الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مصر الفرعونية الى الكنانة السلفية

عساسي عبدالحميد

2017 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هناك كتاب لشيخ الأزهر أحمد الدمنهوري والذي كانت مشيخته ما بين 1767و 1776 عنوانه الحجة الباهرة في هدم كنائس مصر والقاهرة والمدة التي تفصلنا عن مشيخة الدمنهوري هي 240 سنة؛ و فترة قرنين أو ثلاثة من الزمن ليست بالمدة الطويلة في تاريخ الشعوب ....
.
شيخ الازهر الدمنهوري والذي عاش في القرن التاسع عشر وتخرج على يديه طلبة وأئمة وصاروا بدورهم من بعده وعاظا ومدرسين؛ و نقلوا فكر الازهر وفكر الدمنهوري لطلبة آخرين في القرن العشرين... ومن فكر الأزهر هدم كنائس وأديرة الأقباط والتضييق والتنكيد عليهم بحرق منازلهم وكنائسهم ومتاجرهم وخطف بناتهم وعدم السماح لهم بالمناصب السيادية؛ لان مهمة الذمي في دار الاسلام هي جمع القمامة و بيع الكنافة و تصفيح بغال السلطان وحمل سطول الماء لحمامات حريم الخليفة هذا بعد خصي من يقوم بهذه الحرفة من الاقباط في سرايا امير المؤمنين لكي لا تقول امراة الخليفة لجرجس المنياوي هيت لك كما قالت زليخة زوجة فرعون للنبي يوسف (( حسب القرآن )) ؛
.
ومنذ دخول كتائب عمرو ابن العاص الإجرامية أرض مصر و الأقباط يعانون من أصناف وألوان المظالم؛ فكانت أول جريمة قام بها عمرو ابن العاص وللتذكير فهو ابن زنا هو حرق مكتبة الاسكندرية بأمر من الخليفة المسلم عم ابن الخطاب؛ ثم تلتها ملاحم المذابح والمناكح ..وقطع السنة من يتكلم اللغة القبطية في تعاملاته اليومية....حتى رفات القديسين لم تسلم من النبش والتجريف ...وكان جباة الزكاة لبيت المال يطبقون قاغد الاذلال استنادا للاية القرآنية التي تقول (( حتى يدفعةا الجزية عن يد وهم صاغرون )) ...وصاغرون يعني اذلاء ....
.
مصر دار إسلام كما يقول الشيخ الدمنهوري في كتابه الحجة الباهرة في هدم كنائس مصر والقاهرة ؛وهو نفس الكلام الذي يردده حاليا وفي أيامنا هذه مشايخ في مصر جهارا نهارا وفي مقدمتهم برهامي ومخيون ومن أعلى ماسبيرو بمباركة وتزكية من غرانيق الدولة المصرية الحاكمة والتي ترى في السلفيين صمام أمان ووسيلة للحكم تحفظ لهم مصالحهم وملياراتهم ..
.
منذ انقلاب السيسي على أخيه من الرضاعة مرسي؛ اي منذ انقلاب احمس على أخنس والشعب المصري مثل ذلك القطيع الذي انتقل أمر تدبيره ورعيه من يد تنظيم الاخوان ليد نسانس العسكر...والصراع في حد ذاته هو صراع تدبيري اي توفير الكلأ والمشرب وفق المتاح من الامكانيات؛ مع تحجيم الاضرار ومنع اي انفلات أمني من الحظيرة والحفاظ على مصالح المافيات الحاكمة المتنفذة امنيا واقتصاديا ...
.
وما ينطبق على الشعب المصري ينطبق على كل شعوب عربومستان من المغرب غربا حتى خليج نفطستان ....فنحن قطعان السلطان الحلوبة اللحومة التي تحمل الاثقال و تجر العربات وان هرمنا و تعبنا يرمي بنا لسباع حدائق الحيوانات....
..
منذ شهور يقوم الجنرال السيسي برحلات عبر محافظات مصر وكان أخرها بمدينة أسوان بالنوبة لعقد ملتقيات مع الشباب المصري يتحدث لهم عن دور الشباب المحوري في التنمية وتدوير عجلة الاقتصاد؛ و يسرد الجنرال التائه على مسامع الحاضرين رزمة من مشاريعه من حفر وتوسيع الترع و بناء السكن الاجتماعي لأصحاب العشوائيات واستصلاح أراض للزراعة؛ كما يتحدث الجنرال على ضرورة تجديد الخطاب الديني تماشيا مع العصر ...أي أن هذا الكلام الذي قاله الشيخ الدمنهوري و يردده عبر اليوتوبات وقنوات الدولة شيوخ السلفية يجب تجديده تماشيا مع روح العصر ....
.
التنمية والنهوض بالمستوى المعيشي هو رهان يراه السيسي ضروريا حفاظا على الأمن والسلم الاجتماعي ؛ وهو محق في هذا ؛ لكن المشكلة هي أن السيسي يشبه الرجل المسطول الذي ينثر البذور و يصب الماء الزلال على أرض متشققة ناشفة مالحة أملا في حصاد وفير و غلة جيدة ...لكن الماء يضيع هباء منثورا والبذور تموت في صحراء الملح ...
.
لا تنمية و لا اقلاع اقتصادي يا سيسي في ظل وجود شرائح مليونية تدين للسلفية الوهابية وتقوم بتأطيرها السعودية والازهر ...لقد قمت يا فخامة الرئيس في سنة 2015 بزيارة رسمية لكل من اليابان وكوريا الجنوبية وزرت احدى مدارسهم وأبديت إعجابك الكبير بالنظام التربوي الياباني ؛ وتمنيت لو يكون لمصر مثل ذلك الصنف من الأطر والأطقم التربوية ومن التلاميذ والطلبة...جدير للذكر أن اليابان وعند بداية القرن العشرية أرسلت وفدا للقاهرة لكي تستفيد اليابان من التجربة المصرية الرائدة في ميدان التعليم آنذاك ؛
.
لو قمت يا فخامة الرئيس بزيارة مفاجئة لإحدى مدارس مصر ودون سابق إنذار؛ فأول ما ستجده عند باب المدرسة هو كومة من الأزبال التي تفوح رائحتها على بعد كيلومتر ...ستجد البواب العم حسنين منهك يجلس على كرسي متهالك لان راتبه لا يكفيه فيضطر للعمل ليلا ليسد بالكاد رمق عياله و تسديد فواتير الماء والكهرباء ومصاريف زوجته المريضة ؛
.
و عند دخولك لباحة المدرسة ياسيسي وقت اذان الظهر أو العصر سترى اطفالا صغارا و قد اصطفوا لاداء الصلاة بتنظيم من مدرسي وإداريي المدرسة؛ وأثناء الصلاة يلعن الأطفال في سورة قرآنية شركاء الوطن ويلعنون ابا لهب وامرأته أم جميل حمالة الحطب في سورة المسد و ابو لهب مات منذ 15 قرن ...
.
يعني اننا نتقرب الى الله بسور اللعنات في حين يتعلم أطفال اليابان و كوريا الجنوبيا تقنيات التواصل والتعامل و الانفتاح على ثقافات وتراث الشعوب ..في حين أن أول سورة تنقشونها على ذاكرتنا في روض الاطفال هي سورة الفاتحة التي تصف اليهود بالمغضوب عليهم والنصارى بالضالين ...يعني أول حصة دراسية للطفل وهو يضعه رجله على اعتاب المدرسة هو البغض وكراهية غير المسلم .
.
و عند دخولك يا سيسي لاحدى مكاتب الادارة ستجد السيدة المعيدة وهي تفرك الفاصوليا أو تنقي العدس لتعد الطبيخ اثناء العمل وتحمله عشاء لبيتها؛ لأنها تضيع الوقت ما بين مسكنها ومكان عملها في ظل ازمة المواصلات ...و قد تجد المعيدة و هي على مكتبها تتلو ما تيسر من القرآن قد تكون سورة الكهف أو العنكبوت او احدى سور اللعنة التي يلعن فيها الله اليهود والنصارى ؛ثم تنام لبعض الوقت....
.
اكثر من نصف شعوبنا مسكون بشبح السلف الصالح الذي كان يذبح و ينهب ويغتصب و يحرق رفوف المكاتب والبرديات مثلما فعل الصحابي عمرو ابن العاص باسم اله الكهوف ؛وحين تسكن الشعوب أرواح شريرة فلا مجال للحديث عن التنمية وتحسين الوضع المعيشي للمواطن؛ فالسيسي اشبه بمن يصب الماء الزلال على كثبان حارقة؛لأن من شروط الاقلاع الاقتصادي وقبل الحديث عن الاوراش التنموية الكبرى يجب تدمير صنمين اسودين بمصر هما صنم الاسلامونازيا المتمثل في خربة الأزهر وصنم العبرومانيا الذي يعلي بيرقه القومجيون العرب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بس العجول - العقول - اللى تفهم
Magdi ( 2017 / 1 / 30 - 10:18 )
الصديق الأستاذ عساسى عبد الحميد
شكرا جزيلا
مقال عظيم من اروع ما قرأتة فى حياتى كلها
.
ليت المصريون جميعا يتطلعون على هذه الموجز للمأساه التى تعانى منها بلادنا : مصر والمغرب الشقيق حيث قمت - لمدة سنتين - بالتدريس فى كلية حقوق الرباط فى أطار التعاون الثقافى مع فرنسا - لم أرى جلالة الملك الحالى لأن والده فضل أن يرسله إلى القسم العربى (تعلمت بعض مفردات اللهجة المغربية مثل :واخا - أى نعم - زربان - أى مستعجل - جوج دراهم - أى 2 دراهم)

ولكن هل سوف يستوعب - أي يفهم - الناس ما كتبته حضرتك ؟

بالمناسبة تذكرت نكتة حقيقية حصلت للبابا شنودة الثالث

كان البابا شنودة يلقى محاضرة فى صعيد مصر ويجيب - بفضل معلوماتة ومعرفته الغزيرة - على أسئلة الحضور ، فقام أحد الفلاحين وصاح :
أنت - جاموس - ( يقصد : قاموس ) ياسيدنا.
فرد عليه البابا شنودة :
بس فين - العجول - (يقصد :العقول ) اللى تفهم

فكاهات البابا شنوده على شريط
http://www.egypty.com/top4/shenoda_jokes.asp

صحيح يا عساسى بك فين - العجول - التى تفهم كلامك ؟
تحياتى

اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال