الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذارى في وجه العاصفة ونكبة النّساء

ديانا أبو عياش

2017 / 1 / 29
الادب والفن


ديانا أبو عياش:
عذارى في وجه العاصفة ونكبة النّساء
"عذارى في وجه العاصفة" هي الاصدار الجديد للرّوائيّ المقدسيّ جميل السلحوت صدرت مطلع هذا العام 2017 عن مكتبة كلّ شيء الحيفاوية في تقع الرّواية في مائتين وأربعة وثلاثين صفحة من القطع المتوسطة .
تدور أحداث هذه الرواية حول النكبة الفلسطينيّة في العام 1948، وخصوصا نكبة النّساء المضاعفة، حيث تبدأ الأحداث مع بداية اللجوء والتشتت في مخيمات الداخل والخارج، يفصل من خلالها آلام وعذابات هؤلاء الناس من خلال أبطاله الذين يشكلون عينة حقيقية بأسماء مستعارة، ذاكرا المذابح العديدة التي تعرض لها هذا الشعب كمذبحة دير ياسين والطنطورة.
تناول الكاتب هنا عائلات من شمال فلسطين من منطقة طبريا وعكا والرملة وحيفا اللذين اضطروا للمغادرة الى الدول الأقرب إليهم من الحدود الفلسطينية كلبنان وسوريا.
رحاب بطلتنا الرئيسية تتزوج زواجا تقليديّا من الشاب طارق ابن العائلة الغنية في الرملة، فتضطهدها أمّه ( سعاد) التي لها تاريخ سيء، حيث اكتسبت ثروتها من مال زوجها تاجر المخدرات بعد موته وتزوجت رجلا آخر اشترته بمالها، أنجبت منه ابنها طارق وابنتها لمياء، وسعاد هذه كانت من رواد الحانات في حيفا.
تبدأ رحلة رحاب مع العذاب حين يتم تطليقها طلاقا تعسفيا، وهي ما تزال حاملا ببكرها ويختطف طفلها علي منها وعمره ستة أشهر على يد بلطجية استأجرتهم جدّته لأبيه سعاد، التي كانت السبب في طلاقها، بعدها تتزوج رحاب من خالد ابن قرية حطين قضاء طبريا، وتبدأ الرحلة الثانية مع العذاب باللجوء الى سوريا مشيا على الأقدام وهي حامل أثناء حرب النكبة ( 1948)، ويبقى ابنها علي تحت سطوة جدته وزوجة أبيه، ولم يجد من يحن عليه سوى عمته لمياء، وجده ضعيف الشخصية .
ويتم لجوء عائلة سعاد الى مخيم الجلزون في رام، حيث فقدت كل ثروتها على يد عصابة الهاجاناة، وتموت تحت اقدام بغل شموس بعد ترك زوجها لها، مصطحبا حفيده علي؛ ليسكن في بيت ابنته لمياء وزوجها الطيب، وتدفن في رام الله بعيدا عن مسقط رأسها الرملة، وكانت قسوتها عليهم سببا في عدم حزنهم عليها.
بعد 8 سنوات بدأ البعض شراء الأراضي ليقيموا عليها بيوتا لهم يستقروا فيها، حيث يتم اختيارها من أراض بور لأنها أرخص ثمنا.
بعد موت جدّه أبو طارق سنة 1964م يشعر علي باليتم الحقيقي، ويسأل عمته لمياء عن أمّه، ويبدأ بالبحث عنها، حيث يتجه إلى عمّان، وهناك يعمل في كراج لتصليح السيارات، ويتم استغلال تعبه من قبل صاحب الكراج، ويساعده رجل آخر كان يعمل في نفس الكراج على الخلاص، ويفتتحان معا كراجا آخر، ويعلن في الجريدة عن أمّه وعائلتها حتى يستدل عليهم عن طريق مرقص المسيحي الذي اصطحبه إلى سوريا في الحال، وهناك يلتقي علي بأمّه واخوته وليد، وحسن، وكمال وزمردة.
خلال هذه الرواية يتطرق الكاتب الى العديد من المشاكل التي واجهت حياة اللاجئين في تلك الفترة اضافة لما ذكرنا، ومنها:
خطر تسلل الشباب عبر الحدود اللبنانية والسورية إلى بيوتهم في فلسطين، حيث تحمل زوجاتهم منهم، كشخصية مريم التي حملت من زوجها زياد، وكانت تحاول اخفاء حملها حتى لا تتهم بارتكاب الفاحشة ( مع معرفة أهلها للحقيقة) لتصبح حياتها بين نارين، خصوصا بعد وضعها للمولود في المستشفى، حيث كان والده المتسلل يعيش في لبنان منذ سنتين وثماني شهور، وبين أن تعترف بأنه هو والد الطفل، فتخسره بمقتله او سجنه، وتختار أن ينسب الولد إلى أبيه، ولا يعود إليها حرصا على حياته، لتعرف بعد فترة أنّه تزوج وأنشأ عائلة في المنفى، وحتى أنّها لم تسلم من لسان بعض النساء العربيات من بنات منطقتها، يقول ص 140 في حوار بين مريم والموظفة في المستشفى:
"الصحيح أنّني حامل من زوجي زياد محمد الفالح المهجر الى لبنان.
- كيف يكون ذلك؟
منذ هجرة زياد وهو يتسلل إلى البيت كل أسبوع، ويمكث عندنا ليلتين، وحملت منه.
قالت الموظفة باستغراب: يتسلل، يعني يدخل البلاد بطرق غير مشروعة، هذا أمر خطير جدا، سأخبر الشرطة بذلك، كي نعرف ما العمل.
اعملي ما يحلو لك"
ضيق العيش على اللاجئين من حيث الاقامة في الخيام التي زودتهم بها وكالة الغوث الدولية، والتي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، مع الظروف الصعبة من حيث قنوات مياه الصرف الصحي المكشوفة في الشوارع، والأوساخ، ووجود القوارض كالفئران التي تجلب الأمراض، إضافة إلى الاكتظاظ السكاني وعيش الأسر في مساحة ضيقة.
لم ينس أيضا ذكر المعاملة الجيدة للاجئين من قبل بعض الأشخاص كعائلة أبي فاطمة، التي استضافت وشغلت أسرة خالد في أرضها، وبالمقابل استغلال البعض للوضع المادي السيء للاجئين، فيطمع بعض كبار السّنّ في الزواج من بنات اللاجئين الشابات، وكذلك استغلال عمل الأطفال كصاحب الكراج الذي كان يستغل علي مقابل لقمة عيشه، ولا يعطيه أجرته كما يجب.
الاضطرار للعمل كأجراء عند الآخرين بعد أن كانوا من أصحاب الأراضي والثروات، مما أدّى إلى عدم تحمل الكثيرين لهذا الضغط كشحصية الرجل الذي طلق زوجته وتخلى عن عائلته ثم وجد منتحرا.
الفراق بين المتزوجين من غير دخول، حيث تبقى الزوجة على أمل عودة زوجها ليضمهما عش الزوجية، فيضيع عمرها في نفس الوقت الذي يقوم هو بالزواج وتكوين عائلة في المنفى.
في الحقيقة لقد أجاد الكاتب عرض هذه القضية التي بدأها من حرب النكبة 1948 م حتى 1967 حيث حرب النكسة، ولم ينس كعادته تطعيم النص الروائي ببعض الأمثال والأغاني الشعبية، والملابس التراثية.
حاول الكاتب هنا أن يجمع ما بين نوعين من الظلم هما الظلم من قبل الاحتلال، والظلم الاجتماعي الذي تمثل كما ذكرنا في الحماة المتسلطة، الجهل، الطلاق التعسفي، تعامل زوجة الأب اللا إنساني مع ابن زوجها، والقال والقيل في أعراض المحصنات من النساء، وهذه ظواهر كانت موجودة في مجتمعنا ولم تزل حتى يومنا هذا.
ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع المقدسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنا والست والجيران?? علاقة ممتعة بين مزاج صلاح عبدالله وصوت


.. كل الزوايا - الفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي يوضح استع




.. كل الزوايا - هل الاقبال على المسرح بيكون كبير ولا متوسط؟ الف


.. كل الزوايا - بأسعار رمزية .. سينما الشعب تعرض 4 أفلام في موس




.. رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة يوضح الاستعدادات لعرض افلام