الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن دغر والقفز بين الحبال

بكر أحمد

2017 / 2 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


مازال ذاك المشهد الغارق بسوداويته ماثلا أمامي، إنه أبن دغر يهمس في أذن الرئيس المخلوع اثناء حشد جماهيري مؤيدا له، بعدها تبرق أعين صالح منتشية ليبدأ بنقل ما قال له ابن دغر من تهديد للشعب اليمني الثائر بساحة الحرية ووصفه بأقدح العبارات التهكمية ، تلى ذلك المشهد ستة سنوات لنرى أبن دغر نفسه يبعث ببرقية تهنئة إلى الرئيس هادي يهنئة بإنتصار ثورة هو كان أحد منظري شتمها والتقليل منها والوقوف بجوار مجرم طاغية تخضبت يداه بدماء الأبرياء.

أنها التراجيديا التي لن نشاهدها إلا في اليمن، حيث ينتقل الفاسدون من جهة إلى أخرى دون أن تراق من جباههم قطرة خجل، يقاومون الثورة التي تقوم ضدهم وضد أنظمتهم التي أمتصت دماء الفقراء وكل الشعب، ثم ينضمون إليها ليجدوا أنفسهم بمناصب أعلى وأكثر سلطة ونفوذا.
الحقيقة التي الكل يعرفها والمنطق والعدالة تقول، بأن مكان أبن دغر ليس رئيسا لحكومة من المفترض انها نتاج ثورة شعبية، بل مكانه الطبيعي هو المحاكم الشعبية التي كان بها أن تحاسبه على كل ما مضى ، وان تسأله لماذا كانت منحازا للفساد والديكتاتورية والطغيان بينما الشعب كان يعاني الفاقة والذل والجهل ، لماذا يا أبن دغر خنت المباديء الإنسانية ونزعت عنك القيم اليسارية المنحازة للفلاح والعامل وأنغمست في تمجيد الطغاة .
طبعا أبن دغر ليس وحده، فكل من كان هناك، وأعني بهناك هي تلك الجهة المظلمة تحت قيادة المخلوع، أنتقلوا إلى الجهة الأخرى، فتم كسر العداد، ليبدوأ مرحلة سياسية جديدة بصفحة بيضاء وبتطبيل شعبي وإعلامي لهم، إنهم يعيدون تدوير أنفسهم كثوار ضد الفساد، لكن أبن دغر حالة متفردة بذاتها عن البقية، فهو يمتلك أكبر رصيد من التنقل من الشيء إلى نقيضه، فهو كان يساريا منظما، بل الأكثر إنغماسا بالوعي اليساري الميداني من خلال تراسه لإتحاد الفلاحين في الجنوب اليمني الأمر الذي يعني أنه الأكثر معايشة للطبقة العاملة والكادحة والأكثر معرفة بما تعانيه، واستمر بالتدرج بالمناصب الحزبية والحكومية حتى أنتقل إلى المنفى بعد الحرب التي شنتها القبائل الشمالية ضد الجنوب، ليعود إلى اليمن ولكن بحلة أخرى ، لقد أنضم إلى المؤتمر الشعبي العام ، وهو الحزب الحاكم الذي يحمل في أدبياته الطبقية والقبيلة والدين المسيس والكثير من الفساد ، لقد تماهى أبن دغر مع هذا التنظيم بطريقة مدهشة، فتسلق المناصب سريعا، لنجده يجلس بجوار المخلوع يملي عليه ما يجب ان يقوله ضد الشعب الذي ثار عليه وخلعه فيما بعد.

لم تنتهي الحكاية ، فهناك المزيد، فبعد أن اشتعلت الحرب بين طرفي النظام الذي كان حاكما في اليمن ، وتم الفرز على اسس مناطقية ليصطف أهل شمال الشمال متحدين ومتجاوزين كل حروبهم السابقة من أجل ان يحافظوا على حكما بلغ مداه الف عام وبين لفيف مختلف من المناطق الأخرى اليمنية التي ولحسن الحظ وجدت دعما أقليميا على أساس أنها تمثل الشرعية ولا ترتبط باية ولاءات معادية للمنطقة، أنتظر أبن دغر فترة زمنية ظن الكثيرون أنه وقف موقفا مبدئيا ولن يتزحزح عنه، لكنه أدهش الجميع ليكون أخر القافزين من سفينة المخلوع وحليفه الحوثي لنجده في الرياض يعلن أنضمامه إلى الشرعية التي كافأته بتولي منصب رئاسة الوزراء .
الان أبن دغر وحكومته مقيمون بعدن، المدينة التي تعاني من سوء نظافة وطفح المجاري والكهرباء مقطوعة معظم النهار وإنعدام تام لكافة أنواع المحروقات، لكن رئيس الوزراء يعلن تخصيص مبلغ ضخم لترميم مدينة رياضية ومنتجع سياحي ، إنه يبدء من جديد مرحلة المقاولة على حسب شعب لم يقوم بثورته الحقيقة حتى الان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية