الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الطالباني: صلاحيات أوسع أم دور سياسي أكبر؟

سعد الشديدي

2006 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


طالبَ السيد رئيس جمهورية العراق، السيد جلال الطالباني، بصلاحياتٍ اوسع لمنصب رئيس الجمهورية الذي يشغله. معلناً عما اراد من خلال الناطق الرسمي بأسمه بأنه يريد أن يكون الرئيس العراقي المقبل مشاركا حقيقيا في الحكم وألا يقتصر دوره على التشريفات. ويفهم من اللهجة التي استخدمها الرئيس العراقي، او الناطق لرسمي بأسمه على الأقل، انه بصدد المطالبة بتوسيع هامش الحركة واضافة صلاحيات جديدة له كرئيس للبلاد، اكبر من تلك التي يسمح له بها قانون الدولة الأنتقالي والدستور العراقي الذي تم الاستفتاء عليه قبل اشهر.
اولاً لا يمكن لي، وربما لغيري، ان نوّجه اي شكلٍ أو لونٍ من الوان النقد لما يطالب به الرئيس العراقي. على العكس نتفهم جيداً الأسباب التي دعت الطالباني الى رفع سقف مطالبهِ بعد انتهاء الأنتخابات. واضعين نصب اعيننا بأنه كالأغلبية العظمى من سياسيي العراق والمنطقة نشأوا وشابوا وشاخوا على مجموعةٍ من المسلّمات التي تؤكد ان منصب رئاسة الدولة هو قدس الأقداس الذي يتمحور حوله وجود البلاد والعباد. فرئيس الجمهورية، هو رمز السيادة الأول والأخير وبين هذين المستويين يأتي العلم والنشيد الوطني وشعار الدولة وشركة الطيران والمنتخب الوطني، بمراحل ومراحل ولا يمكن لها ان تصلّ الى المرتبة السامية التي أُغدقت على منصب الرئاسة. فالرئيس في منطقتنا هو الذي يصدر القوانين ويسنّ الشرائع وينسخها بأخرى جديدة ويشكّل الحكومات ويحلّها ويقود الجيوش والقوات المسلحة في الحرب والسلم ويسيطر على مداخل ومخارج الأقتصاد سيطرته على ينابيع الماء والسحاب لا بل انه هو الذي يأمر الشمس بالشروق فتشرق وبالغروب فتغيب في وجلٍ العروس في خدرها لمجرد سماعها صوت الرئيس حفظه الله ورعاه وجعلنا واياكم من رعاياه.
ومن هذا الوعاء ومن تحت هذه العباءة خرج الجمع الأكبر من سياسيينا في العراق والشرق الأوسط. ونفهم جيداً ان مجرد دخول القوات الأمريكية وأحتلالها بغداد وأسقاطها النظام الديكتاتوري الفاشي البائد لا يعني بالضرورة أن تغيراً بيولوجياً سريعاً او تطوراً داروينياً حاسماً سيحدث في ادمغة السياسيين او الشعوب. فتطورات من هذا النوع لا تحدث إلا بشكل تراكميّ وعبر فترات زمنية قد تطول احياناً. ففي الجانب الأول من الموضوع، نرى ان قيادات الأحزاب السياسية التي تتربع على دست السلطة في العراق ما زالت تتعامل مع قواعد أحزابها، والجماهير العراقية بشكل عام، من ذات المنظور الذي كانت تتعامل به معها منذ عقود عديدة. وان تغيراً ما لم يحدث في موقف هذه القيادات التي تسلقت سلالم السلطة عبر الأنتخابات وبفضل المواطن العراقي. فما زال موقفها من المواطن يراوح مكانه. فلا هو تقدم ولا تأخر. فالعراقي مازال يُنظرُ اليه على انه خادم الدولة، التي يتنعمُ اربابها بلذيذ العيش في المنطقة الخضراء مستمتعين بالهواء البارد صيفاً والساخن شتاءاً عن طريق مكائن عملاقة للتكييف المركزيّ. أما علي وعمر وكاكه حمة فيستطيعون حتماً العيش دون هذه الكماليات.
وبالنسبة للأمن والأمان فلا داعي للدخول في موضوعها أذ تمّ احالة مصائر المواطنين وأقدارهم الى المؤسسة العامة لليانصيب الوطني. ومن هناك ستصدر لوائح القتلى والجرحى والمهجرّين بعد ان تُعرض على الوزارات ذات العلاقة. اذ اصبح خروج العراقي الى العمل وعودته، او عدم عودته، شكلاً من أشكال الحظ والنصيب بعد أن فقدت الوزارات ذات العلاقة السيطرة على اسس ومرتكزات العمليات الأمنية. معللةً فشلها ساعةً بأختراق قوى الأرهاب اجهزةَ الداخلبة والدفاع، وأخرى بتقصير امريكي اذ لم يسلّم الأمريكيون الملف الأمني العراقي للوزارات العراقية ذات الأختصاص حتى هذه اللحظة.
وعلينا نحن المواطنين العقلاء ان نتفهم ان ما يحدث هو مجرد مرحلة انتقالية قد تطول شيئاً لتصل الى ستين أو سبعين سنة. وبعدها سننعم جميعاً بالخير واليمن والأمان ولتصدحُ بعدها اغاني الطرب الأصيل على ارصفةِ شوارعنا واصوات الأراجيل العابقة بضوع معسّل التفاح البحريني.
وفي الجانب الثاني من الموضوع، يبدو ان قباداتنا الجديدة مازالت عالقة في تلك الأفخاخ للتي نصبتها لهم الأنظمة السابقة ولم يتخلصوا منها او يستطيعوا منها فكاكاً حتى الآن. فباتوا ينظرون ويسمعون ويفكرون ويقررون تماماً كما كان رؤسائنا المقبورين واعوانهم يفعلون.
ما يطلبه السيد الطالباني لا يخرج إلا من مشكاةٍ الرئاسة التقليدية التي يبدو انها بدأت بأستعادة صحتها وحيويتها في العراق الجديد. والسؤال الذي لا ارى له جواباً هو: هل اراد السيد الطالباني اطاحة صدام – الشخص- والأبقاء على المظاهر الصدامية في الدولة والبلاد؟ ام ان فخامة الرئيس الطالباني كان ورفاقه في قيادات الأحزاب العراقية الأخرى يريدون بالفعل اجنثاث النظام الصدامي ودفنه مع كل ما يرتبط به من المظاهر التي افرزها عبر اكثر من ثلاثين عاماً حكم فيها العراق؟
هذا سؤال يتمنى العراقيون ان يجيب رئيسهم المنتخب عليه. فزيادة صلاحية مسؤول كبير في الدولة لا يمكن إلا عن طريقين: الأول بأن يعاد اقتسام الصلاحيات بين رؤوساء السلطتين التشريعية والتنفيذية. الأمر الذي قد لا يسمح به رئيس الوزراء أو رئيس الجمعية الوطنية. أو استحداث صلاحيات جديدة لأحدهم والأبقاء على مستوى وحجم صلاحيات ومسؤوليات الأخرين. فهل سيتم ذلك من خلال اعادة كتابة الفقرات الخاصة بواجبات رئيس البلاد وحقوقه المنصوص عليها في الدستور أم ان ذلك سيكون بالتجاوز على الدستور... يعيش بعدها رؤوساء السلطات الثلاث بثبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات من وراء ظهر الدستور؟
كما ان منح صلاحيات جديدة لمسؤول كبير في الدولة ينبغي ان يوازيه في الجانب الآخر زيادة مسؤوليات ذلك الشخص. فهل سيتحمل الرئيس العراقي ان تكون له مسؤوليات تقيد من حركته كسياسي مخضرم في الساحة السياسية العراقية نتوقع منه دوراً مميزاً في التقريب بين وجهات نظر الفرقاء في الساحة السياسي العراقية؟ أم سيقبل الأستمرار بإداء دوره المناط به حتى لو كان شرفياً ويقوم بعد ذلك بالتركيز على توحيد البلاد والأشراف على عمليات مصالحة بين الأطياف والمنظمات والأحزاب السياسية العراقية دون قيود الرئاسة التي ستكبله وتمنعه من الحركة بحرية؟
نريد لرئيس الدولة ان يكون اباً للأمة بأجمعها. وهذا مقدور عليه بصلاحيات كبيرة أو بغيرها.
أما اذا كان ارئيس العراقي يرى غير ذلك فأن الكلمة الفصل في هذا الموضوع ينبغي ان تبقى لممثلي الشعب في الجمعية الوطنية. وليست للرئيس ولا لرئيس الوزراء ولا حتى لرئيس الجمعية الوطنية. بل لممثلي الشعب المنتخبين فهم وحدهم من سيحدد حجم صلاحيات كلّ من رؤوساء السلطات الثلاث... اللهم إلا اذا حدث شيئ ما من وراء ظهورنا. ويا ستّار استر!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل