الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(تمثيل)..! -ق. ق. ج.-

وديع العبيدي

2017 / 1 / 29
الادب والفن


وديع العبيدي
(تمثيل)..!

لم اصدقه عندما قال انها تكذب.. لم انفعل.. وانما غيرت مجرى الحديث بسؤاله عن رأيه في الانتخابات الاخيرة.. وعندما بدأ يتحدث لم اسمع من كلامه كلمة واحدة.. فقد كان ذهني في مكان اخر.. وقررت ان استقل الباص الذي توقف فجأة متعذرا بموعد في المستشفى..
أمس عندما رأيتها.. كان لديها حديث كثير.. هذا ما كررته بنفسها عندما اتصلت بي مقترحة ان نلتقي.. اسمتعت اليها بكل حواسي.. وكانت هي تتحدث طيلة الوقت.. ومن كل جوارحها.. لا شك في ذلك.. لم اقاطعها.. لم اناقشها.. لم اترك نظري ينصرف عنها.. وطيلة الوقت كنت اهز لها رأسي موافقا ومبديا ما يناسب من تعاطف وتفهم..
كانت شحنة متفجرة من الانفعالات وتقريع الذات.. وبين جملة وأخرى تقول انها غير محظوطة.. وانها غبية.. وأنها.. وانها... وأنت تعرف ان المرأة لا يمكن ان تعترف بالضعف والهزيمة بسهولة.. وفجأة قالت وكأنها تقرأ افكاري..
"ها.. قل لي.. لماذا اتحدث اليك.. لِمَ اخبرك بكلّ شيء.. هل انت صديق.. قريب.. هل تستطيع مساعدتي.. انا لا أحبك.. ولا يربط بيننا أيّ شيء.. ولكننا بشر.. بشر!"..
ومع سماع تلك الكلمات التي قالتها ببرود هاته المرة ومن غير أن انفعل.. شعرت بسعادة حقيقية.. لأول مرة منذ عصور.. وكأن صخرة سيزيف ازيحت عن صدري.. فطلبت منها ان نجلس قليلا..
بعد ساعتين من التجوال والكلام.. دخلت محلا للبوتيك.. سبق ان دخلنا اكثر من محل فاشن وبوتيك قبله دون ان تشتري شيئا أو تنقطع عن الكلام.. نظرت الى نفسها في المرآة.. قالت ان لديها موعدا لدى الطبيب.. ولكنها لن تذهب هكذا.. ستأخذ بعض الحبوب ليقتنع بأنها مريضة فعلا ويكتب لها التوصية المطلوبة.. نظرت الي دون ان تبتسم..
كل هذا اليوم لم تبدر منها ابتسامة.. وكنت اراقبها طيلة الوقت.. قالت انها ستغادر الان.. وانها تشعر بالتعب وتريد ان ترتاح.. وربما تذهب الى البيت مباشرة.. ربما..
تعانقنا عناق الوداع الاخير.. كانت تلك مبادرتي.. وعدت لوحدي.. وفي ذهني اسرع قرار اتخذته في حياتي.. وبكامل وعيي.. وهو ان انساها للابد!..
أبطأت خطوي كثيرا.. ونظري مطرق أرضا.. وتساءلت.. لماذا ينتظر المرء كل هاته السنين.. ليكتشف.. او يقرر.. ان امرأته كذبت عليه طيلة الوقت.. وأنه كان يؤمن بكل اكاذيبها طيلة الوقت..
امرأة جميلة ولا ينقصها شيء.. امرأة جديرة بالحب والتكريم والمال وحتى الموت من أجلها.. ما الذي يمنعها ان تكون هي نفسها على فطرتها.. كيف كنت أدعوها بالطفلة كلما تغزلت بها.. هل هاته هي البراءة المقدسة!..
إذن.. كل تلك البراءة والعفوية والتلقائية والطفولية كانت مجرد تمثيل.. تمثيل.. ماذا تحسبني.. هل انا بركات أو فيلليني.. هل هي في معرض للفوز ببطولة فيلم..
تتباهى المراة بالثياب والزينة وكيلوات الدهون والعطور.. التي كففت عن الاهتمام بها والاحساس بعطرها منذ زمن.. ولكن ان تتباهى بالكلام وحفظ مقاطع من أفلام ومسلسلات.. فهذا لا افهمه.. ربما تتمرن – براسي- على ادوار تؤديها في مواقف محتملة..
امس فقط.. حصلت على جواب لسؤالي الذي شغلني طويلا عن سر تغيرها منذ أول عهد معرفتي بها.. ولماذا كانت تنزعج في كل مرة اقول لها (تغيرت)!.. هي لم تتغير.. ولكنها.. من كثرة تقمصها للادوار.. وفي كل مرة وموقف ومع كل شخص او حالة.. تتقمص شخصية معينة.. تنسى مع الوقت الشخصية التي تعارفنا بها ذات يوم..
هل قلت لك أنها منحت نفسها اسما جديدا.. وانها كرهت اسمها القديم!..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف