الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاضي رزكار أمين صوت العقل في زمن الذبح

هشام عقراوي

2006 / 1 / 15
حقوق الانسان


كثر الحديث عن كيفية أداء القاضي رزكار أمين و محاكمتة لدكتاتور العصر صدام حسين. الرجل الذي قتل الالاف أثناء حكمه الجائر و على مرأى الجميع و لايزال ينكر ما قام به و بأعصاب باردة، و العراقيون و العالم يتفرج على جلسات المحاكمة الطويلة و الممله في الكثير من الاحيان. و نطرا لعدم صدور حكم سريع بالطاغية و أتاحة المجال له بالتكلم و الحديث و الدفاع عن نفسه بشكل لم يعتاد عليه العراقيون و دول الشرق الاوسط، نرى السياسيين العراقيين قبل الشعب ينتقد و يهاجم القاضي رزكار و يطالبونة بالتنحي و يدعون الى قتل صدام في اقرب فرصة ممكنة.
قبل أن أغوص قليلا في سبر هذه المحاكمة المعقدة و المتعددة الاطراف ، ارى من الضروي أن يعرف القارئ شيئا كاتب السطور كي يأخذ الموضوع كما هو ، فهو من الذين كان ضمن منظمة سياسية معارضة كانت تعمل ضد النظام في الثمانينات وسجنت من قبل النظام و عذبت على يد استخباراتة حد الشلل بعض الاحيان و كانت عائلتنا ضمن العوائل التي رحلت الى حدود ايران و كنت ايضا ضمن لجنة الانتفاضة عام 1991 قبل أن أغادر كوردستان الى بلاد الغربة و مع كل هذا لم أحتسب لحد الان كسجين سياسي و لا كمعارض للنظام في الوقت الذي رجع فيها ازلام النظام الى وظائفهم و هم معزوزن مكرمون.
عودة الى الموضوع، فأن القاضي رزكار هو الشخصية التي وقعت عليها الاختيار كي يقوم بمحاكمة صدام و اصدار الحكم عليه . ومع أنني اشك في استمرارة في عمله هذا لاسباب كثرة أولها أن السياسيين العراقيين يريدون محاكمة صدام بشكل صوري و يعدمونه بطريقة قريبة من الانتقام منها الى المحاكمة العادلة ،لا يتاح فيها الفرصة للجاني و المجني عليه بالدفاع عن أنفسهما، الا أن القاضي رزكار و بكل المقاييس الدولية و الانسانية استطاع أن ينسلخ من واقعة و التزم و يلتزم برسالتة العادلة من أجل أن ترتقي المحاكم العراقية الى مستوى تروق بالانسان.
أن عدم اصدار الحكم بصدام حسين هو ليس بسبب القاضي رزكار، بل أنها بسبب عدم قدرة الدفاع العام على جمع الادلة الدامغة ضد صدام حسين كي يوقع به. اذن فالخلل هو ليس عند القاضي رزكار بل عند الاطراف التي تريد كشف جرائم صدام. هذه من ناحية، من ناحية أخرى كيف سيرضى العراقيون بأن يعدم صدام من دون أن يحاكم على جميع الجرائم التي قام بها. هل أن حادثة الدجيل هي الوحيدة التي اقترفها صدام؟ أم أن هناك العشرات من الجرائم التي تنتظرة و كلها تؤدي الى الاعدام، مع أنني من المعادين لعقوبة الاعدام بشكل عام و ليس بصدام حصرا.
أن العدالة في العراق سوف لن تستتب الا باستلام حكام و قضاة كالقاضي رزكار للمحاكم في العراق، فيها تحترم حقوق المجرمين و الابرياء على حد سواء. هذا هو العراق الذي يريدة الكثيرون و ليس العراق الذي يسحل فيها الانسان و يذبح على الطريقة الصدامية.
كلامي هذا لم يأتي أعتباطا بل أنها نتيجة ممارسة عملية و رؤية عملية و على الساحة العراقية. فمن أحدى اسباب مغادرة الكثيرين للعراق محاولات بعض اشخاص المعارضة تقليد النظام الصدامي و التحول الى نسخة طبق الاصل منه بفارق و احد هو تغيير الكراسي. فبعد أن كان صدام يعدم الناس و يدفنهم أحياء و يعذبهم في السجون، يحاول البعض تطبيق سياسية تعذيب الصداميين في السجون. بالنسبة لي المسألة لا تختلف كثيرا، لأن التنكيل و المحاكمات الصورية هي نفسها سواء كانت ضدي أم ضد عدوي. بماذا سأختلف عن صدام أن قلدته في كل شئ، في محاكماتة الصورية و تعذيبة و قتله و غدرة و حبه للفوضى.
الشئ الوحيد الذي عمله القاضي رزكار هو أنه يمارس عمله كأنسان بعيدا عن روح الانتقام و القتل و الذبح، وألا فانه الاخر ربما يتمنى شيئا أخر.
ترى ماهي الرساله التي يريد القاضي رزكار ايصالها الى العالم و الى العراقيين جيمعا؟ هل فهمها العراقيون؟ هل فهمها أهالي المقابر الجماعية؟ هل فهمها أهالي المؤنفلين و حلبجه؟؟ أم أن رأس صدام هو الذي سيحل جيمع المشاكل و يحول العراق الدكتاتوري الصدامي الى العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد؟؟
يقال أن الله لا يغيرفي قوم حتى يغير ما في أنفسهم... أن المطالبة بقل صدام من دون محاكمة، أو الطلب بالكف عن اجراءات المحاكمة و أعدامة كما يقول السيد عادل عبد المهدي رايس وزراء العراق المرتقب، تعني ماتعنية أن نفوس العراقيين لم تتغير أو على الاقل ان نفوس سياسيي العراق لم تتغير و بهذا سوف لن يحصل التغيير المرجو... فالعدالة لا تأتي ألا من اشخاص يؤمنون بالعدل لاعدائهم أولا و من ثم لأنفسهم. و الديمقراطية لا تأتي ألا في مجتمعات تؤمن بحقوق الغير و قول الحق قبل التحايل و الانانية. و الانتخابات العادلة سوف لن تأتي ألا في الوقت الذي لن يكون فيها العراقي مستعدا للتصويت مرتين و لو لحزبة و قوميتة.
قد تكون للقاضي رزكار أخطاء كاعظاء المجال لصدام و زبانيتة بالخروج عن الموضوع و التحدث في قضايا لا تصب في صلب الموضوع. فمحاكمة صدام هي ليست سياسية بحتة و هي ليست حول افكارة فقط بل هي حول افعال صدام و نظامة الاجرامي. و لكن المطالبة بتصيح هذه الاخطاء البسيطة شئ و أهانة القاضي رزكار و أتهامه بالضعف و عدم القدرة على السيطرة على مجريات المحاكمة شئ أخر. و لم يكتف البعض بهذا الحد بل بدأوا باتهام الكورد بالتهاون في محاكمة صدام و لولا قتل صدام للالاف من الكورد في حلبجة و الانفالات لربما كانوا أتهموا الكورد باشياء أخرى..
أن استقالة القاضي رزكار عن محاكمة صدام ستعني الكثير للعراق و ابسطها سيطرة صوت الذبح و الانتقام على صوت العقل و العدالة و تعني رجوع العراق الى دوامة المحاكمات الصورية التي لا يتاح فيها المجال لا للمجرم و لا للبرئ بالدفاع عن نفسه. فصدام في السجن و ابسط الاشياء هي أعدامة و لكن الاهم هو كشف جرائمة و الاستفادة من محاكمتة من أجل الارتقاء بالمحاكم العراقية الى مستوى طموح الانسان العراقي.
وقبل أن أختتم موضوعي هذا لا بد من أن أنوة الى مسالة مهمة و هي أن المحتمع الدولي و في مقدمتهم أوربا و أمريكا قد يحولون محاكمة صدام الى خارج العراق لو استقال القاضي رزكار وأتوا بقاضي أخر لا يوفر محاكمة عادلة لازلام النظام و بالتالي ستدخله في السجون الاوربية التي تعتبر فنادق مقانة بالسجون الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #