الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الشاعر علي رشيد ـ الحرب والطفولة
حمزة الحسن
2003 / 2 / 14الادب والفن
من يقرأ الشاعر علي رشيد عليه أن ينسى نفسه ويأتي إلى هذا الديوان كما يأتي طفل أول مرة إلى حقل أزهار وفراشات ومكائد وعصافير خائفة وعليه أن يتعلم فك رموز الكتابة. وماذا عليه أيضا؟ هذا الشاعر الخارج من خرائب الحرب وأنقاض الفجيعة مسكون بذاكرة لا تهدأ ولا تنسى ولا تستريح. كل شيء عند علي رشيد يأخذ معنى مغاير، وتتحول الكلمات في قصيدته إلى مخلوقات لها هيئة جديدة. فللبنادق( مكر العوانس). علي رشيد طفل كربلائي خارج من مواكب العزاء والرايات السود ومشاهد الموت الطقسي، وحزن العصور التي ما نست ليل الخديعة. لكن الخديعة تتقمص شكل المواسم وتطيح بالأسماء، وهو يريد صحوة: وكيف؟ هل هو ديوان مراثي للعائدين من الحرب؟. هل هو نشيد حزن عن قيامة لا تنهض إلا من جفاف ورماد وموت؟ هل هي حكاية أيوب مرة أخرى؟ وهل أرضنا هي أرض( عوص) موطن الألم و الابتلاء؟. وماذا عن الجند؟ جيل علي رشيد غارق حتى في الحلم بمفردات: الخديعة، الخطيئة، المكيدة: *( ريح هنا *( للغارقين في مكائدهم، للهاربين من مداخل الحكاية). لكن من يكتم السر؟. ( هذا الذي رجوته أن يكتم السر من خرب ذاكرة علي رشيد؟ وكيف انقلبت الأسماء؟. إنها الحرب. وبعد كل هذا الخراب، ماذا تبقى لنا يا علي؟ هذا الشاعر الطفل قرر العصيان في طفولته والمكوث فيها فليس غير البراءة من يحمي من بطش الخديعة: يبني علي رشيد تجربته الشعرية بصمت الأزهار والسواقي وهدوء الينابيع وجمال نوم الفراشات المتعبة. شاعر لا تقترب منه أقلام النقاد ولا إعلانات الصحف ولا تحبه مهرجانات وغير مدعو إلى احتفالات الصخب. وهو يرفض أن يوظف أحزانه في مشهد الزور ويقيم في ذاكرة لا تمل من الصهيل، وهي آخر ما تبقى له فوق هذه الأرض الخراب. إنه شاعر أعزل يحتضن براءته كما يحتضن طائر قطبي جناحه داخل العاصفة ويحلم بالنسيان.
عليه أن ينسى المعنى المألوف للكلمات، لأن علي رشيد يبلبل الذاكرة، ويهشم القاموس، وينبش الحجر والمكيدة والحرب ويقلب النظام المتعارف للكلمات.
إنها كتابة النسيان.
نوع من حفر الذكرى على الموج أو الريح أو الغياب أو الرمل أو المطر أو الضباب.
ذاكرة تصهل.
وللبنادق( آلهة تبيح قيامتها).
والمدن يا علي رشيد؟
( مدن تبيح خصائصها للغزاة).
والبيانات؟
(بشراهة الموت تتقافز البيانات، وهي مصاغة
بحكمة الثعالب).
( صحوة تعرف أن تخوض خديعتها).
( غيبة لا تلوي خديعة المكان
تمسك بأعنة
ممالك مأهولة بأبخرة هامدة
تبحث عمن يوقد بهجة السواد).
( إن الجند أكثر حماقة من أنقاض الحرب).
مقصد آخر للشروع،
فتك يتذرع بالمكائد).
*( يطيبون هواء الخديعة بماء الورد)
*( والأرض بيرق لا تحركه المكائد).
*( لنسوق جمال الخديعة لمستهل جديد).
لم يكن أخي أو صديقي الذي يستعيد بداءته بي
ولم يكن رفيق دراستي المتجمد كالحصى
بل هو السر نفسه).
( كنا نسمي الأشياء بأسمائها
حتى إذا ما جاءت الحرب
أصبحنا نسمي
الأيام مقابر.. والمساءات فجيعة
والحلم.. دما شاحبا).
( لم نكن نملك غير أسمائنا
تلك التي غيبتها المنافي).
( لو
أني ملكت مفاتيح خطاي
لما سلكت
غير درب الطفولة).
علي رشيد شاعر آخر من جيل الرماد سوف نتذكره كثيرا في مواسم قتل قادمة !
ـــــــ*
يقيم علي رشيد في هولندا، وديوانه( ذاكرة الصهيل) صدر من دار نينوى، دمشق، سنة 2001ـ 2002.
* عنده كتاب آخر ( أضحية رمزية لمعارك الله) تخطيطات مع قصائد، وهو رسام أيضا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. خيارات صباح العربية للمشاهدة هذا الأسبوع في السينما والمنصات
.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن جديده مع الملحن ياسر بوعلي وموعد ط
.. -أنا محظوظ-.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن علاقته بالملحن ياسر
.. من عالم الشهرة إلى عالم الإنتاج السينمائي.. صباح العربية يلت
.. أغنية -سألوني الناس- بصوت الفنان الشاب ناصر نايف