الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل من ..صلاحيات رئيس الجمهورية ..!

هادي فريد التكريتي

2006 / 1 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أعلن أكثر من مرة السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطلباني ، من أنه لن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية للفترة اللاحقة إذا لم تعدل مواد الدستور الخاصة بصلاحيات الرئيس ، وهذا أمر يخص السيد الطلباني ، ونظرته الحالية للواقع السياسي العراقي ، وموقع حزبه والائتلاف الكوردي في إدارة الحكم بالعراق ، والدور الذي يرسمه لنفسه بعد التجربة التي مر بها ، وآفاق تطور التجربة الإتحادية ـ الكوردستانية وانعكاساتها على الواقع العراقي الجديد .
لا شك أن الدستور الدائم " الجديد " قد جعل صلاحيات الرئيس بروتوكولية ، ولا يمنحه دورا فاعلا أو مؤثرا في تركيبة السلطة ، أو المشاركة في رسم سياسة الدولة ، والمساهمة في عمل الحكومة والتأثير فيها وعليها ، كما هو كائن في قانون إدارة الدولة السابق ، وسواء تحقق التعديل أم لا ، فقضية رئيس الجمهورية ومهامه لن تبقى محصورة بيد الكورد ، خصوصا إذا تجاوزت القوى السياسية أمر المحاصصة الطائفية والقومية ، والتزمت بمبدأ الاستحقاق الانتخابي وما تقرره صناديق الاقتراع ، وحتى التئام شمل مجلس النواب الجديد ، عندما تنضج لقاءات القوى السياسية لتشكيل الحكومة ، هناك فسحة من اللقاءات والتشاور ، ستتمخض عنها أمور كثيرة ، بما فيها تسمية رئيس الجمهورية وصلاحياته ، وتعديل الدستور وتشكيل الحكومة .
لقد أقر قانون إدارة الدولة ، الذي جاء بجمعية وطنية ، انتخبت رئيس الجمهورية ، ( المنتهية ولايته ) ، وأقرت تشكيل حكومة السيد الجعفري ، التي لا زالت تقود الحكم حتى اللحظة ، وفق مبدأ المحاصصة ، وقد صرحت المادة الخامسة والثلاثون ، من هذا قانون إدارة الدولة بما يلي : ـ " تتكون السلطة التنفيذية في المرحلة الانتقالية من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه .." ( ولمن يريد معرفة المزيد من صلاحيات هذه السلطة عليه الرجوع إلى "قانون إدارة الدولة والمادة الخامسة والثلاثون منه ) ، وبناء على هذا النص فإن رئيس مجلس الرئاسة الذي هو رئيس الجمهورية ، مشارك بالكامل في رسم وتنفيذ سياسة الدولة والحكومة شأنه شأن رئيس الوزراء ، ويتحمل المسؤولية، سلبا وإيجابا ، كاملة وبكل أبعادها ، الأمنية والاقتصادية والمالية والخارجية ، ويراقب عن كثب كل ماله علاقة بالوطن والمواطن ، والكل يعرف أن العراق والشعب العراقي ، خلال هذه الفترة ، من مسؤولية الحكم المشترك ، رئاسة الدولة للسيد الطلباني ورئاسة الحكومة للجعفري ، قد تعرض للكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان ، في مناطق مختلفة من العراق ، بما فيها كوردستان ، والحالة الأمنية ليست متدنية ومنتهكة من قبل التكفيريين وقوى الإرهاب البعثي والقومي فقط ، وإنما أيضا ، من قبل أجهزة الحكم الأمنية والمليشيات الحزبية ، الغير قانونية ، وحصيلة الشعب العراقي من القتل والتفجير والتفخيخ والاغتيالات تجاوزت كل الأرقام في عالم الجريمة ، وما من شك أن السيد رئيس الجمهورية يعرفها ومطلع عليها تفصيلا ، من خلال أجهزة الدولة الأمنية المختصة ، ومن خلال الوزراء الكورد المساهمين في الحكم والذين يشغلون الكثير من الوزارات ، ناهيك عن مسؤولي الدوائر المهمة التي يشغلونها في وزارة الدفاع والداخلية . فالفساد الإداري والمالي في أجهزة الدولة ، حدث ولا حرج ، فالنهب قد بلغ أرقاما قياسية ، فليست هي ملايين الدنانير ، بل هي مليارات الدولارات الأمريكية ، المخصصة لتنفيذ مشاريع خدمية ، تهم المواطن ، ومشاريع إعادة لترميم البنى التحتية ، قد تم " لهفها" من قبل الوزراء ، ولو كان الوزراء يمتلكون بعض " مخافة الله " لرأينا من هم دونهم يخافون محاسبة الوزير ، أو رقابة الأجهزة المسؤولة ،كما قد سطا النهابون والحرامية على كل ما تقع عليه أياديهم وأعينهم ، فليس نهب الخزينة لوحدها ، وإنما شمل النهب كل ممتلكات الدولة من عقار وأراضي ، والسطو حتى على أملاك المواطنين المعارضين للنظام السابق ، الذين صادر النظام البعثي أملاكهم، ولم يجري ردها لهم ، يجري " شفطها ولفطها " من قبل المسؤولين الجدد . وحقائق تزوير الانتخابات ، وفساد المفوضية ـ الغير ـ المستقلة للإنتخابات ، وبعض أعضائها المتحزبين وعلاقاتهم المشبوهة بإيران ، والسيارات المحملة بالقسائم الإنتخابية المزورة ، والملايين المنهوبة من تخصيصاتها ، حسبما أفادت التقارير على لسان أحد أعضاء المفوضية العليا ، والهجوم على لقمة عيش المواطن برفع أسعار الوقود والغاز والبنزين ، في حين يتعرض النفط وإنتاجه إلى نهب مبرمج ، نتيجة لتواطؤ أجهزة في الدولة مع مافيات التهريب في المحافظات الشمالية والجنوبية والوسط ، هذا كله يتحدث عنه الرائح والغادي ، وما عاد المواطن البسيط يثق بحكامه الجدد ، فحكامه ما عادوا يتحسسون ما يعانيه المواطن من نقص في متطلبات حياته اليومية والآنية ، فالبطالة تشكل 70% من مجموع السكان ، ولا أخال السيد الرئيس ، جلال الطلباني ، لم يسمع بكل ما سبق ، وبما هو واقع فعلا من مظاهرات العاطلين عن العمل وقتل أربعة منهم وجرح العشرات ، لا لشيء سوى مطالبتهم بعمل يوفر لهم لقمة عيش ويبعد عنهم وعن عوائلهم غائلة الجوع والفقر الذي تجاوزت نسبته في أرض السواد ، نسبة متدنية عما عليها الحالة في الصومال وجنوب السودان ، والإضرابات والمظاهرات في بغداد والحلة والبصرة ، وكثيرة هي من غير هذه المحافظات ، تطالب بزيادة الأجور و ضد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وأجور السفر والتنقل ، والبطاقة التموينية ؟ كيف حال المواطن وعيشه ؟ وهو يفتقد نوعيتها ، وقلة مقدارها ، وليس عنده من وسيلة ما ليطبخ به الحمص أو العدس من مواد هذه البطاقة ، ولا أعتقد أن من يتقاضى عشرات الآلاف من الدولارات شهريا من المسؤولين سيهتم بما هم عليه هؤلاء الرعاع .الجياع .، الذي وصل على أكتافهم إلى الحكم والتحكم فيهم ؟ وفضائح السجون السرية التي تحدث عنها القاصي والداني ، ولجنة التحقيق التي شكلت لهذا الغرض برآسة نائب رئيس وزراء كوردي ، ِلَم لم تعلن نتائجها حتى الآن ؟ على الرغم من أن مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان كان قد هدد بنشر نتيجة التحقيق قبل إجراء الانتخابات ، إلا أنه وحتى اللحظة لم يكشف عنها ، اليست هذه من الجرائم الكبرى بحق الشعب العراقي ، لم التستر عليها ؟ أليست هي سياسة " شيلني ..أشيلك " ياسيادة الرئيس جلال الطلباني ؟ وأنتم قادرون على وقف كل هذه التجاوز ، ولم تفعلوا .. !
ِلَم المطالبة بتعديل الدستور ، من اجل صلاحيات ات أوسع ، وأنتم لا زلتم تتمتعون بصلاحيات المشاركة في رسم وتنفيذ سياسة الدولة والحكومة ، إن من يستمع إليكم وأنتم تتحدثون عن تعديل مواد الدستور بخصوص صلاحياتكم ، يعتقد أنكم في رئاستكم ، كنتم منقوصي الصلاحية ، إلا أن الواقع هو غير ذلك ، فقد منحكم الدستور " قانون إدارة الدولة " ، هيئة الرئاسة ، وأنت رئيسها ، الشراكة الكاملة للسلطة التنفيذية ، المكونة من مجلس الوزراء ورئيس الوزراء. إلا أن الشعب العراقي لم ير منكم ، ومن وزرائكم الكورد ، أي موقف يدلل على أنكم حكام عراقيون للعراق كله ، فما كان يجري في العراق العربي فلا شان لكم به ، ما يهمكم هو أمر الكورد ، وجني أكبر وأكثر المكاسب لإقليم كردستان فقط ، وما يحقق لكم ولكردستان الأمن والرفاه ، كنتم ولا زلتم مؤثرون في رسم سياسة الدولة وتنفيذها ، وكل ما وقع وحصل ، وسيحصل ، في العراق تتحملون مسؤوليته متضامنين وبالتساوي مع شركائكم في قائمة الائتلاف . كان بودنا أن نسمع منكم ، شخصيا ، ومن وزرائكم المشاركين في الحكم ، معارضة لما كان ولا يزال يجري في البصرة والناصرية وبغداد وغيرها من المحافظات العراقية ، من أساليب حكم تتنافى والقانون ، وحقوق الإنسان ، من قتل وتهجير وتضييق على الحريات ، كل الحريات ، عدا حرية اللطم ، كان أملنا أن تقفوا بحزم ضد كل تجاوز وتمييز في التعامل بين مواطن وآخر ، مواقفكم عندما كنتم في المعارضة تنادي بالحرية والديموقراطية والمساواة بين الموطنين ، دققوا فيها اليوم ، ِلَم َلْم تجدوا لها صدى في واقعنا الحالي ، فالوزارات ودوائر الدولة ، بغض النظر عن أنها تحولت إلى حسينيات تمارس فيها الطقوس الطائفية ، لم تعد ضامنة حق للمواطن ، فلا تعيين لمن كان من غير الطائفة ، ولمن لا يدفع المعلوم ، ولا ارتجاع لحق منهوب ، زمن البعث ، إن لم تشفع بدفع الفدية آلاف الدولارات ..إذا كنتم غير قادرين ، أيها السيد الرئيس ، أنتم أو وزراؤكم ، على إحقاق حق للعراقي ، أو وقف التجاوز على الحريات العامة والخاصة , وإذا كان شبح الدكتاتورية يطل علينا من جديد وبشكل أقبح من النظام السابق ، وأنتم غير قادرين على وقفه فِلَم ولمن ستكون الصلاحيات الأوسع ، هل ستستخدمها لإطلاق سراح الموقوفين والقتلة من أركان النظام الفاشي ، أمثال برزان وغيره ، أم من أجل عدم تصديق أحكام الإعدام ، إن صدرت على المجرمين من أمثالهم ، لأنكم ملتزمون أدبيا بما وقعتم عليه ، ضد تنفيذ أحكام إعدام للقتلة ، إن كان من اجل هذه الأمور ستطالب ، فلا خير فيها ، فالصلاحيات الواسعة يجب أن تكون من جل توسيع حريات الشعب العراقي وضمان أمنه وشمول رفاهيته لكل المواطنين ، الصلاحيات الواسعة ، عليكم استخدامها ، من أجل الوقوف بوجه الطائفية التي ذر قرنها في العراق ، والتي تغذ السير نحو فاشية جديدة ، أقبح وأعتى من فاشية البعث ، لتكن صلاحياتك أيها الرئيس من أجل أن يتمتع الشعب بأوسع الحريات ، ومن أجل أمنه ورفاهيته ، وضمان حياته ، وترسيخ السلم بين طوائفه وقومياته ، وتحقيق سيادته على أرض وطنه ..!

13 كانون ثاني 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو