الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملاذ (2)

مراد الزارعي

2017 / 1 / 25
الادب والفن


امام كل ما يحصل في العالم الكبير من احداث وصراعات ونزاعات قتل وتشريد وتعذيب وتطرف اخلاقي وديني وتعصب فكري وطائفي مللت الصمت ومللت الخطاب العقيم وضقت ضرعا بتلك اللغات الخشبية التي ابدع ابجدياتها كل من هب ودب ورحت اصرخ بصوت عال أين الفكر ؟ أين الفلسفة ؟ وأين العلوم؟ ولم اقل اين الاديان لاني واثق تمام الثقة بأنها سبب كل ما نعيشه اليوم من انشقاق فكري وتطرف اخلاقي وتعصب مذهبي وطائفي...
وأين الفن التي ترتسم لوحاته فنا وإبداعا ويغدو مبدعها مثل الطير الذي يرفرف عاليا "فيغنى للغناء ولكنه فى غنائه يعبر عن مجمل حياته" (1) حسب"بندتو كروتشه Bedetto Croce"أي أن الفن لا يخرج عن ان يكون اداة ولغة تعبيرية ابتكرها الانسان منذ العصور البدائية منذ ان امسك بالحجر وشرع يخط احلامه وأماله وينحت تصوراته وينقل مخاوفه من عنف الظواهر الطبيعة وصراعه الدائم مع الحيوانات المفترسة التي قام برسمها على جدران المغاور والكهوف. لتتواصل ابجديات هذه اللغة البشرية وتتطور في عصرنا هذا فتتخذ اشكالا وصورا حسية جديدة تعكس ما وصل اليه الوعي الانساني من درجة متطورة من الفهم والإدراك . فتتعدد انماط الفنون والإبداعات كل حسب تصورات الفنانين وحاجتهم ومهارتهم المماراساتية التي تفرض عليهم مجموعة من الاختيارات الفنية والأسلوبية والتقنية بحيث يصبح " كل فن هو لغة تعبير" (2) خاصة عن تلك التي تعبر عن تجربة انسانية بعينها إلا ان الحس يظل مرهفا وشغوفا بالإرادة والحاجة التي تحتاج اكثر الى التعبير والنقد بازدياد حاجاتنا العاطفية الخاصة. فتتحرر رغباتنا كلما اكتشفنا العالم اكثر وتهنا في متاهاته الكثيرة. حينها تتأسس التجربة الوجودية بكل ابعادها الذاتية ، فتنبثق من اعماقها الصورة الفنية من باطن ذواتنا فتكشف المستور وتفضح ما في دواخلنا من مخاوف ومكنونات نفسية ورغبات دفينة في حاجة الى التصعيد والإشباع لتترجم فنيا وجماليا لتصور حقيقتنا النفسية كما هي في نتاجاتنا الفنية إلا ان نرجسيتنا تمنعنا وتبني حاجزا من الذاتية وتلون هذه الحقيقة بريتوشات زائفة فتقدم شيء جديد يختلف عن الواقع المعيشي، وإن كان ينبثق منه في الاصل. "والحق ان الفنان إنما هو ذلك الإنسان الذى يشعر بأنه لا يمكن: أن يكون للواقع معنى، ما لم ينتظم فى نطاق عالم ما، وأن عليه هو إنما تقع مهمة اكتشاف ذلك العالم الذى لا يخرج عنه شئ، إلا غبار الواقع الكثيف الداكن الأسود. فالفنان هو ذلك الخالق الذى ينظم العالم عن طريق مجموعة من الوسائط الاستطيقية الخاصة، وفى مقدمتها جميعا واسطة (التعبير). وليست عبقرية الفنان فى أن ينقل الواقع بأمانة، وإنما عبقريته فى أن (يعبر) عن الواقع بعمق". (3) وذلك لنسبية الحقيقة في العالم التي تنعكس ايضا على منظومة القيم الاخلاقية الاخرى كالعدل والمساواة التي تنجر عنها جملة من التأثيرات السلبية كالظلم والعنف. حيث يعد العنف بكل اشكاله الجسدية والنفسية من اهم المواضيع الاساسية التي ركز عليها الفن الانساني في صيرورته التاريخية ابتداء من اول جريمة قتل على سطح الارض الى مشاهد الصراعات والحروب وصور القتلى التي تفنن في تصويرها المبدعين وكبار الفنانين اللذين تعرضوا بدورهم لمظاهر العنف المباشر من العالم الخارجي كالسلطة السياسية والكنيسة والمجتمع والأخر الذي اغتصب ارضه وشرده من موطنه وانتزع منه عباءة الرسول التي كانت ستنقذنا اليوم من حمام الدم الذي سنغرق فيه عاجلا ام اجلا...فأين الملاذ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى