الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم أنا محرض

رضا كورا

2017 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


نعم أنا محرض

ونحن على بُعد أيام من انطلاق فصل جديد من فصول مسرحية تثير الاشمئزاز، ممثلوها انصاعوا لرؤية المخرج وخضعوا أمام مال المنتج ولم يجادلوا يوما أخطاء السيناريست، وكان همهم فقط إيهام الجمهور ودغدغة مشاعره، أتذكر جيدا يوم اعتقالي الذي كان متوقعا عقب نصب كمين محكم من طرف البوليس السياسي قبيل الانتخابات البرلمانية في 2011، بعد نشاط أقل ما يمكن وصفه به هو أنه حماسي بشكل كبير حمل في طياته الكثير من الأمل و الحلم المجهض..

كانت أول تهمة وُجهت إليَ من طرف المحققين والتي لم أنفِها بتاتا هي: “أنت محرض “.. نعم أنا محرض، محرض ضد هذا النظام السياسي المستبد، الذي أتى على الأخضر واليابس في وطني، محرض على مقاطعة الاستفتاء على الدستور الذي نُسب زورا لحركة عشرين فبراير، لأن سقف مطالبنا لم ولن يكون كذلك، محرض على مقاطعة تلك الانتخابات التي وافقت أحزاب القصر الثلاثين آنذاك على إجرائها مبكرا، رغم أن هذا طعن آخر في تواجدها .

فقبيل خطاب الملك في 9 مارس كانت تدافع عن شرعية تواجدها في تلك القبة التي لا شغل لها سوى استنزاف خزينة الدولة، الانتخابات التي لا يزال الكثيرون يؤمنون بجدواها على اختلاف نواياهم..

أنا محرض على مقاطعة الأحزاب التي خانت وأجهضت إرادة الشعب، محرض لا يهمه ثمن حرية شعبه مهما كان باهظا. محرض ضد خطاب الاسلاميين والمتياسرين آنذاك الذين لم يكن لهم همٌّ سوى العمل على بقاء النظام السياسي الذي منحهم كل شيء، مقابل العمل على استمراره، لأنهم يعلمون علم اليقين أنه ولي نعمتهم وزواله من زوالهم.

اليوم بعد خمس سنوات، لا زلت محرضا، ليس فقط على مقاطعة هذه اللعبة المكشوفة، لكن محرض شغله الشاغل هو إيصال الحقيقة لعموم الشعب الحقيقة التي يعلمونها جيدا ويحاولون إخفائها، حقيقة أن كل السُّلط متمركزة في يد الملك ومحيطه، لأنهم لا يريدون فتح أعينهم لرؤية النتائج في أنفسهم أولا محيطهم بعد ذلك..

هذا الشعب الذي أتحدث عنه هو الشعب الذي ما فتىء النظام يسخره ويستغله لقاء حاجته الشاذة، وليس الآخرين الانتهازيين الأغبياء الذين يطبلون ويهللون للاصلاح خلف هواتفهم الذكية.

تسع ولايات تشريعية متشابهة مرت منذ 1963 إلى غاية 2011، تسع انتخابات لم تقدم ولم تؤخر شيئا سوى وضع طلاء جديد باهت في كل مرة، على وجه النظام السياسي، فقد ساعده هؤلاء المتواطئون على الضبط السياسي والاجتماعي للشارع الذي انتفض في كل مرة، أساسا، انطلاقا من الضغط الاقتصادي الخانق، فهذه البرلمانات والحكومات التي تعاقبت في تاريخ المغرب الحديث لم تشرعن لشيء سوى لمصالح القصر ومقابل امتيازات أعضائها المرتبطين به، وذلك بإثقال كاهل الشعب بالضرائب والزيادات المتتالية في الاسعار وسن القوانين السالبة للحريات، وتفصيل أخرى على المقاس المحدد من طرف القصر.

فلماذا إذن هذه الانتخابات والملك ومؤسسته يحتفظان لنفسيهما بكل الصلاحيات المنصوص عليها وغير المنصوصة؟

لم نسمع يوما أن هناك برلمانيا أو وزيرا أو رئيس حكومة قال لا لميزانية القصر، بل سمعنا أن هناك مَن طالب بالزيادة فيها، أو قال لا للزيادات الصارخة في الاسعار، أو قال لا للقوانين السالبة للحرايات، أو قال لا لتدخل قوى القمع في احتجاجات الجماهير؟…

لم نسمع يوما أن البرلمان حصلت فيه “قربلة “ومشادات كلامية في حضرة وزير الداخلية، لكن رأينا “قربلات” وسب وشتم وتبادل التهم في حضور رئيس الحكومة، وهذا يدلعلى أنهم “بيناتهم شي عايق بشي”!

ولأنهم كذلك، فنحن أيضا “عقنا بيهم” ولم نعد نؤمن بإصلاح ما أفسدته سياسة القصر، بل نؤمن أن التغيير إن لم يكن من أعلى الهرم، لا يمكن أن يكون من الوسط، وأن المسؤول عن تغيير هذه القمة هي القاعدة التي نريد لها أن تصحو في أقرب وقت، ولأننا نؤمن أن الانتخابات ما هي إلاّ شكل من أشكال استمرارية الوضع الحالي، وأداةٌ لتفاقمه، ونحرض على مقاطعتها ومقاطعة كل شيء متعلق بالنظام.

رضا كورا
* صحافي مغربي مقيم في فرنسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي