الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة الرأسماليّة بين التصالح والمواجهة

صلاح الدين مسلم

2017 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لقد أضحى التصادم على أشدّه بين القوى الديمقراطيّة المتصاعدة وبين المتطلّعين إلى إعادة النفوذ الدولتي في الشرق الأوسط، وما كلّ هذه الحرب الشعواء والتنازلات التركيّة التي وصلت إلى مرحلة الذروة وعلى حساب الشعب التركيّ الذي بات يعيش أسوأ الظروف إلّا في سبيل إجهاض التجربة الديمقراطيّة في الشمال السوريّ، وهذا دليل راسخ على أنّ هذه التجرية الديمقراطيّة خطرٌ كبير على المنظومة الفاشستيّة التركية عبر تحالف القوميين الأتراك والإسلامويين الأصوليين لتنشأ التركيبة التي احتضرت سابقاً عند العرب، ولمّا تمت بعد عند الترك.
يبدو أنّ هذا التصادم سيكون بداية النهاية لهذه العقليّة التي لم تتناسب أبداً مع موزاييك الشرق الأوسط، حيث باتت سوريا ملعباً للصراع بين القوى الديمقراطيّة والقوى الفاشستيّة القومويّة الدينويّة، وكلّما تأجج الصراع قوت القوى الديمقراطيّة واستعادت عافيتها، وما خطاب ترامب بعد تولّيه الحكم إلّا رضوخ للقوى الديمقراطيّة في أميركا؛ رأس النظام العالميّ المهيمن، وما القبول بتسليح القوى الديمقراطيّة في الشمال السوريّ إلّا بداية البحث عن آليات التوافق والحلّ بين النظام المهيمن والقوى الديمقراطيّة، ومن هنا أفرز الشرق الأوسط كلّ التاريخ الممتد عبر القرنين الماضيين، وصارت كلّ دولة تلخّص تاريخها في هذه الحرب، وبالإمكان أن نرى عنواناً لكلّ دولة إقليميّة، سواءً للدولة الروسيّة الضائعة بين الأخلاق واللاأخلاق، أو إيران التي تسعى إلى استعادة المجد الفارسيّ، والدولة التركيّة الضائعة بين العلمانيّة والعثمانيّة والتي حسمت موقفها في إبادة القوميات غير التركيّة وصهرها في بوتقة الضياع القوموي التركيّ، والدولة العربيّة الهشّة التي تتخبّط بين التمسّك بالعثمانيّة الجديدة وبين التطلّع إلى الإرث المحمّديّ، والليبراليّة الفجّة المطعّمة بالقومويّة، وأميركا التي تبحث عن الحلّ التوافقيّ لئلّا تخسر دورها في الشرق الأوسط؛ طوقِ النجاة الوحيد لها للخلاص من الأزمات الصناعويّة والبيئة، والتفاوت الفظيع بين الطبقة الرأسماليّة والمجتمع.
قد ينظر البعض إلى اجتماع الآستانة على أنّه خطر على القوى الديمقراطيّة، ومازالت بعض الدول ترى الحلّ في هذه المعاهدات والاتفاقيّات بين الدول للقضاء على التجارب الديمقراطيّة ورسم المناطق والجغرافيّات بالمسطرة والقلم، لكنّها لا تستفيد من تجارب جنيف الفاشلة التي لم يتطرّق إليها المراقب الدولتيّ بعين المتفحّص والمحلّل بدقّة، فسقوط هذه المعاهدات في الوقت الذي كانت فيه الدول في أوج قوّتها مع بداية اشتعال فتيل الثورة في غربيّ كردستان التي كانت أضعف من الآن لدليل على أنّ الدول ستفشل أيضاً إن لم تلجأ للحلّ التصالحيّ على النموذج الترامبي.
لا يمكن أن نحلّل الوضع من خلال منظور أنّ الدول القوميّة وأنّ الحداثة الرأسماليّة تبحث عن مصالحها فحسب، إنّما من خلال منظور أنّ الحداثة الرأسماليّة تبحث عن حلّ لها فحسب، تريد أن تُنقذ نفسها، فهي في تراجع وانهيار يوماً بعد يوم، وما حالة اللااستقرار الأمنيّ في أوروبا وتركيا والعالم برمّته إلّا امتداد للاتوازن البيئيّ الذي يعكس تخبّط هذه الحداثة الرأسماليّة التي تريد أن تنتشل نفسها من وسط هذه الفوضى العارمة، إمّا بالمواجهة التي ستؤدّي إلى الفشل لا محالة، وإمّا بالتوافق والتصالح من خلال الأنموذج الأميركيّ الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ