الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!

بهجت العبيدي البيبة

2017 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



هناك خلط للأمور في الكثير من الأحايين، والعديد من المواقف، متعمدا في بعضها، وعدم فهم لطبيعة هذه المواقف، وتلك الأمور، في بعض آخر.

ومن الخلط الشديد، والذي هو الأظهر في هذه الأيام، ربط فرحة أو حزن شعبنا بانتصارات منتخبنا أو هزيمته في المباراة النهائية في البطولة الأفريقية، بما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، والادعاء أن فرحة شعبنا المصري بهذه الانتصارات تأتي عوضا عن إخفاقات في مجالات أخرى، أو حزننا بأنه استمرار لهذه الإخفاقات، حيث أنه ادعاء لا يستطيع أن ينهض على قدمين، حال الوقوف لمناقشته.

ودعونا نعترف أن هناك فئة من "شعبنا" لا تتمنى لنا النصر، ليس فقط في المجال الرياضي، بل في أي مجال من مجالات الحياة، وذلك راجع ببساطة لفهم سقيم لمفهوم الوطن، فضلا عن مرض أصاب القلوب فأعماها، وهذه الفئة، تسعى جاهدة لإفساد أية فرحة، والانتقاص من أي إنجاز، سواء كان رياضيا أو غير رياضي، وهؤلاء الذين يمثلون هذه الفئة لا نناقشهم هنا، ولا نستهدفهم في هذا المقال، حيث أن الجسور بيننا وبينهم مقطوعة، والشرايين التي يمكن أن تربطنا بهم مسدودة، ولكننا هنا نريد أن نصحح مفهوما، وأن نفسر حالة، هي تلك الفرحة العارمة أو الحزن العميق، التي تنتاب شعبنا، وغيره من الشعوب، حال حقق أبناؤه انتصارا رياضيا أو أخفق فيه.

إن العالم قد ابتكر المنافسات الرياضية لتكون نموذجا راقيا للتنافس بديلا عن الصراع الذي هو أحد جوانب النفس البشرية، ومن هنا تأتي قيمة الروح الرياضية التي تقبل الهزيمة كما تقبل الفوز، ومن هنا تظهر قيمة أن تمد يدك مصافحا للمنافس بعد المباراة أيا كانت النتيجة.

وتكون الفرحة كبيرة لدى الفريق المنتصر، وهو ما نشاهده لدى الشعب المصري بعد كل انتصار، وهذه الفرحة العارمة ليس مصدرها كما يحاول أن يصوره بعض البسطاء، هروبا من واقع أليم، لأن مصدرها نابع، من أن هؤلاء اللاعبين وهذا الفريق، وغيره من الفرق، يمثل الوطن، ويرتدي شارات علم البلاد، وحقق نصرا باسم هذا الوطن، ومن هنا تكون الفرحة مصبوغة بشعور وطني، يشترك الشعب المصري مع غيره من الشعوب، والتي منها شعوب لا تعاني مشاكل، ولا تمر بأزمات، وتكون فرحتهم، مثلنا، عارمة حال فوزهم ببطولة، كما هو الشأن مثلا مع الشعب الألماني أو الإيطالي، اللذين كليهما في حالة متطورة من الحياة السياسية والعلمية والاجتماعية والثقافية، ومع ذلك تكون فرحتهم عارمة، وحزنهم عميقا، لأن مجموعة من اللاعبين ارتدوا زيا يمثل رمز البلاد وحققوا انتصارا رياضيا، أو لم يحالفهم التوفيق، ولا يقال في ذلك الوقت انهم يهربون من واقع أليم إذ أين ذلك الواقع الأليم! هنا؟ وإذا كانت الفرحة الهائلة بانتصار منتخب ما بالفوز هرباً من واقع، فكيف يفسر لنا أصحاب هذا الادعاء حالة الحزن الشديد أثناء الخسارة التي يُمْنَى بها فريق أو منتخب، إلا حزنا على خسارة كان فيها هناك رمز للوطن المعشوق الأول لهؤلاء المؤمنين بقيمة الأوطان.

ولنضرب مثلا واقعيا لأحد أبناء الشعب النمساوي الذي نستطيع أن نصنفه، طبقا لقياسات عالمية، شعبا متقدما، لا يعاني المشكلات التي نعانيها في مصر، حيث كان زميل عمل لي يقوم بتشجيع فريق بايرن ميونيخ الألماني وكان هناك مباراة هامة في دوري الأبطال، وطلب صديقي، الذي استطيع ان أؤكد أنه يحيى حياة مرفهة، إجازة لمشاهدة المباراة، والتي خسر فيها فريقه المفضل، وإذا به يحضر للشركة التي كنا نعمل بها، وعانقني باكيا بكاء مرا حزنا على فريقه، الذي خسر مباراة، وكان علىّ أن أواسيه وقد فعلت.

إذاً حالة الفرح الهائلة وكذلك الحزن العميق، في حالتي النصر أو الهزيمة، في منافسة ما، ليس مردها ذلك التفسير السطحي، بل هناك أسباب أعمق تعبر عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجهز لنا أكلة أوزبكية المنتو الكذاب مع


.. غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا