الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المثقف و السلطة- من الغالب و من المغلوب؟

علجية عيش
(aldjia aiche)

2017 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الحِوَارُ و التَعَدُّدِيّة الفِكْرِيَّة..
--------------------------
الحِوَارُ ضروري لمعرفة الآخر و فهمه، طالما يوجد اختلاف بين الطرفين، فكرا و إيديولوجية و مذهبا و عقيدة، كما أن الحوار ضروري بغية الاستفادة مما لديه من أفكار و تجارب تساعد في تحقيق التعايش، و تغيير الواقع و تحويله للاتجاه الذي يرضي الجميع و يحقق المصلحة العامة، فمشكلتنا نحن المسلمون أننا لا نقبل بالحوار، لأننا ننظر للآخر بنصف عين، و نعتقد أنه أقل منّا مرتبة، فوقفنا جامدين أمام التحولات التي يشهدها العالم، إن التعصب الفكري و العقائدي وحده يولد الخلافات بين البشر و يقود إلى انقسامات فيما بينهم، ليس بين مجتمع مسلم و آخر غير مسلم، بل حتى بين المسلمين أنفسهم، و ما الأحداث الذي عاشتها بعض الدول التي حولت الخلاف من الرأس إلى اليد كما يقال كالجزائر ، تونس، مصر، ليبيا، سوريا، و العراق، و نشب فيها الاقتتال و دبّت الفرقة، و تقطعت اللحمة بين ابناء البلد الواجد، بسبب التعنت الفكري، و لم تخلق من التعددية الفكرية حالة حوارية عقلانية كما يقول بعض المفكرين، الذين يرون أن الاختلاف سُنّةٌ، و جعلوا من الحوار علاج للتخلص من الأزمات ومحاربة صانعيها، و إبطال الشعور بأن التغيير أمر في حكم المستحيل، من أجل أن يظل الحال على ما هو عليه.
ما تزال رائحة البارود تنتشر في كل حيِّ و في كل بيتٍ من البلاد العربية التي تعيش الثورات، و الإرهاب الهمجي، و ما أصاب الشعوب من وهن و انهيار معنوياتهم، و في كل مرة نسمع أو نقرأ هنا و هناك بأن الوقت قد حان لإطلاق صفارات الإنذار لإنقاذ الشعوب و الجماهير، و حفظ ماء وجه الأنظمة و الأحزاب و ما زرعته من يأس في قلوب الشباب و قضت على أحلامه و طموحاته، و وعدوه بعالم وردي، و إذا به سراب و أوهام، و في كل مرة نسمع أو نقرأ هنا و هناك بأنه حان التغيير و نجد أحزابا تطلق مشاريع لبناء "جدارا وطنيا" تحمي به منظومتها السياسية، الاقتصادية ، الاجتماعية و التربوية و الثقافية، و في شتى جوانب الحياة ، و إعادة النظر في الذكاء الصناعي الذي ابتكر الأداة التي تبيد البشرية و تعطل نشاطها الإنساني..، و قد ظلت بعض الدول تعاني من حالة احتراب داخلي ناشبة بين السلطات الحاكمة التي لا تريد التخلي عن كراسيها لذلك فهي تسلك العنف سبيلا إليه، فتشعرهم بالضياع و العبثية و انسداد الأفق، و لعل ما يحدث الآن من تمرد شباني و مواقف الرفض و تصاعد حركات التطرف و التعصب الديني و السياسي سببه انهيار النظم ، التي كانت سببا في تراجع مؤشر الثقة في كل المؤسسات و تراجع الضمائر بدورها كلما وقفت متفرجة على ما يحدث من أزمات، و التي تضع العالم كله أمام أخطار شاملة، يقول المؤرخ الجزائر محمد الميلي رحمه الله: " من الخطأ أن نتصور بأن ظواهر التطرف و الإرهاب التي يعرفها هذا البلد أو ذاك، ناتجة فقط عن التحولات الداخلية للبلد المعني، بل إنها شديدة الصلة أيضا بالشمولية العالمية التي تؤدي إلى القضاء على الهويات، و من ثم الانفصال عن التاريخ أو فك الارتباط به"..
معظم المثقفين العرب قلدوا الغرب في العناية بالعلوم الإنسانية و لكنهم لم يحاوروهم لفهم الماضي و التخلص من قيود الفكر الاستعماري، بل أنهم لم يحددوا موقفهم من الاستعمار، و الجزائر كنموذج عجزت حتى أن تنتزع اعتذارا من فرنسا عن جرائمها التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري، و هاهي تبرم معها اتفاقيات عمل و علاقات صداقة و كأن شيئا لم يحدث، بل تلجأ إلى مستشفياتها للعلاج، و هي بذلك تؤكد على أن الجامعة الجزائرية فشلت في تكوين الكوادر الطبية، و لم تعد قراءة التاريخ قراءة فاحصة، و هي قراءة تتصل بالهوية، فجميع الدول و بالخصوص العربية منها محاصرة اليوم بعدة عقد، أخطرها عقدة التعايش مع الآخر و التحاور معه لإحداث السلام، حتى أحزابها و مثقفيها لكم يتناولوا بالتشريح الأسباب التي أدت إلى تأخرهم عن الركب الحضاري في الوقت الذي سيطرت فيه بلدان أوروبية على منافذ البحر الأبيض المتوسط.ذ، و نقف دائما مع المؤرخ الجزائري محمد الميلي عندما وضع المثقف أو المفكر العربي على طاولة التشريح، ذلك المفكر الذي تعرض لنار مزدوجة: " سوط الحاكم و تكفير المفتي" ، هذه النار أوقفت كما قال هو كل مبادرة فكرية للتجاوب مع المتغيرات، فأصبح المثقف و المفكر يلوذان بالصمت أو يسايران نفاقا ما يقوله علماء البلاط و المفتون..، السؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو أليست المبادرات الفكرية تأتي عن طريق الحوار؟ فلماذا يرفض حكامنا الحوار مع المعارضة، و كأن الأنظمة الحاكمة و المستبدة ما تزال تطبق ذهنية : " أسكت يا ولد"، و عقلية الأمر الذي لا يقبل النقاش، كما ترى مثقفيها و مفكريها بأنهم ما زالوا صغارًا على اللعب السياسي ، و أن مهامهم لا تخرج عن حدود تأليف قصّة أو ديوان شعر في الغزل..
فالأنظمة الذي وضعت المفكر و المثقف جانبا و في آخر الصفوف تخشى اليوم حتى من اتصالها بالأخر و كيفية الاتصال به ، أي ممارسة "الحوار" مع الآخر و الاعتراف به رغم ما يكون بينهما من اختلاف و مغايرة، و هذان العنصران ( الاختلاف و المغايرة) كما يقول محمد الميلي هما اللذان يبرزان أهمية حوار طرف مع آخر، فكونه مغايرا للآخر، هو الذي يجعله يسهم في تشكيل الآخر ، و لأن الحوار يشترط "الندية" فهي تبحث الآن عن المفكر الواعي و المثقف الثوري لتواجه به العولمة، لكنها لن تعثر عليه، لأنه ركن الى السلبية، و هو الآن يبحث عن طريقة تخلصه من مركب النقص ليعيد صياغة التاريخ و رواسبه، ويعيد النظر في المكونات الأساسية للهوية، و كذلك دراسة الواقع دراسة جيوسياسية، ثقافية ، اجتماعية و اقتصادية، حتى يتمكن من تغيير قانون الغاب الذي فرضته السلطة و الأنظمة الاستبدادية التي أفقرت شعوب العالم و تركت التصحر يجتاح ربوعها الخضراء فاقتلعت أشجارها و عاثت فيها فسادا، و يمكن القول أن الانحطاط السياسي الذي بلغته الأنظمة العربية كما يقول بعض المحللين في السنوات الأخيرة، و ما ينتظرها اليوم من ضرورة تصحيح ما يمكن تصحيحه، و إنقاذ ما يمكن إنقاذه يجعل المهمة صعبة و شاقة و تحتاج إلى نفس طويل.
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم