الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللجوء إلى الوطن 2

موفق الطاهر

2006 / 1 / 15
الصحافة والاعلام


ألا رفقاً بأطفالنا يا أعلامنا!
كم هو مؤلم رؤية أطفالنا وهم يفتقدون إلى أبسط قيم الطفولة. كم كنا نردد براءة الأطفال في عينيه! ولكن تلك البراءة لا تجدها في أطفال العراق أبداً. فقد حرموا المساكين من كل شيء، حرموا حتى من اللعب. وأبسط الألعاب يلعبونها تجدها اليوم مقتصرة على اللعب بالأزبال. ألا لعنة الله على كل مسؤول لا يهمه مصلحة أطفال بلده!
رأيت في أحدى المرات وأنا أتجول في الشوارع أثنين من الأطفال وهم يستلقون على إحدى الشوارع المزدحمة متحدين بذلك السيارات الكثيرة فيه وسواقها الطائشين الذين لا يرون ولا يسمعون ولا يعيرون أية أهمية لأي أحد يعبر الشارع حتى لو كانت أمرأة مع ثلاثة أطفال صغار! كان أولئك الأطفال يحتمون بقطيع من الأغنام يعبر الشارع! صعقت لذلك المنظر وأردت أن أركض عليهم، لولا أن أخي ضحك وقال عليك أن تتعود على هكذا مشاهد من الآن... فأية متعة يجدها الطفل بذلك؟ حقيقة لا أعرف، وأنا لم أدرس علم النفس!
مرة نهضت من النوم متأخراً، فجلست وحدي على الطاولة أتناول إفطاري، وأنا أنظر من الشباك على ثلاثة أطفال يتصايحون، وأذا بأحدهم يحمل طابوقة كبيرة ويضرب بها صاحبه، والشرر يتطاير من عينيه، وهو أبن العاشرة على ما أظن! لم أحتمل تلك الوحشية فأسدلت الستار على تلك المسرحية المأساوية، وذهبت أغسل وجهي عسى أن أنسى ذلك المنظر القبيح. فأية وحشية يخبؤها أولئك الأطفال؟ أية تربية يتلقونها في البيت أو في المدرسة...؟
وأنا أقلب التلفزيون في المساء، وقفت على قناة العراقية وهي تقدم أفلام كارتون خاص بالأطفال. كنت ولا أزال أستمتع بمشاهدة الصور المتحركة. واليوم أصبح الفرد العراقي بأمس الحاجة لرؤية تلك الأفلام لتبعده قليلاً عن الأفلام المرعبة التي يراها يومياً في الشارع وفي التلفزيون وفي كل مكان. وهنا أسأل الأعلام أليس من حق المشاهد أن يأخذ أستراحة صغيرة من قراءة الأخبار أو مشاهدتها؟ وهو يراها يومياً وفي كل دقيقة على العشرات من القنوات الفضائية المختصة وغير المختصة. أتحدث هنا عن الشريط الإخباري الذي تراه مع الأخبار، مع الفلم، مع كل برنامج، مع الأغنية ومع برامج الأطفال أيضاً. أليس من المفروض أن يعي المسؤول عن تلك البرامج لأية فئة عمرية يوجه برنامجه ذاك؟ أو لأية فئة من المجتمع؟ أم أنهم يعرفون جيداً بأن كل فئات المجتمع مهما صغرت أو كبرت تريد قراءة الأخبار في كل الأوقات من اليوم!؟ ما أثارني في تلك الأمسية حقاً هو مشاهدة الصور المتحركة التي ينبغي أن يعرف المسؤول عنها أن أكثر مشاهدي تلك الأفلام هم من الأطفال، فما الذي يهم الطفل ذاك بأن ينتخب الحزب الفلاني بإندونيسيا ذلك المرشح أو غيره؟ أو ليس من المفترض بهذا الطفل أيضاً أن لا يقرأ بأن تلك المجموعة الإرهابية قد ذبحت رهينتها، أو قتلت 25 من الناس الأبرياء من بينهم أطفالاً بتفجير سيارة مفخخة؟ فما الغرض من عرض الشريط الإخباري على المشاهدين الأطفال؟ وما نفع ذلك الشريط أيضاً؟
قبل يومين عرضت قناة العراقية أيضاً تمثيلية يفترض بأنها كوميدية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، قال أحد الممثلين (الكوميديين) وهو الوحيد الذي كان يتكلم باللغة العربية الفصيحة، مؤكد بأستهزاء! ولكنه قال جملة بمشهد كوميدي أعجبتني قليلاً "أنا لا أحب منظر السكاكين، أحمل وردة!" ولكن أليس من الغباء أن يعرض التلفزيون بمثل هكذا تمثيلية يفترض أنها كوميدية خروفاً يذبح؟ ألا يعرف المسؤولون بأن هناك أطفالاً تشاهد برنامجهم هذا؟ ثم ما هي الغاية من عرض مشاهد الدم على المشاهدين جميعاً سواء كانوا كباراً أو صغاراً، هل يريدونهم بأن يتعلموا كيفية الذبح عبر التلفزيون فيصبحوا على أستعداد كامل لهكذا عملية؟ ولا يصبحوا بحاجة إلى الزرقاوي كي يعلمهم كيف تذبح ضحيتهم على الطريقة الإسلامية مع الصياح بالله أكبر طبعاً!؟ أفلا يكفي المشاهدين المناظر المرعبة الحقيقية التي يرونها يومياً في الشارع وفي التلفزيون أيضاً؟ هل يستكثرون على مشاهديهم الضحك ولو قليلاً؟
أذن لم أستغرب أنا من مظاهر العنف في الشارع العراقي؟ وذلك الشارع يأخذ دروساً يومية من التلفزيون، والقنوات الفضائية التي أنتشرت في كل بيت مثل الذباب!
وللحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص