرئيس الى الحكم في ظل نظام انتخابي قديم ومُهترئ أثبت عجزه وفشله في تحقيق أبسط المفاهيم والقوانين الديمقراطية المُتبعة في جميع دول العالم التي تتمتع بممارسات ديمقراطية منطقية ..... فلأول مرة في التاريخ الانتخابي للولايات المتحدة يتم فوز رئيس في الانتخابات رغم خسارته للاغلبية العامة لاصوات الناخبين بحوالي 2.8 مليون صوت لصالح منافسته هيلاري كلنتون , وهو رقم هائل يفوق بكثير الارقام التي سجلتها سابقاً انتخابات رئاسية شبيهة ولاسيما التي حدثت في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن الذي فاز بالرئاسة رغم فارق الاصوات لصالح خصمه آل غور بما يُقارب المليون صوت , هذا في الوقت الذي سجلت فيه الانتخابات الامريكية الاخيرة رقماً قياسياً في تدني الاقبال على الانتخاب بسبب عدم قناعة الناخب الامريكي بكلا المُرشحين الديمقراطي والجمهوري .. ومع ذلك فقد خسر ترامب لصالح المُرشح السيئ الآخر بفارق هائل لا يُمكن تصديقه .
وهنا يُمكننا أن نرى ليس فقط مدى تدني شعبية هذا المرشح الرئاسي المشبع بالعنصرية والكراهية بل مدى المهزلة التي يعكسها النظام الانتخابي الامريكي ..... ومن يعتقد من الامريكيين أو من الاقليات العربية أو الاسلامية أو الاقليات الاخرى من الذين هللوا لفوز ترامب لاي سببب كان , بأنهم لن يتأثروا بشكلٍ أو بآخر بسياسته العنصرية الخطرة على المُجتمع الامريكي وبسياسته الاقتصادية أو الضريبية المقبلة والتي ستزيد من أفقار مختلف الطبقات الاجتماعية في الولايات المُتحدة , بدءاً من البرجوازية الصغيرة والطبقات الوسطى , ومروراً بالطبقة العاملة , وانتهاءاً بالشرائح الاجتماعية التي تعيش تحت خط الفقر ... فهم بالتأكيد مُخطؤون . فسياسته الداخلية المُرتقبة ستزيد لابعد الحدود من الثراء الفاحش للنخب المالية والرأسمالية والطفيلية في الولايات المُتحدة , كما ستُساعد على هيمنة النخب الفاشية والعنصرية والطبقية العليا على القرار السياسي والاقتصادي والضريبي والامني في البلاد ... وفيما يلي سنعدد فقط ولتجنب الاطالة قدر الامكان أهم النقاط الواردة في حملته الانتخابية وخطابه التنصيبي المليئ بالسخرية والأكاذيب المُضللة :
1. يعتقد هذا الرئيس بطريقة مُضحكة أنه سيحمي حدود الولايات المتحدة . ورغم أنه يًقصد على نحوٍ عنصري مُبطن الحد من هجرة الاقلية المكسيكية والاقليات الاسلامية عبر الحدود , ولكنه طرح الامر وكأن دول العالم الاخرى تُهدد الحدود الامريكية وأمنها القومي , في الوقت الذي تنتهك فيه الولايات المُتحدة كدولة عظمى حدود سورية وليبيا والعراق وهاجمت سابقاً بجيوشها وأساطيلها دولاً عديدة في جنوب شرق آسيا وغزت أفغانستان والعراق وحتى لبنان عام 1982 و 2006 بتشجيع لترسانتها العسكرية في الكيان الصهيوني .
2. يزعم هذا الرئيس الذي ينتمي لاكثر الطبقات الرأسمالية ثراءاً وبطريقة مُضللة لا يُصدقها سوى الجهلة والاغبياء من الشعب الامريكي أن الولايات المتحدة هي ضحية الجهود التي تبذلها لحماية دول أخرى في العالم وإنعاشها إقتصادياً , وأن أمريكا تنفق أموالها للدفاع عن حدود الدول الاخرى وليس حدودها مما أدى الى انهاك الاقتصاد الامريكي .. وذلك عكس الحقائق الاقتصادية التي تُؤكد ابتزاز الطبقة الرأسمالية الحاكمة التي ينتمي اليها والمُتنفذة في الاقتصاد الامريكي الى جانب الطبقات الرأسمالية المالكة لمؤسسات الصناعة الحربية في الولايات المُتحدة وأوروبا لميزانيات شعوبها في الحروب العدوانية على دول العالم الثالث . هذا عدا عن ابتزاز ميزانيات الدول التي تسير في فلك الغرب ليس فقط لتغطية نفقات قواعدها العسكرية في هذه البلدان والتي قد تُستخدم عند الحاجة للتهديد والتدخل العسكري , بل أيضاً في تشجيع هذه الدول على انفاق عشرات المليارات من الدولارات بين فترة وأخرى لشراء مختلف أنواع الاسلحة الامريكية والترسانات الغربية.... أما على الصعيد الاوروبي فالولايات المُتحدة تدعم وتقود حلف الناتو ليس لحماية بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها من الدول الاوروبية بل لفرض سيطرتها السياسية والعسكرية على الساحة الاوروبية ولتسويق منتجاتها الصناعية ومعداتها الحربية والصاروخية في ترسانة حلف الناتو وترسانات بعض الجيوش الاوروبية .
3. يدعي هذا الرئيس المُشبع بالكراهية والعنصرية وبمُنتهى النفاق أنه سيُحافط على تماسك ووحدة المجتمع الامريكي دون أن يأخذ بعين الاعتبار ومنذ بدايات حملته الانتخابية احترامه الادنى للتعدد العرقي والديني والثقافي في المجتمع الامريكي , من خلال فشله في اخفاء عدائه للمسلمين من خلال تكراره المُتواصل لعبارات الاسلام الارهابي الراديكالي والتروج لفكر الاسلاموفوبيا , وكذلك استعداده لبناء جدار عازل على الحدود المكسيكية لمنع دخول الاقليات اللاتينية الى الولايات المُتحدة بالرغم من الاعتماد الهائل للاقتصاد الامريكي على اليد العاملة الرخيصة القادمة عبر الحدود المكسيكية .
4. لا يُخفي هذا الرئيس العنصري تأييده واعجابه المُطلق بالكيان العنصري الصهيوني الى درجة أنه أبدى استعداده لنقل السفارة الامريكية لدى الكيان الصهيوني الى القدس المُحتلة , في الوقت الذي تزداد فيه بشكلٍ ملحوظ مقاطعة البضائع الاسرائيلية في أوروبا ونيوزلاندا وأمريكا اللاتينية وغيرها , بعد أن تكشفت لدى شعوب العالم حقيقة هذا الكيان الذي يُمارس أبشع أنواع الاجرام والكراهية والتمييز العنصري في التاريخ الحديث, سواء بلاعتقال والقتل التعسفي للفلسطينيين بدم بارد , الى الحصار والقصف الهمجي لقطاع غزة , الى التهجير وهدم المنازل واغتصاب الاراضي وبناء المستوطنات .... الخ
وأخيراً فهذا الرئيس العنصري الذي يُعبر بسلوكه وأفكاره عن جهل سياسي وانعدام الخبرة السياسية قد أساء بشدة في حكمه على المجتمع الامريكي ..... فالولايات المُتحدة ليست أوروبا ... وإذا كانت المجتمعات الاوروبية تشهد بعض الشيئ ازدياد في شعبية اليمين القومي العنصري والراديكالي ... فالولايات المُتحدة تتميز وتتفوق على أوروبا بالتسامح والانسجام والتعايش في مجتمع تسود فيه على نطاق واسع التعددية العرقية والدينية والثقافية .... ولا يُمكن للعنصرية والكراهية أن تجد لها مكاناً في الولايات المُتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار مساعي التوصل لاتفاق دفاعي بين السعودية والولايات الم


.. الصين تغزو الجانب البعيد من القمر.. ما القصة؟




.. فرار مستوطنين من حافلة بعد دوي صفارات الإنذار


.. أردوغان: حماس استجابت بإيجابية لعرض الرئيس الأمريكي عكس نتني




.. روبرت مردوخ يتزوج للمرة الـ