الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإنتخابات البلدية : البندقية ، السلطة ، السياسة

محمد محسن عامر

2017 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عندما وضعت ثورة العباسيين أوزارها و أنهت حكم بني أمية كان لزاما الإنتقال من الثورة إلى الدولة ، أي من الحرب إلى السياسة .هذا ما وعاه أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي الثاني بالتالي أنهى عهد الثورة بقتل زعيم الدعوة أم مسلم الخرساني و قال قولته الشهيرة للمتمردين عن مقتله"أيها الناس لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية ولا تسروا غش الأئمة".
السلاح و السياسة و السلطة ثلاث عناصر مرتبطة بطريقة عضوية و محددة في التاريخ العربي منذ مقتل الخليفة عثمان و دخول المجتمع الإسلامي الجديد طريق ترتيب الهيمنات الإجتماعية و السياسية . إذ أن ترتيب هذه العلاقة هو المحدد لتشكيل المشهد السياسي المهيمن .
من الطبيعي أن يكون تصويت مجلس النواب في تونس لصالح تمكين التكوينات المسلحة من الإنتخاب في البلديات مصدر خوف شعبي ، إذ رغم غياب الوعي السياسي بمعناه الحديث داخل فئات الشعب إلا أن هناك وعيا عفويا يرى في أجهزة الدولة المطالبة بتنظيم العنف أدواتا لعنف قد يتجاوز حدود الدولة متى وجد الفرصة المواتية .
علينا أن نقر أن هناك مستويان للحديث عن علاقة الجيش بالمجتمع :
علاقة الجيش بالسلطة :الجيش تكوين إداري مهمته تنظيم العنف ضمن إطار الدولة ، بالتالي تنحصر مهمته في الردع الخارجي الدفاعي و ضمان ديمومة الدولة داخليا .هنا نعي أن فكرة القوة أو العنف المنظم التي يحتكرها الحيش و الأمن مهمتها الوحيدة هي ضمان عدم خروج العنف عن حدود التنظيم الإجتماعي الحالي . هذا ما يحدد طبيعة التكوينات المسلحة داخل المجتمع ، أي أن لا تخرج ضمن سياقات تحويل العنف إلى فعل منظم تحتكره الدولة .
أمافي علاقة الجيش و الأمن مع السياسة فهي أمر آخر مغاير و أكثر خطورة . في الدول العالم ثالثية التي لم تتنظم فيها علاقات القوة و النفوذ حتى في شكلها الليبرالي الأكثر اهتراءا أي تنظيم العنف داخل أنساق أكثر حداثة في علاقة الفرد بالفرد و الفرد و المجتمع بالتالي الدولة و المحتمع ، يتحول احتراف الحيش للجملة السياسية مؤذنا بتحويل البندقية إلى لاعب سياسي و مشكل للمشهد المسيطر . هذا قانون عام يسري على كل الطغم العسكرية التي حكمت من إسبانيا أمريكا اللاتينية غربا حتى سوريا و العراق شرقا و هذا ما يحضر أو حضر في أذهان الجميع بمجرد طرح هذا الموضوع في تونس بغض النظر عن وجاهة أو تهافت الموقفين .

لنفكر اجرائيا ، أي في الإستباعات السياسية الممكنة وراء دخول أكثر من مائة و خمسين ألفا أمنيين و عسكريين في جو الإنتخابات المشحون .المدافعون عن القانون يقولون أن المشاركة في الحياة الإنتخابية محصور على الإقتراع فقط لا الترشح و حضور الإجتماعات الانتخابية !! هذا جيد عندما نتظر للمسألة من فوق ، و لكن يجب وضع أشياء مهمة في الحسبان ألا وهي :
أن الإنتخابات تخلق جو من رأي العام المساند لهذا أو المناهض لذاك ، بالتالي ستخلق تجمعات ضمنية على قاعدة التوجه الإنتخابي ، بالتالي لا ضمان سياسي و قانوني يحمي هذا الرأي الإنتخابي من التحول لخط سياسي داخل المؤسستين العسكرية و الأمنية .
جو الإنتخاب سيخلق ضرورة نقاشا سياسيا داخل الناخبين العسكريين و الأمنيين، بالتالي ستخلق مع الزمن كما حدث في كل دول العالم التي يقحم فيها العسكر في السياسة ولائات سياسية تفرضها آراء القيادات العسكرية و الأمنية باعتبار الطابع الهيررشي الولائي و حس الإستقلالية التي يطبع الأمن و العسكر .
رأي أخر يقول أن الإنتخاب حق مواطني ، هذا صحيح في اطار عربدة الآراء السياسية و خبط العشواء الذي يميز مواقف النخبة . إذا أن عدم المشاركة في الإنتخابات بالنسبة للعسكر لا يعد سلبية سياسية و حدا من الحقوق المواطنية . إذ أن حياد الأمن و العسكر السياسي محدده حساسية موقعه ضمن هيكلة الدولة و الدور المناط بعهدته بحماية السلم الإجتماعي و الأهلي و ضمان السجال المدني الديمقراطي في البلاد . بالتالي الحياد الانتخابي هو دور مواطني كبير جدا مساوي للمشاركة في التفاصيل الاجرائية للعملية الديمقراطية .
ثم لنقل الأمور بوضوح أكثر الأمن ليس وحدة إدارية صماء بل مركز نفوذ سياسي سافرة مقحمة منذ الإنتفاضة في صناعة المشهد السياسي المهيمن ، كيف يمكن أن يكون حامي العملية الديمقراطية و ضامن شفافيتها جزأ من تحديد الحاكم لاحقا!! هل توجد ضمانات سياسية لهذا ؟ لا أعتقد ..
إقحام المؤسستين الأمنية و العسكرية في لعبة الموازنات السياسية في ظرف انتقالي حساس و داخل معطيات اجتماعية و سياسية حساسة و عدم تحول الدولة إلى الآن إلى كيان حقوقي و سياسي حديث فوق المجتمع ، كل هذه المعطيات ستخلق تداخلا بين السلطة و الدولة ستكون استتباعاتها تحويل القوة المحتكرة لدى الدولة إلى ورقة في الصراع السياسي ..لنأمل أن نكون على خطأ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة