الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي : ايها الشعراء ابحثوا عن طريقة جديدة لايصال شعركم

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2017 / 2 / 11
الادب والفن


رأي : ايها الشعراء ابحثوا عن طريقة جديدة لايصال شعركم
---------------------------------------------------------:
داود سلمان الشويلي
* (( في حديث قدسي
قاله الاله:
(يا بني ادم خلقت الاشياء لأجلك)
فلهذا الارض تدور وتستكمل دورتها
بل الكواكب والاقمار
سيوف بيد الارض
من اجل تضاريس الانسان
اما الحروب والفتوحات
اكذوبه
روجها لطغاة
وقاموا بتحوير جثث القتلى
الى قدم خامسه للكراسي
وغلفوها بدماء الضحايا
فالكراسي تيجان تحت الاقدام
الكراسي خرائب بين الكر والكرى
الكراسي احذيه يخلعها الشعراء
عند بوابة الشعر
حين يحين فرض كتابة القصيده
فمن تزوج اكمل نصف قصيدته
واتم النصف الاخر
اذا اعطى ظهره للكراسي)). – الشاعر جميل الغالبي ، مقدمه افتراضيه لقصيده لم تكتب " قراءه نقديه في اطار شعري" -.
من خلال قراءة اولية لهذه القصيدة نجد ان الاكوان جميعها قد خلقها " الله " لاجل شاعر ، فلا ينافسه احد ويقول انها خلقت من اجل فلان او علان ، الشاعر فقط لا غير.( جعل المعري في رسالة الغفران راية الشعر بيد الشاعر امرؤ القيس ليقودهم الى جهنم – مفارقة ما بعدها مفارقة ).
***
الشعر في كل لغات العالم ، وعلى طول تاريخه الطويل ، وبأنواعه العديدة ، يقال لكي يسمع ، ان كان هذا السمع من شخص اخر ، كأن يكون واضعه ، او من خلال قراءته .
في الزمن الجاهلي ، وكما تذكر المصادر ، كان البعض من الشعراء يحضرون الاسواق السنوية التي تقام في بعض حواضر الجزيرة العربية ويقرأون فيها شعرهم ، وكانت قصائد الشعراء التي تجد قبولا عند المتلقين تعلق في الكعبة ، حتى سميت تلك القصائد بالمعلقات ، هكذا تذكر لنا المصادر التاريخية ( لا اثق بهذه المصادر التي كتبت بعد اكثر من مئتي عام من العصر الجاهلي ).
بعد ذلك، ولان حواضر العرب امتدت رقعتها شرقا وغربا حتى اصبحت هناك مدنا معروفة ومشهورة ، وفي هذه المدن العربية الكبيرة هناك رجالا يغدقون الاموال على بعض الشعراء الذين تلقى قصائدهم في ذائقتهم رضا و قبولا ، فأخذ بعض الشعراء العرب يلقون قصائدهم في حضرة ذلك " الكريم " خليفة كان او وزيرا او قائدا او اي شخص يمتلك الاموال التي تغري الشعراء لحط ركابهم عنده . (لقد ضاع شعري على بابكم / كما ضاع عقد على خالصة – ابو نواس )
بعد ذلك اصبح الشعر في وقتنا يقرأ على المنابر وامام جمهور قل عدده ام كثر ، وخير مثال على ذلك هو مهرجان المربد الذي يعقد كل عام ، وبعض الشعراء يلقون شعرهم على منبره امام جمهورقليل جدا ، وبعض الحضور غير آبه بما يلقى وكأن الامر لا يعنيه ، وكذلك في الاحتفالات المقامة لاي سبب ، ومنها السبب السياسي والحزبي .
وتزامنا مع قراءة الشعر على المنابر دخلت عالم الشعر دور النشر من خلال طبع المجاميع الشعرية التي تضم مجموعة من القصائد ووضعها بين دفتي غلاف ديوان يقرأ في اي مكان وزمان ، مما يتيح للقاري فسحة من التأمل ، وفي بعض الاحيان الحفظ ، في كل شيء في القصيدة بعيدا عن الخطابية و صخب السماع المنبري .
في هذا المسرد التاريخي القصير تحول الشعر من القصيدة العمودية التي تتسم بالشفاهية والخطابية والقراءة المنبرية ، والتي تسمع وهي مصاغة على وزن تستسيغة الاذن العربية التي تمرنت جيدا عبر تاريخ طويل من القول الشعري على مثل هذه القصيدة الموزونة ، ثم تحول الشعر من تلك القصيدة العمودية الى قصيدة التفعيلة ، القصيدة التي حافظت على الوزن ، والايقاع الى حد ما ، وبعض مقومات القصيدة العمودية ، الا انها غادرت قافيتها التي تساعد المتلقين على ضبط وزنها ، وبعض مقومات القصيدة العمودية ، وبعدها فقدت القصيدة العربية وزنها الذي تدربت عليه الاذن العربية ، وقافيتها ، التي تعطي لتلك الاذن المسوغ في تقبل ايقاعها ، فاصبحت القصيدة تلك نثرية تأخذ من عالم النثر الكثير من اسسه و مقوماته واساليبه ولغته ، فانتقلت القصيدة من الخطابية والشفاهية والسماع المنبري ، والصخب الذي يأتي به الوزن والقافية ، الى الهدوء ،و التأمل ، الذي امتلك بعضه قصيدة التفعيلة ، ومن ثم افتقدت القصيدة كليا لهذه السمات حتى باتت تتطلب ذائقة جديدة تستجيب للشعر بكل هدوء وتأمل ، وحتى الى الانكفاء على الذات كالانبياء الذين يعيشون معتكفين في صروح بسيطة بعيدا عن الاخرين وصخبهم. (أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي / وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ – المتنبي ) .
ان تحولات الشعراء وقصائدهم عبر التاريخ الرسمي الذي تذكره المصادر للشعر ، يدعونا في الزمن الحاضر ، زمن السرعة وثورة الاتصالات ، الى ان نبحث عن اساليب جديدة في ايصال شعرنا الى جمهور المتلقين غير المنابر في المهرجانات و الاحتفالات .
والشعراء انواع في المقدرة على توصيل الشعر اثناء القراءة ، فمنهم من يستطيع ذلك وبإتقان تمثيلي عظيم ، ومنهم لا يستطيع ، حتى ان هناك الكثير من الشعراء المجيدين والمقتدرين لا يستطيعوا قراءة اي شيء من شعرهم ، فلم نجدهم يشاركون احدا في اي مهرجان او احتفال شعري .
يقول احد الشعراء :
* ((أتخيل أني شاعر عظيم
مات منذ سنين
يقرؤه الجميع
كل سنة تطبع كتبه
تقام له المهرجانات
ويطلق أسمه على الشوارع
يقف أحفاده
قرب تمثاله الكبير
وهم يحاولون
أن تكون الصورة واضحة
فيما تطن ذبابة الخلود
على وجهه الحزين ..)) . " الشاعر حمدان طاهر المالكي"
و هكذا يعمل خيال الشاعر ، اي شاعر، فهو "يتخيل" انه قد اصبح شاعرا مشهورا يقرأه الجميع ، ويسألون عنه و" اذا مات او قتل " نصبوا له التماثيل ليخلدوه ، فكم شاعر من شعرائنا المعاصرين قد حصل على التخليد بنصب تمثال له ؟ الرصافي ، الجواهري ، السياب فقط . (أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا وَيَسْهَرُ / الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ – المتنبي ).
فهل ان مئات الشعراء المعاصرين ذهبوا الى العالم الاخر دون تخليد ؟ ( نحن شعب نخلد رجالنا بعد الممات ) .
نتساءل : هل طريقة السلف الاقدم من الشعراء ، او طريقة السلف الاقرب ، او طريقة شعراء زماننا ، هي الطريقة المثلى في ايصال شعرنا الى المتلقين ، ام ان هناك طرق شتى يمكن للشعراء ان يسلكونها للوصول الى الجمهور ؟
اترك الاجابة للشعراء انفسهم ولمتلقيهم للاجابة عن ذلك ، وكل مهرجان او احتفال والشعراء بالف خير وهم يتسابقون للقراءة على المنابر حتى لو كانت القصيدة تحتاج الى همس كلماتها ، او ابياتها ، او عباراتها الشعرية في اذن المتلقي لكي تفهم وتدرك معانيها الفكرية والجمالية ، واذا كان الشعر سابقا يعرف بانه الكلام الموزون ، فهناك البعض من الدارسين يعرفه بأنه الكلام المنظوم ، وبعضهم يعرفه على انه الكلام المهموس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة