الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو جبهة ديمقراطية موحدة في الانتخابات البلدية القادمة‎

محمد محسن عامر

2017 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تونس و مصر برهنا أن ريح الشرق أزاحت كبرياء الغرب, فلنكن تلاميذ هذه الحركات الثورية و ليس أساتذتها الأغبياء".. كانت هذه الكلمات الصادرة من مفكر كبير كألان باديو تأكيدا على أن الشرق يخرج بعنف من لحظة ما قبل السياسة ليمارس نقدا "جماهيريا" لحداثة التأخر و نخبتها التي عجزت على تجاوز الاستبداد و تطرح مشروعا جديدا للتغير. لقد أثبتت الثورة التونسية رغم إخفاقاتها أن النضال الجماهيري العفوي كان بالعمق الذي فاق بل و قبر كل مدونة سياسية سابقا ل17-14 جانفي , بالتالي انفتحت البلاد من جديد على وعي نقدي شديد الإلزام و الجذرية في مواجهة تقلبات الراهن . إرادة التغير التي تحولت إلى دافع أخلاقي للتحرر تعاني في هذه اللحظات من عمر الانتقال الديمقراطي أسوء لحظاتها , إذا أن الفعل المنتفض الذي حمل معه مشروع الحرية بكل مضامينه السياسية و الاجتماعية حرف عن مساره لعدة اعتبارات ذاتية و موضوعية ليخيم أخيرا منط التوافق الهش بين المهيمنين من اجل ترتيب وضع سياسي راهن هو نفسه الوضع السابق . داخل هذا المنطق المختل أصبح وضع المقاومات ضعيفا بل و متماهيا في جانب منه مع الواقع السائد . الرصيد الوحيد الهش و المكتسب هو التداول السلمي على السلطة هو ذاته أصبح محل تشكيك نظرا لأن قواعد اللعبة أصبحت تصاغ بقوانين أساسها تمثيل ديمقراطي ليبرالي تصنع ذخائره داخل لوبيات المال المحدد الوحيد لكل البنية السياسية الراهنة . آخر المعارك التي نحن نستعد لخوضها كقوى سياسية ديمقراطية داخل هذا المناخ الهشّ هي الانتخابات البلدية, بالتالي لنفكر في الحلول المتاحة.
كانت مصادقة مجلس نواب الشعب على تنقيح و إتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات البلدية و الاستفتاء البداية الفعلية للمسار الانتخابي بمعناه السياسي. إذ أن المصادقة على القانون الأخير يقول أن الانتخابات لم يبقى على إنجازها حسابيا سوى أشهر قليلة سيكون أقصى تقدير لها شهر نوفمبر القادم في 350 دائرة بلدية ب 7176 نائبا بلديا و التي ستفرز المجالس الجهوية ال24 و نوابها ال1160. هذا القانون الذي تأخر أشهرا بعد اتهام حركة النهضة و نداء تونس بتعطيله لأساب سياسية و النقاش الدائر حول تشريك قوى الأمن الداخلي و الجيش في العملية الانتخابية التي يرى الكثيرون أنها لغم زرع داخل المجال السياسي تونسي و المنذر بتحول حملة السلاح من جهاز إداري محايد إلى لاعب سياسي حقيقي و تشكيك جمعية القضاة في قدرة المحكمة الإدارية على البت في المنازعات التي قد تحصل في العملية الانتخابية.
يجب الإقرار في العموم أن الممارسة السياسية في ميكانيزماتها و رهاناتها السياسية و سوسيولوجيا الفعل الانتخابي تختلف تمام الاختلاف عن الممارسة السياسية الديمقراطية الليبرالية في بلدان الرأسمالية المتقدمة , فقط يكفي إلقاء نظرة بسيطة على انتخابات المناطق الفرنسية في 2015 التي تتشكل الاقتصادي و السياسي أساسا لسجالاتها للاحظنا الاختلافات الجوهرية في الميكانيزمات السياسية التي على ضوئها تبنى الرؤى الانتخابية و ميول الناخبين .
إلى الآن مازالت التصريحات السياسية ضبابية تحاول تلمس الخارطة بهدوء , إذ لم يظهر بعد موقف الفاعلين السياسيين هل سيمرون نحو الانتخابات فرادى أو في إطار تحالفات عدى تصريحات زياد لخضر الذي لم يستبعد المشاركة في الانتخابات ضمن قوائم تضم أحزابا سياسية و منظمات المجتمع المدني و التصريح الذي من غير المنطقي التركيز على سياسيته الذي قاله ابن الرئيس عن أن حركة نداء تونس أو ما تبقى منها ستخوض الانتخابات البلدية منفردة . في الإجمال أن المشهد السياسي غير المتزن و الذي مازال يعاني صداع ما بعد الانتقالية مازال يحاول تلمس اللحظة الزئبقية شديدة الالتصاق باليومي و عديمة الثبات.
المعركة الانتخابية في البلديات تختلف جوهريا من ناحية تكتيكات المعركة و قوانينها و صياغة تحالفاتها. إذ أن الرئاسية و التشريعية تنطلق من المركزي السياسي نحو المحلي الاجتماعي بحزبية شديدة التكثيف يكون للقصف الإعلامي ووسائل الدعاية السياسية اليد الطولي في تحجيم مرشح و الدعاية لمرشح أخر. في حين أن الانتخابات البلدية هي العكس. إذا أن العلاقات الأفقية شديدة المحلية (التي تسمى الضغوطات غير الاقتصادية)هي صاحبة الكلمة الفصل في تحديد. بمعنى روابط الدم و كل العلاقات الوظيفية الأفقية غير السياسية هي التي تكون المعطى الحاسم في الانتخابات. قد يرد على الرأي بأن الانتخابات التشريعية مثلا خضعت في جانب كبير منها إلى هذه العلاقات. هذا صحيح و لكن السياسي الحزبي ضل دائما هو المحدد و المشكل للخارطة النفوذ. بالتالي فصناعة "الرأي العام الانتخابي المحلي" إن جاز التعبير يحتاج إلى آليات أخرى في ترتيب القوى الفاعلة فيه.
طبيعة القانون الانتخابي في نهاية المطاف تصب ضرورة في مصلحة الأحزاب الكبرى و أساسا حركة النهضة غذ أن القانون الذي يؤكد على المناصفة و التصويت على القوائم المغلقة , سيمنح الأغلبية المطلقة من مقاعد المجالس البلدية للأحزاب الكبرى مع منح بقية المقاعد للأحزاب المحرزة على ثلاثة بالمائة حسب قانون النسبية . هذا أليا سيجعل الأحزاب الكبرى تهيمن على التمثيل البلدي شديد الحساسية و هو ما يعتبر خرقا جديدا للتوازن السياسي في البلاد المنخور أصلا بهيمنة التوافقات و حمى الانشقاقات . يجب أن نقول بوضوح أن سيطرة الأحزاب الكبرى و منها حركة النهضة على البلدية مؤذن بهيمنة متغولة على المشهد السياسي المنهك و ستكون استتباعاته السياسية أقصى مما يمكن أن يتحمله المشهد السياسي الهزيل.
عبر الاكتفاء بالملاحظة العيانية فقط للقوى السياسية الموجودة في الساحة التونسية سنجزم أن أيا من الأحزاب الديمقراطية بما فيها الجبهة الشعبية قادر على تغطية ديمغرافيا الدوائر الانتخابية منفردة . ثانيا, لا تملك أي قوة سياسية ديمقراطية منفردة القدرات الجماهيرية لمواجهة انتخابية في مواجهة حركة النهضة منفردة فما بالك لو فرض التوافق السياسي بين حركة النهضة و نداء في الحكم توافقا انتخابيا توظف فيه حركة النهضة وزنها الشعبي الكبير و ماكينة النظام القديم لحركة نداء تونس المتمثلة في هياكل التجمع المحلية و الجهوية التي و إن تم حلها قانونيا مازالت تعبر عن تحشيد اجتماعي مصلحي في المحليات كونته سنوات طويلة من المحسوبية و الترابية الاقتصادية و الاجتماعية.
الخيار السياسي الوحيد أمام معركة تصاغ قوانينها على قاعدة المال و لوبيات الإعلام المتخندقة , لا خيار ممكن في الانتخابات البلدية سوى ائتلاف انتخابي ديمقراطي يتكون على قاعدة نقاط سياسية و اجتماعية محددة هو الحل الوحيد الممكن لخلق توازن سياسي في مواجهة هيمنة حركة النهضة .المعركة على الأبواب المهام السياسية الملحة مائعة تحت ضغط اليومي ..لذا وجب فتح نقاش من الآن من اجل أرضية ديمقراطية مشتركة قادرة على خلق جبهة انتخابية موحدة في الانتخابات البلدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق نواب عن الحلبوسي يحرمه صفة الأغلبية العددية السنية دا


.. أصوات من غزة | مستشفيات غزة تعاني نقصا حادا في وحدات الدم




.. مراسل الجزيرة يرصد تفاصيل حياكة كسوة الكعبة بمجمع الملك عبد


.. فوضى خلال جلسة البرلمان الإيطالي وإصابة نائب بعد اشتباك بالأ




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد آخر تطورات حراك ذوي المحتجزين الإسرائ