الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرجينيا وولف من خلف أشجار القص

سعاد جبر

2006 / 1 / 13
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر حديثا عن دار الشروق في عمان مجموعة قصصية للروائية البريطانية فرجينيا وولف معنونة بـ (بيت الأشباح) بترجمة القاصة رقية كنعان، وتضمنت المجموعة القصصية عناوين مثيرة بدءا من بيت الأشباح وقصص أخرى، وجاءت المجموعة القصصية في أربع وستون صفحة من الحجم الصغير، وتناول نص (بيت الأشباح) محاورة بين شبحين تدور بينهما محاورة ناطقة تسدل من خلالها الرؤية المبطنة للنص في أعماق الكاتبة التي تتنهد كلماتها ألما وتململا على لسان تلك الأرواح الخفية المتحركة عبر منظومة اسقاطات في البيت المفتوح وحراك الستائر والصفحات والحديقة في مساحات الأشجار وتلاعب الريح بأفق المكان والزمان معا، في ظل تصوير فني ماتع، ورسالة مشفرة في النص تحكي مساحات الأنا القلقلقة المتمردة في فرجينيا وولف، في ظل أجواء عبثية تحرك أحداث القص عبر تماهيات الشبحين في مساحات المنزل والحديقة، حيث تتحرك ارواحهما الناطقة في النص في ظل انتشاءات الأمن، وهنا تبرز روح فرجينيا في النص عبر حراك تلك الأرواح الخفية بحثا عن مفأجاة ومنظومة أسرار مخبئة في أحضان المكان والزمان، وتماهيات الرجل على مساحات القص، وتنهدات المرأة بحاثة عن سر وجودها بين متواترات لحظات الحياة ولغة الصفحات، فالقص يحكي (أنا) فرجينيا في تمرد رؤاها عبر لغة القص من جهة وعمق حالة الكشف عبر لغة تكثيف السرد في عوالم صامتة في حياتنا، تحركها لغة فرجينيا بحثا عن الحقيقة الحاضرة المفقودة في أعماق الكاتبة المتمردة المنهكة في الآن ذاته، في ظل فوضى أحداث تمر من بين عين الكاتبة المبدعة المتمردة، فتختزلها مشاعرها في عمق المعاناة، فتبث على النص في حرارة القص وحيرة السؤال، بحثا عن جواب مفقود دوما، يغلفه تساؤلات في ميلاد تساؤلات، تؤجج (أنا) الكاتبة في مزيد من الحيرة والفضول، عبر مساحات الألم والمعاناة في ماهية الشخوص المختارة من قبل الكاتبة

والمتتبع للنصوص الواردة في المجموعة القصصية، يبرز له حدة الإسقاطات التي تتشكل من قبل ذات الكاتبة على النص، من خلال لوحة فسيفسائية اسقاطية للطبيعة التي تواترت مفرداتها في النصوص في ظل رؤية فلسفية متمردة للكاتبة، عبر تتابع المفردات والمقاطع والمشاهد والتنهدات على بساط التمرد والتساؤل، مما يؤكد حضور ذات فرجينيا في كافة مقاطع القص وتعبيرها عن مساحات القلق والتوتر من جانب عبر لغة عبثية إبداعية في الآن ذاته

وفي نهاية مطاف مقالتي النقدية هنا فكل التقدير لروح فرجينيا ولف التي ودعت العالم في ظل نهاية مأساوية تذكرني برحيل المبدعة مي زيادة، وايماني العميق بأن الهم واحد في حياة المبدعين في الشرق والغرب، في ظل سيكولوجيا الذات وسيسيولوجيا الأحداث اليومية، وان اختلفت الظروف والأحوال والمسميات، فالجوهر واحد في حياة كل مبدع مرهف الإحساس، واحيي إبداع القاصة رقية كنعان عبر ترجمتها الدقيقة الموفقة لهذه المجموعة، وكل إبداع والإبداع وردة مسافرة بلا حدود في عمر كل مبدع في الحياة عبر مساحات الروح المسافرة والحاضرة معا.

................

* فرجينيا وولف (1882-1941) روائية بريطانية وكاتبة مشهورة في الصحافة البريطانية، أصيبت في نهاية أيامها بنوبة عقلية أثرت على نفسيتها فملأت جيوبها بالحجارة وأغرقت نفسها في نهر اوسي بالقرب من منزلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24