الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل الثقافي بين الخردة الإبداعية و ثنائية الجمال و الإقتدار

نورة العبيدي

2017 / 2 / 15
الادب والفن


-العمل الثقافي بين الخردة الإبداعية و ثنائية الجمال و الإقتدار-
في البداية يجب توضيح بعض المفاهيم و تفسيرها و وضعها في إطارها العام ، كماهية العمل الثقافي و أبعد من ذالك من يطلق عليه لقب المثقف؟
الإجابة لابد أن تكون منحازة طبعا لأصل الصراع ألا و هو الصراع الطبقي و في هذا الإطار يقول "أنطونيو غرامشي" "المثقف هو الأداة العملية و المؤثرة بيد الطبقة" و أن الطبقات تفرز مثقفيها ، بمعني أن كل طبقة أساسية تقوم بخلق و إعداد شريحة أو أكثر من المثقفين يوفرون لها تجانسا و وعيا بدورها ليس فقط في المجال الإقتصادي فحسب ، بل أيضا في المجالين السياسي و الإجتماعي ، من هنا تصبح الأجابة عن ماهية العمل الثقافي جلية و واضحة تنقسم بدورها الي صنفين، عمل ثقافي لخدمة الطبقة الحاكمة و عمل ثقافي بديل.
الأول يتخذ دور الحامي للنظام الإجتماعي القائم و الثاني يبرز التعارض و التقاطع بين سياسة النظام المتبعة و مصالح الطبقة الأكثر تضررا و يقدم الأطروحات البديلة كحل للتغيير و كشكل من أشكال النضال ضد السلطة.
بهاته التوضيحات البسيطة يمكن قراءة واقعنا الثقافي الراهن الذي أقل ما يقال عنه "لا ثقافي" " لا فني" "لا إبداعي" يبشر بمولد الذوق المبتذل "الكيتش" شكلا فنيا تشجع عليه السلطة بعد أن جعلت جشع السوق يطال كل ما هو فني و كنتيجة للقحط الإقتصادي الذي أصاب البلاد لم يكن بيد النظام غير إيجاد صناعة جديدة ألا و هي "الصناعة الثقافية" حيث يتم تقنين الفن و صياغته بما يلائم السوق و حسب المصالح التجارية من خلال أعمال جوفاء رخيصة لا جمالية فيها و لكنها مبهرجة تجلب العامة من جهة فيتم الربح و تمرر من خلالها سياسة النظام لعل من أهم أسسها نشر اللاوعي ، السطحية، و الدغمائية و هذا كفيل لغض نضر العموم عن المشاكل الرئيسية التي يواجهونها في حياتهم اليومية فيصبح العمل الثقافي هنا مجرد "خردة إبداعية" حسب "أنطونيو نيغري" من رسائله "الفن و الجموع" تلعب دور المسكنات للأوجاع الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية التي تثقل كاهل المواطن العادي.
هاته "الخردة الإبداعية" نلتمسها في المهرجانات ، في المسرح ، في إصدارات الشعر و الروايات
واقع ثقافي بذيء برعاية من يدعون الثقافة و لم أجد أصدق من مصطلح "كلاب الحراسة" لبول نيزان أقتبسه لوصفهم ، أو ما أشارت إليه الباحثة التونسية "أم الزين بن شيخة المسكيني" " بالمسوخ الفظيعة التي قذفت بالعالم في الفراغ" فالمثقف الذي يدير ضهره لهموم شعبه و أوجاعه و يغرق في أوساخ النظام فرحا مبتهجا بما يأخذه من مقابل ليس سوي عاهر فكر و خائن و للأسف هو الأقدر علي تبرير خيانته.
هذا الوضع الثقافي الرديء برعاية النظام و ما ينتجه من مصائب فنية متنوعة و إنعكاسات خطيرة علي العموم و الأجيال الصاعدة يزيد من مسؤولية الطرف المقابل تجاه الوضع
عن البديل الثقافي أتحدث و دور المثقف العضوي في إسقاط تأثير السلطة و تنويمها للشعب ثقافيا و كنس بهرجها الزائف و تجاوز هاته الخردة الإبداعية و نحو إرساء ثنائية الجمال و الإقتدار في العمل الثقافي.
ليس بالمهمة السهلة و لعل أول متطلباتها "جنود ثقافيون" قادرون علي بدأ حرب ثقافية طويلة المدي متنوعة المجالات ممنوع التراجع فيها أو التنازل. أسميت العمل الثقافي البديل "بالحرب" لأن الحرب وحدها كفيلة بنزع الإحتلال الثقافي من جذوره فالحلول الترقيعية التقليدية كمحاولة إزعاج النظام لم تعد كافية خاصة بعد الثورة و بفتح باب الحريات علي مصرعيه أصبح النقد و التهكم الغير مباشر كوخز الإبرة بالنسبة لنظام يزعج ولا يؤذي
العمل الثقافي البديل عليه أن يكون مؤذيا ، موجعا، لنظام مباشرة بلا ريتوشات ، يقلب الواقع الثقافي رأسا علي عقب فيعيد للفن جماليته و يخرجه من الإبتذال و من صفته التجارية البحته ليكون بذالك فعلا شعبيا موجها للجماهير و منبثقا منها في آن واحد
و أختم في النهاية بقول جون بول سارتر "إن من مهام المثقف إزعاج السلطة" أعتقد أنها لم تعد كافية وذالك لتميز السلطة في إتقان فن التجاهل ، لذا تصبح مهمة المثقف الكبري محاربة السلطة لا محاولة إزعاجها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس