الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الحريري الإنتخابية بين خطاب ريفي وجمهورية مراد الخدماتية

خورشيد الحسين

2017 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك أن المتابع لسلسلة التنازلات التي قام بها الرئيس الحريري منذ ترشيحه للنائب سليمان فرنجية حتى اليوم سيلمس أي مأزق يعيشه الرجل ,ولا يخفى على أحد أن تبريراته حول هذه الخيارات تصب في خانة الدفاع عن نفسه تجاه الشارع السني تحديدا ,وهي من ضمن منظومة الخطاب الشعبوي التي آعتاد الحريري كما غيره من سياسيي المرحلة أن ينتهجه كلما ضاقت بهم الحيل وسُدت في وجوههم سبل كشف الحقائف ولم يمتلكوا ما يكفي من الشجاعة لقول الحقيقة كاملة.لذلك كانت المعزوفة المعتادة حول التضحية في سبيل المصلحة الوطنية لا تقل سؤا عن تبريرات غيره ممن يرتكبون الأخطاء والخطايا ثم يعلقونها على شماعة هذه المصلحة العليا المظلومة في وطن المزرعة.
الحقيقة الكاملة والمعروفة لمؤيديه قبل خصومه هي تغليب مصلحته الشخصية ووضعها فوق كل آعتبار,فالمبادىء والمواقف والثوابت لا تتغير خصوصا إذا كانت هي الرافعة التي آستند عليها منذ آستشهاد والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري حتى اليوم ,وهي عملته المصروفة في تجييش العواطف وآستغلالها حتى اليوم,هذه المبادىء والثوابت كانت المعيار التي أقام عليها الرئيس سعد الحريري مجده السياسي والشعبي وبنى تحالفاته على أساسها,وهذه المقولات نفسها التي تم على أساسها فرز الشارع السني وبث فيه روح التفرقة والتنابذ والعداوات والفتن داخل البيت الواحد ,ولم تسلم حتى (المصلحة الوطنية العليا)من هذا الخطاب المسموم بالمذهبية العمياء ولم يأخذها في الحسبان , حتى كادت يوما أن تطيح بالسلم الأهلي نتيجة تراكمات كثيرة ومن ضمنها وعصبها هذا الخطاب.وما زالت حتى الآن قوت الشارع اليومي كونها مفردات تنسجم مع الغرائزية المذهبية المتفلتة في كل الأتجاهات .
كل هذه الثوابت سقطت بالضربة القاضية,فكان آنهياره المالي والتراجع السياسي وتشظي تياره دوافع أساسية كي يفغل المستحيل ليعود الى الكرسي الثالثة ,وقد تقاطعت هذه الحاجة مع رغبات خصومه الذين كانوا محط آتهامه بدم أبيه,وكانت الصفقة ,تخلى عن ترشيح النائب فرنجية ليتبنى ترشيح العماد عون ويقدم من التنازلات ما ظهر منها حتى اللحظة سوى رأس جبل الجليد وما خفي أعظم.ولم يكن يظن أن ترددات مواقفه ستزيد الشرخ داخل تياره وأن لغة العاطفة فقدت مفعولها في الحشد وفي تغييب العقل,وقد تفتحت عيون الشارع السني الى أبعد من ذلك .فمنذ 2005 وحتى اليوم(بآستثناء مرحلة الرئيس ميقاتي)والتيار موجود في السلطة ,وفي دوائر الدولة وفي معظم مفاصلها,ومع ذلك لم تلق المناطق المحرومة من عكار الى البقاع إلا مزيدا من الإهمال ومزيدا من التخلي ,فكانت نخبة التيار وحوارييهم هم قطفة ثمار الوجود في السلطة ,في حين وبالمقارنة ,آستطاعت كل قوى السلطة الشركاء له فيها أن يجعلوا من مناطق نفوذهم جنات عدن تجري من تحتها أموال الدولة مشاريع إنمائية وخدماتية.
هذا الواقع يعلمه الرئيس الحريري جيدا.ويعلم أي نقمة آجتاحت المستقبليين خصوصا والشارع السني عموما ,وهذا الواقع نفسه هو الذي دفعه للمصالحات يوما حيث أراد أن يحمي نفسه من سقوط كلي في الإنتخابات البلدية التي تشكل في مكان ما وجها للإنتخابات النيابية ثم لحس كلامه ونكر عهده,وهذا الواقع هو الذي دفعه لعقد الصفقات كي ينقذ نفسه أولاوليس لبنان أولا,ومن هنا مصدر خوفه الحقيقي من مشروع آنتخابي يؤدي الى مصداقية في تعبير الشعب عن رأيه حيث ستهتز مكانته من على عرش الطائفة وتسقط عنه عباءة حصرية التمثيل التي تضمن وجوده في السلطة.
فالجنرال ريفي الذي تلقف خطاب الحريرية السياسية بحذافيره ,وأظهر إخلاص له أكثر من الحريري نفسه ,وجه له أولى اللكمات القاصمة في الإنتخابات البلدية في عاصمة الشمال ,وها هو يعلن عن تمدده على كامل المناطق ذات الحضور المستقبلي ,ويتحدى بثقة كاملة ,مستشعرا عمق الإستياء الشعبي من سياسة التنازلات أولا ومن سياسة الإستحواذ والإلغاء ثانيا,هذا التحدي على المستوى السياسي ليس زوبعة في فنجان .والرئيس الحريري يدرك ذلك جيدا.وفي المقلب الآخر من الوجه السياسي ,وجه الخدمات والمشاريع والإنمائية .يعيش الرئيس الحريري هاجس الوزير عبد الرحيم مراد.الذي أتقن فن الصدق في علاقته مع الناس منذ أربعة عقود ونيف من الزمن,ولم يكن يوما طامحا لموقع إلا فيما يرى فيه توظيفا لخدمة الناس حيث آعتاد الا يطرق بابه أحد ويعود خائبا (علما أن بابه لايطرق فهو مفتوح دائما وبلا جرس كما هو معلوم لأهل البقاع وغيرهم),الوزير مراد الذي حل محل الدولة في كثير من الخدمات والتي هي قيد التطويرشكلت راحة للمواطن وعبئا على الرئيس الحريري فشل في مجاراته,الوزير مراد الذي حاولت الماكينة الإعلامية تشويهه على مدى 12عاما ومحاربته بكل الأساليب لم تستطع أن تنال من عزيمته أو من رؤيته النابعة من ضرورة الإلتصاق بالناس ومعايشة همهم اليومي بتفاصيله الشخصية.
هذه الحقيقة المرة في فم الحريري دفعت من حوله كي يوجهوا له النصيحة تلو الأخرى ,وتحذيره من قوة ريفي طرابلسيا حيث الخطاب السياسي الأكثر إستقطابية ومن قوة وحضور الوزير مراد بقاعا حيثالخدمات العامة مفتوحة لمؤسسات الغد الأفضل في بيئة عانت من الإهمال عقودا وعقود ,وما بين طرابلس والبقاع تغلي بيروت الغاضبة ...فأين المفر؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24