الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراوغة التركية بين أستانة ومعركة الباب

زياد عبد الفتاح الاسدي

2017 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ دخول القوات التركية الى جرابلس في اغسطس آب 2016 وتقدمها في الشمال السوري نحو مدينة الباب وما تخلل ذلك من معارك تحرير أحياء حلب الشرقية , دخلت الازمة السورية مرحلة جديدة من الحسم العسكري واختلال موازين القوى بقوة لصالح الجيش السوري وحلفائه, وانتقال الازمة السورية بعد ذلك الى مرحلة جديدة من التفاهمات الروسية والايرانية مع الجانب التركي لوقف المعارك في كافة المناطق مع الجماعات المسلحة الغير مصنفة إرهابية من جهة , ومتابعة المواجهات العسكرية مع تنظيمات القاعدة من فصائل داعش وجبهة النصرة التي تم استثنائها من اتفاقية وقف القتال من جهة أخرى ....وهنا برزت الكثير من الشكوك والتساؤلات حول مدى جدية وفاعلية التفاهمات الروسية والايرانية مع القيادة التركية ومدى التزام الجانب التركي بهذه التفاهمات وبالحل السياسي للازمة السورية في إطار مفوضات استانة ومؤتمرات جنيف بما يضمن ليس فقط الوقف الكامل للمعارك مع الجماعت المُسلحة التي دُعيت لمفاوضات استانة , بل أيضاً وحدة الاراضي السورية وسيادة الدولة على هذه ألاراضي .......ويمكن تلخيص خلفية التفاهمات الجارية مع القيادة التركية والتحولات في الموقف التركي قبل وبعد مجيئ الادارة الامريكية الجديدة في اطار معارك الباب والمعركة المُقبلة لتحرير الرقة على النحو التالي :
1. الدخول التركي لاول مرة الى الاراضي السورية عبر جرابلس والتقدم نحو الباب, قد تم بموافقة روسية إيرانية وقبول ضمني (غير مُعلن) للدولة السورية .... بهدف تشتيت جهود الاتراك بعيداً عن مدينة حلب وأريافها الجنوبية والغربية ريثما يتم الانتهاء من معارك تحرير أحياء حلب الشرقية .... وكذلك توريط الجانب التركي عسكرياً بمستنقع المعارك الدائرة في الشمال السوري من خلال الاشتراط عليه بمحاربة داعش اضافة لصدامه الحتمي مع قوات سوريا الديمقراطية التي انسحبت حينها الى شرق الفرات .... فالتدخل التركي سيفاقم من أزمات القيادة التركية على الصعيد الامني والاقتصادي والسياحي والتوترات الداخلية والاقليمية ... حيث تكبد الاتراك خسائر عسكرية هائلة في الجنود والآليات في معارك مدينة الباب في مواجهة عناصر داعش المُدربة تدريباً عالياً والقادرة على تنفيذ عمليات إقتحام إنتحارية فعالة ضد الجيش التركي وقوات درع الفرات التي تُعتبر غير مُؤهلة بمفردها على مواجهة تنظيم داعش وهنا يظهر بوضوح فخ التورط العسكري التركي المُباشر في المستنقع السوري والذي لم ينتهي بعد .
2. تحدد الدخول التركي للاراضي السورية ومشاركته في محاربة تنظيم داعش ضمن احداثيات وحدود جغرافية وضعها الجانب الروسي للتدخل التركي ... حيث قام الروس في هذا الاطار بقصف وحدات الجيش التركي التي تجاوزت الاحداثيات الموضوعة لها في مدينة الباب .
3. استغل الروس بإتقان العداء الحاد بين الاتراك وقوات سورية الديمقراطية المدعومة من الولايات المُتحدة ... في الوقت الذي تصاعد فيه القلق التركي بشدة من استكمال قوات سوريا الديمقراطية لحصار مدينة الرقة تمهيداً لتحريرها من تنظيم داعش , لا سيما بعد تطعيم هذه القوات مؤخراً بعناصر إضافية مقاتلة من المكون العربي بقيادة أحمد الجربا وذلك بمبادة من الادارة الامريكية الجديدة . وهذا سيزيد بالتأكيد من التورط العسكري للجيش التركي وحماسته بالتوجه شرقاً لعبور الفرات نحو الرقة لمنع السيطرة الكردية على هذه المدينة والحيلولة دون تنفيذ المشروع الكردي في الادارة الذاتية للمناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات .
4. استطاع الروس (بالتوافق مع الجانبين السوري والايراني) من خلال السماح لتواجد الجيش التركي في بعض مناطق الشمال السوري, ليس فقط افساح المجال للتنسيق والتفاهمات مع الجانب التركي لوقف القتال وفصل المعارضة المُسلحة عن داعش وجبهة النصرة , بعد خسارته الفادحة ( أي الجانب التركي) في معارك تحرير حلب , بل أيضاً تعميق الخلافات بين الحليفين التركي والامريكي على أرضية التعامل الميداني مع قوات سوريا الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية التي تدعمها الولايات المُتحدة في اطار تشجيعها لتشكيل ادارة كردية في بعض مناطق شمال وشمال شرق سوريا لإضعاف النظام السوري وتقسيم سوريا الى دويلات ضعيفة ومتناحرة .
5. من الواضح أن الادارة الامريكية الجديدة بقيادة ترامب لم تقُدم على أي تقارب أو نتسيق مع الجانب الروسي لا في المسالة الاوكرانية ولا في محاربة داعش والارهاب ودعم الاستقرار في سوريا والتخلي عن سياسة اسقاط النظام , بل ساهمت هذه الادارة في المزيد من التوتر والتدخل المعادي في سوريا من خلال اعلانها عن انشاء مناطق آمنة من جهة , وزيادة تشجيعها لقوات سوريا الديمقراطية لتشكيل ادارة ذاتية منفصلة ودعمها لهذه القوات بأعداد اضافية مقاتلة من المكون العربي في هذه القوات بقيادة أحمد الجربا المعادي بشدة للنظام السوري والمعروف بعلاقاته الوثيقة مع المملكة آلسعودية .
6. يعلم كلا الجانبين الروسي والايراني (وبالطبع الجانب السوري) مع اخفاق مفاوضات استانة 2 بأنه لا يُمكن الوثوق أو المراهنة على استمرار الجانب التركي بتنفيذ تعهداته والتزاماته لحل الازمة السورية من خلال تفاهمات استانة ومؤتمرات جنيف , أوالتخلي عن اسقاط النظام السوري والمحاربة الجدية لجميع الفصائل الارهابية التي لم تلتزم بوقف القتال على الاراضي السورية . وقد أظهرت المراوغة التركية في استانة 2 , إمكانية الانقلاب التركي على التفاهمات مع روسيا وإيران , لا سيما مع ظهور مشجعات من إدارة ترامب لتركيا فيما يتعلق بإنشاء مناطق آمنة أو إمكانية احداث تغييرات جدية في السياسة الامريكية تقود الى تفاهمات جديدة مع السعودية والدول الخليجية لتصعيد المواجهات العسكرية ضد النظام السوري وحلفائه (والتي بدأت بالفعل في درعا ومُنيت بالفشل الذريع ) بما يُناسب الطموحات التركية التي أصيبت بخيبة أمل كبيرة مع انهيار الجماعات المُسلحة التابعة لها في احياء حلب الشرقية وسقوطها بالكامل بقبضة النظام السوري .
7. تدُل جميع المُؤشرات ولا سيما التي حدثت في الايام الاخيرة على أن الحل السياسي للازمة السورية من خلال تفاهمات استانة ومُؤتمرات جنيف قد لا يبدوا ممكناً في الافق المنظور في ظل الغموض وعدم الوضوح الذي يُغلف علاقة مختلف الاطراف الفاعلة في الازمة السورية وبروز إمكانية عودة الصراع المسلح على نطاق واسع الى مختلف مناطق الجغرافية السورية رغم اختلال موازين القوى العسكرية بشدة لصالح النظام السوري وحلفائه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر