الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى الكفاح الاجتماعي وأهدافه ووسائله وشروط نجاحه

محمّد نجيب قاسمي

2017 / 2 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المكناسي تكافح تنمويا واجتماعيا ...المكناسي تتحاور فكريا و فلسفيا
حوصلة للمحاورة الثانية بالمقهى الفلسفي بالمكناسي بتاريخ 04 فيفري 2017 بمقر جمعية صوت مواطن تونسي (صمت)
حول : معنى الكفاح الاجتماعي وأهدافه ووسائله وشروط نجاحه
المقرر ومدير المحاورة: محمد نجيب قاسمي
من مميزات الفلسفة عودتها إلى مساءلة إجاباتها في مسارها اللامتناهي بحثا عن الحقيقة والخير و الجمال وهي التي تنوع انشغالاتها ومن بينها اخضاع اشكالية الكفاح الاجتماعي الى المساءلة ومن بين مفاصلها:
• لماذا يهيمن الإنسان على الإنسان والحال أن صراعه الأصلي مع الطبيعة لإخضاعها وتسخير الإمكانيات الهائلة فيها لصالح البشرية جمعاء؟
• كيف أمكن لبعض الناس السيطرة على الأغلبية الساحقة منهم ؟
• ما مشروعية الكفاح الاجتماعي ؟ وهل هو تحدٍّ لنواميس محددة ومواضعات سائدة ؟
• ألا يمكن إلغاء الهيمنة والاستغلال والاضطهاد فيغيب حينئذ الكفاح الاجتماعي؟
• هل الكفاح الاجتماعي هو سعي إلى هيمنة جديدة فيولد من رحمها كفاح آخر وهكذا دواليك في مسار لا ينتهي من الصراع ؟
كان هذا مدخلا عاما مهد من خلاله مدير المحاورة لموضوعها وقد حضر جمعٌ من المهتمين بذلك من أساتذة ومعلمين ومحامين وموظفين وعملة ومعطلين عن العمل من الإناث والذكور وكان من المأمول أن يقدّم عبد الحليم حمدي منسق اعتصام هرمنا ورقةً عن تجربة الكفاح الاجتماعي بالمكناسي من حيث منطلقاتها وأهدافها ومسارها وآفاقها إلَّا أن دخوله في تجربة نضالية جديدة بطلبه اللجوء إلى الاتحاد العام التونسي للشغل والاستجارة به حال دون ذلك ..
ثم كانت مداخلة فريد العليبي فانطلق بالتأسيس لموضوع المحاورة من خلال التأكيد أنه وثيق الصلة بما يحدث في المكناسي هذه الأيام من تحركات اجتماعية .وأشار إلى أنه لا يجب أن نحصر ذلك في المطلبي بل نتظاهر ونحتج ونكافح ونفكر أيضا وهذا ما يخشاه الآخرون الذين يودّون حصر الكفاح الاجتماعي في المطالب واختزاله في أحداث أمنية معزولة.ولهذا علينا أن نعمل على أن تكون الفلسفة شعبية وأن تذهب إلى المعنيين بها ما دامت في جوهرها تطلب الحرية .
و خلُص من هذا إلى أن الحاضرين في هذا المقهى الفلسفي هم شركاء في أن يفكروا معا و العلاقة بينهم هي علاقة أفقية والرابط بين الجميع هو حب الحكمة. ثم شدّد على أن الفلسفة ليست مجرد نظر وخطاب وقول بل هي ممارسة أيضا وهذا ما تراه اتجاهات فلسفية كثيرة .ولعل أبرز ما يؤكد ذلك أن مختلف الحركات الاجتماعية في العالم عبر التاريخ كانت دائما في حاجة إلى نظرية والى رؤية أو خلفية فلسفية وفكرية . فالثورة الفرنسية مثلا سبقتها حركة فكرية تنويرية واسعة ساهم فيها فلاسفة كبار كجون جاك روسو ومونتسكيو وفولتير وديدرو وغيرهم.
ولذا فان الكفاح الاجتماعي في حاجة إلى تفكر وتدبر من قبل صنّاعه وأنصاره والمنخرطين فيه .
ولئن كانت المكناسي منخرطة بقوة في الكفاح الاجتماعي على مدى عقود طويلة وفي مختلف المحطات بالمسيرات والمظاهرات والمواجهات والاضرابات والاعتصامات والعصيان المدني وتقديم الشهداء والجرحى والمعتقلين فهي تزخر كذلك بمبدعي الروايات والأشعار والقصص والمقالات والدراسات زغيرها .
ثم تولّى العليبي بلورة بعض الملاحظات في معنى الكفاح الاجتماعي فأشار إلى أنه ترافقه أشكال أخرى عديدة منها النقابي والفكري والسياسي . ولما كان الفيلسوف رسّام حدود بحسب عبارة شهيرة للويس التوسير فلا بد من تسييج معنى الكفاح الاجتماعي ذلك أن "الاجتماعي" هو محتوى الكفاح . فهو يحدث في مجتمع وليس ضد الطبيعة مثلا . انه يتصل بتغيير المجتمع الذي لم يجد المكافحون فيه ما يحقق حاجاتهم الى العمل والعيش والكرامة.. .والكفاح حينئذ منطلقه وجود استغلال وهيمنة وتسلط ونهب. فهو وليد تناقضات بين من يملك على حساب الآخرين ومن لا يملك مكرها بسبب الآخرين .ولذلك فالكفاح الاجتماعي مشروع بل إن من لا ينخرط فيه يتنازل عن حقوقه ويتنكر لها .فلكل إنسان الحق في الشغل مثلا لأنه يحقق إنسانيته .وبالتالي فالكفاح الاجتماعي حق من حقوق الإنسان وبما أنه مشروع وجب الإقدام عليه والانخراط فيه .
أما عن وسائل الكفاح الاجتماعي فقد أوضح المتدخل أنها تتدرج من البسيط إلى المركب وهي تبدأ عفوية انفعالية مثلما فعل العمال في مصانع أوروبا في بداية الطور الرأسمالي عندما خربوا الآلات لظنهم أنها سبب شقائهم أو مثل حالات الانتحار التي شهدنا منها الكثير في تونس خاصة خلال السنوات الماضية وهي رد فعل انتقامي من النفس أولا. ثم تتطور وسائل الكفاح إلى أنشطة متنوعة كالعرائض والاضرابات والاعتصامات والعصيان المدني وعند انسداد السبل وبحكم تطور الممارسة النضالية وحصول الفرز بين القوى يبلغ الأمر حالة من التأزم يدرك فيها المكافحون عجز السلطة أو فشلها أو تشبثها بمصالح الأطراف المعبرة عنها فيطلبون استبدالها ويحدث الصدام العنيف وبالتالي الثورة . واستشهد العليبي بالوضع الذي أنتج انتفاضة علي بن غذاهم سنة 1867 بتونس عندما نُهبت خزينة الدولة فعمد الباي إلى رفع الأتاوات على الأهالي فكان ذلك الكفاح الاجتماعي. وأحال هنا الى ما يقوله ابن خلدون في مقدمته عن التلازم بين الجور والترفيع المتواصل في الجباية .
وختم في الأخير بالتأكيد على بعض شروط نجاح أيّ كفاح اجتماعي وذكر منها :
- النظر العميق لتحديد الأهداف والتعريف بها وحسن التدبير لبلوغها
- المداومة على الكفاح والاعتقاد الراسخ في النصر ويكون ذلك موجة إثر موجة ولو على مدى أجيال متعاقبة.
- وحدة المكافحين والحذر من الانقسامات العشائرية والمذهبية والحزبية والشخصية وغيرها.
واثر هذه المداخلة فتح المجال أمام الأسئلة والملاحظات التى نحوصلها في ما يلي :
- عبرت المحاورة الأولى عن رغبتها في تجنيب الحركة الاحتجاجية الحالية بالمكناسي كل ما هو حزبي حتى لا تضيع المطالب .
- تساءل محاور ثان عن سبل إشراك معظم الأهالي في الحركة الاجتماعية لا سيما وأن الأمر يمسهم جميعا والكثيرون إما صامتون أو سلبيون ( غير فاعلين) .
- أما المحاور الثالث فقد رأى في المقهى الفلسفي فضاء لطرح السؤال وإعمال العقل ثم نبه إلى الحذر من شيطنة السياسي أو الحزبي وأرجع إدانتهما إلى النقمة على أحزاب الموالاة للسلطة لعجزها عن التغيير وكذلك إلى فشل أحزاب المعارضة في التغلغل وسط الجماهير وضعف أدائها .
كما استشهد في معرض مداخلته بانتفاضة فلاحي منطقة تالة سنة 1908 في وجه المحتل الفرنسي الذي افتك أراضيهم ومنحها لما يسمى ب"المعمرين"
ونبه إلى أنه من المنتظر تشويه الحركة الكفاحية الاجتماعية بالمكناسي من قوى عديدة ودعا إلى تجذيرها والاستمرار فيها.
- وجاء في تدخل المحاور الرابع أن المقهى الفلسفي هو فضاء فكري للنقاش يتم خلاله تطارح الآراء بكل حرية وعمق . وأكد أن المكافحين هم مفكرون واعون بواقع اجتماعي وسياسي متأزم و لأجل ذلك فإن الكفاح الاجتماعي سياسي بالضرورة . ودعا إلى التفكير في التنظم بعيدا عن عقلية الغنيمة وعن التجاذبات الخطية وطالب الأحزاب خاصة بالتعامل بمرونة مع خصوصية الجهة وبضرورة ان تعمل قياداتها على التفاعل السريع مع واقع الجهة وتطوراتها وضرب مثالا لتوضيح ذلك بالقول انه بإمكان أي مكتب محلي لأي حزب أن يصدر بيانا أو يشارك في دعم المسار دون الحاجة إلى المركز تجنبا للتعطيل أولا ولقرب المحلي من الواقع المتحرك أكثر من المركزي ثانيا.
- وعبر المحاور الخامس عن الألم من أن الشعوب كلها كافحت بأشكال مختلفة عبر التاريخ وأرهقها الكفاح ولم ينل معظمها شيئا يذكر بل تعمق بؤسها أكثر ودعا إلى استنباط رؤى جديدة وأساليب مستحدثة ليعم العدل بين الناس.
- وتساءلت المحاورة السادسة إن كان ما يحدث في المكناسي حركة ثورية أو حركة مطلبية ؟
- وتطرق مقرر الجلسة ومديرها محمد نجيب القاسمي إلى أن تناول الكفاح الاجتماعي سياسيا يختلف عن تناوله فلسفيا إذ الفلسفي أشمل وأوسع أفقا وأكثر تحررا وأقل ضغوطا من السياسي كما أشار إلى أنه لا انفصال للتنموي عن السياسي وأن الحزبية هي شكل راق لتنظيم الناس حول المساهمة في تدبير الشأن العام معرفا الكفاح على أنه سعي شاق بجهد وتضحيات وآلام لتحقيق أهداف محددة ولذلك فهو مرهق وطويل المدى .ثم نبه إلى أن نضج الظروف الموضوعية للكفاح الاجتماعي بمختلف أشكاله شرط أساسي ولكنه غير كاف للنجاح بل يتوجب إنضاج الظروف الذاتية لكل جهة مكافحة لتحقيق المنشود وأهم شروطها التصور النظري السليم والقيادة المنظمة وختم بالتنبيه إلى أنه يجب ألا نتوهّم أن ما يعتمل في المكناسي من كفاح اجتماعي هو حركة ثورية بل هو حركة مطلبية محدودة وذلك لاعتبارات كثيرة يطول شرحها .
- وختم فريد العليبي المحاورات بتثمينها جميعا لتعميقها النقاش وشدد أننا نبحث عن الجدوى فعندما نفسر فطموحنا أن نغيّر ولاحظ أن الجامع بين مختلف المداخلات هو هاجس التنظم وصعوبته وبيّن أنه رغبة وإرادة نابعة من الذوات قبل كل شيء وهو يستهدف إيجاد آلية لجمع المكافحين كي يغيروا وضعهم وهذا مرهون بتوفر القواسم المشتركة بينهم والرغبة الحقيقية في التغيير ونبّه في معرض حديثه إلى أن مصطلح "حراك" المتداول اليوم بكثرة إنما استحدثته دوائر معينة لإفراغ المصطلحات السابقة المعتادة من شحنتها المعنوية التي اكتسبتها على مر التاريخ ك"الثورة" و"الكفاح" و"النضال". كما اقترح على من يهمه البحث انجاز دراسة مقارنة عن الحركات الاجتماعية في تونس أو في العالم .وفي نهاية قوله ذكر أنه يصعب تاريخيا وفي العالم كله تنظيم الفلاحين الفقراء لتشتتهم والدليل على ذلك قلة عدد أحزاب الفلاحين في العالم وضعفها ورغم ذلك فهم خزان للكفاح الاجتماعي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟