الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة دونالد ترامب

حمزة الكرعاوي

2017 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


السيد دونالد ترامب ، يضع العام على مفترق طرق ، وكل شعوب الارض القوية والضعيفة ، تسعى لإستعادة هويتها القومية والوطنية ، لان العولمة وما بعد الحداثة هي لحظة إشتغلت على مسح الوجوه من ملامحها ، لكي تكون صقيلة إلى حد التشابه ( حسب وصف عراقي قال هذه الجملة في منتدى سياسي على شبكة البالتوك ) ، نوع من الدغم الثقافي و المالي والسياسي في العالم الذي تقوده أمريكا اليوم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ، وإنتبهت ( حكومات ) إلى أن هذا المسعى سيذهب بها إلى الكارثة ، واصبحت كل شعوب الارض ملقاة خارج حدودها ، لا بالمعنى المكاني ، بل بالمعنى الشامل للحدود التي تحد الانسان ( ثقافة وقيم وإدارة الذات الخ ) .
الاكاديمي الامريكي روبرت إسحاق في كتابه مخاطر العولمة ، يشكو من إختطاف أمريكا والعالم لصالح الشركات الكبرى ، ويطلق عليها ليلة القبض الملوث ، تلك الليلة التي تم فيها جمع تبرعات لحملة جورج بوش الابن الانتخابية ، حيث تم توقيعه على تسليم مقدرات العالم لتلك الشركات ، ويقول إسحاق : اذا كان هذا حال الناخب الامريكي يصادر صوته في ليلة واحدة ، فكيف نعطي الاخرين الديمقراطية ؟.
بعد تصريحات دونالد ترامب التي أهانت أوربا ، تجتمع أوربا لتبحث عن المشترك فيما بينها ، وهو العرق ، وإذا لم يشتغل العرق ، تراهن دول أوربا على المشترك الوطني .
أمريكا بشرت العالم ونفسها ، بأن هذا القرن هو القرن الامريكي ، وبسلوك ترامب ، تتخلى عن يافطة قيادتها للعالم في القرن الذي بشرت به ، أنه القرن الامريكي .
كل شيء تأجل في العالم بعد فوز ترامب في الانتخابات الامريكية ، الثورات مؤجلة ، الخطط الاقتصادية مؤجلة ، مشاريع أجلت ، الجميع يحبس أنفاسه ، مشاكل بينية بين الدول التي أعصابها مشدودة إتجاه مايمكن أن يحدث .
مسطرة ترامب هي مسطرة ربح وخسارة ، ليس وفق المزاج الشخصي ، وإنما هي مسطرة يمليها الواقع الامريكي عليها ، تمليها العطالة والبطالة الواسعة ، وتراجع النمو الاقتصادي ، وتراكم المديونية الامريكية بإستمرار ، وبالطبع تبدأ زيادة في خدمة المديونية الهائلة المقدرة أن تصل إلى 20 تريليون دولار ، وأمريكا تتحكم ب 40% من التجارة العالمية ، وهناك تهديد غريب من نوعه للصين ، وهو ليس تهديدا من ترامب ، بل هو تهديد الشارع الامريكي ، وأمريكا في النهاية ( بورصة ) ، تهرب منها الشركات ، وهي بالاساس مكدسة خارج الحدود للولايات المتحدة ، وحتى خارج أوربا ، وترامب يقولها بكل بساطة ، وبطريقة فاقعة ، في بداية حملته الانتخابية ، كان يتحدث عن زيادة الضرائب 40% على البضائع الصينية التي تدخل أمريكا ، وفي هذه الحالة هو يشتغل لصالح الصين ، وبعد ذلك صعد خطابه ودعى لافراغ الصين من الشركات الغربية ، وإستعادتها ، وتوزيعها بطريقة أخرى ، إفترضها بنفسه ، لكنه لم يفصح عن كيفية توزيعها في أمريكا ، والمقصود حسب رؤويته ، ورؤية الجهة التي خططت لذلك ، لانه ليس شخصا بل هو ظاهرة موجودة في امريكا .
واذا إستطاع ترامب أن يضغط بإتجاه ترحيل عدد من الشركات من الصين ( وهو يستطيع طبعا ) وأمريكا قادرة على أن تجبر الشركات على ما تريد ، فهل ستأخذ الصين الامر من باب المتفرج ، والحرب معلنة عليها ؟.
دونالد ترامب أعلن الحرب على الصين ، وهو إعلان ليس مبطنا ، إعلان مباشر وصريح من دون تأويل ، لان تراكم الدولار الامريكي عند الصين تراكم مهول ، وظن البعض من الناس ، أن الابتزاز فقط للخليج ، وتصريحه الذي وجهه للخليج ، هو نفسه الموجه الى أوربا والصين والعالم أجمع على قدم المساواة .
مشروع إبتزاز للجميع ، ولن تسلم دولة دون أخرى من الابتزاز الامريكي ، هناك تصريح موجه للاتحاد الاوربي ، هو الاكثر إهانة ، وهي بالغة ، هكذا تصريح هو إعلان أن المؤوسسة العسكرية الامريكية إن إستمرت بهذا الشكل ستتحول إلى ( بلاك ووتر ) شركة أمنية مأجورة ومرتزقة ، وهو ذهب أبعد من فكرة دونالد رامسفلد الذي روج لخصخصة المؤوسسة العسكرية لتتحول إلى شركات أمنية ، وأمريكا بشكل علني ستأخذ على عاتقها وظيفة المرتزقة ، لانها تقدم خدمات مقابل المال ، ولن يهمها من المعتدي والمعتدى عليه ، ولا يهمها أيضا أن التطور هنا أو هناك يضر بها إستراتيجيا ، أو لا يضر لانها غير معنية بهذا الامر .
هناك تغيير كلي لطبيعة علاقات الولايات المتحدة الامريكية بالعالم من جهة ، وتغيير كلي في فهم موقع أية دولة في العالم ، على سبيل المثال : تبحث أمريكا عن منطقة هشة رخوة ( دولة متعبة منهكة ) لتستعرض فيها قوتها ، لإرهاب الاخرين ، وهذا ما فعلته في أفغانستان والعراق ، تدخل عسكريا إلى دولة لاتتوفر على رد حقيقي يوازي القوة الامريكية ، وهي بالاساس تعاني من فائض بالقوة .
وفق توجه ترامب ، أن أمريكا لاتقدم شيئا بالمجاني ، ومسطرته ( ربح وخسارة ) ، من يتصور أن أمريكا يوما ما ، ستخاطب أوربا بهذا الخطاب المهين ، إذا لم تدفعوا ثمن حمايتكم سنتخلى عنكم ؟.
كأن أمريكا تتنبأ بالعدوان على الجميع ، وستهب لحمايتهم ، لم يخطر على بال أحد هكذا تصور ، نعم في السياسة الامريكية مفاجآة ، وماهي الخسائر الناجمة عن هذه السياسات في الداخل الامريكي ؟.
وهذا يعني ضمنا أن أمريكا ستفكك كل إرتباطاتها مع العالم ومؤوسساته الدولية ، ستبدأ من الامم المتحدة وما يتفرع منها ، وجون بولتن أحد الداعمين لتوجه ترامب ، حيث طالب أكثر من مرة إلى الغاء دور الامم المتحدة .
الكثير من الناس توهموا أن ترامب جاء صدفة ، هذا التوجه لترامب ليس جديدا ، سبقه تنظير ، والقصد من توصيف ترامب بالظاهرة ، حتى لايتوهم احد أنه شخص وله مزاج خاص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة