الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنسنة في مسرح الطفل

غاده عبد الستار عواد

2017 / 2 / 18
الادب والفن


الأنسنة في مسرح الطفل

مصطلح حديث يتناقل بين الكتاب بمختلف الاختصاصات اللسانية و النقدية والادبية ، وفي كل هذه المجالات العلمية يمكن تعريف وارجاع هذا المصطلح الى المفهوم اللغوي ،وإعتبار ان كلمة إنسنة راجعى الى : أنسنَ يُؤَنْسِن ، أَنْسَنةً ، فهو مُؤَنسِن ، والمفعول مُؤنسَن :- أنسنَ الإنسانَ ارتقى بعقله فَهَذَّبه وثَقَّفه ، أو عامله كإنسانٍ له عقل يميّزه عن بقيّة المخلوقات :- لابد من تثقيف المواطن وأنسنته للرقي بهذا المجتمع النامي . أنسن الحيوانَ : شبَّهَه بالإنسان .

احتل هذا المصطلح مكانة كبيرة في ادب الاطفال ،وبشكل خاص القصص والحكايات و التلفزيون و المسرح من خلال عرض الشخصيات المؤنسنة ،وللغوص اكثر في هذا الموضوع لابد من ايجاد تعريف مناسب للانسنة وخاص بمسرح الطفل ، حيث عرف على انه مصطلح غربي ( Humanization ) ترجمة الى العربية الى كلمة ( الانسنة ) أي انها توحد العالم أمام الاطفال ،وممكن ان يكون الحيوان إنساناً ،وكذلك النبات والجماد ،ويتحدث عن مشاكله ويريد حلاً لها كما الإنسان . وبالتالي فان الانسنة تسهم في معالجة موضوعات خاصة بمسرح الطفل عن طريق إضفاء صفات الإنسان على الحيوان ،فتنسب اليها الغرائز النبيلة النافعة ،في حين تنسب العدوانية الى بعض من الحيوانات كالعقارب والأفاعي والنمور . ويمكن ايجاد تعرف مُلم كصيغة مستخدمة في شخصيات مسرح الطفل ليكون تعريف الأنسنة هي : عملية توحيد الكائنات الحية الحيوانية والنباتية وغير الحية بواسطة إضفاء صفات الإنسان عليها ،وجعها تتكلم عن فرحها وحزنها وإظهار مشاعرها امام المتلقي ( الطفل ) بإسلوب مدهش وممتع ومفيد .

بدأ الاهتمام بالشخصية منذ عصور قديمة بعد ان لاحظ الانسان هناك اختلافات واضحة في أنماط السلوك الانساني ،فكل صفة تميز الشخص من غيره من الناس وتؤلف جانباً من شخصيتهِ فذكاؤه و قدراته الخاصة وثقافته وعاداتهِ ونوع تفكيرهِ وآراءه ومعتقداتهِ وفكرته عن نفسهِ من مقومات شخصيته ِ وكذلك مزاجهِ ومدى ثباتهُ الانفعالي ومستوى طموحه وما يحمله في اعماق نفسه من مخاوف ورغبات ،ويتسم بصفات اجتماعية وخلقية كالتعاون والتسامح والسيطرة ،هذا كله وما يتسم به من صفات جسمية ايضاً كالقوة والجمال ورشاقة الحركات وحده الحواس . وبذلك يمكن القول ان الشخصية الانسانية الطبيعية هي خليط مابين ابعاد بايولوجية و اجتماعية ثقافية واخيرا البعد الذاتي النفسي .
اما الشخصية الدرامية فقد حدد ارسطو خصائص تابعة لها وهي اربعة امور :
1- الصلاحية الدرايمة وتطبع الشخصية اذ ماافصح الكلام او الفعل او التاثير .
2- ملائمة وصدق النمط كأن يكون لديها نوع من الشجاعة والبطولة او المهارة في الكلام
3- ثبات الشخصية او اتساقها مع ذاتها طوال المسرحية .

الشخصية هي عنصر اساسي لايجوز النقاش عليه من العناصر المكونة للمسرحية وهي طرف اساسي في بناء العلاقات الثلاثية ( الشخصيةاو نمطها - الممثل - المتفرج ) ، وان التمثيل على خشبة مسرح الطفل يسهم في علاج بعض الظواهر النفسية للاطفال مثل الخجل والانطواء وعيوب النطق لذلك يعد مسرح الطفل من اهم السبل للوصول الى عقل الطفل ووجدانه وتحقيق اهداف تربوية وتثقيفية ووجدانية . فالطفل غالباً ما ينجذب الى الشخصيات المختلفة او الغريبة المتحدثة ، فكثرا مانجده يتحدث الى دميته الصغيرة سواء كانت ادمية او حيوانية او نباتية او جامدة ، ويصنعون لها الملابس ويلعبون معها ويجعلوها جزء من حياتهم . وهذه مرحلة يمر فيها جميع الاطفال فجاء الاهتمام بمفهوم الانسنة وما يحققه من اهداف على خشبة مسرح الطفل من خلال جعل الشخصيات المؤنسنة تحمل السلوك الواقعي بمعنى ( السلوك الانساني ) ، فهي تتكلم وتأكل وتلبس مثل بني البشر وتهتم بصغارها وتلعب معهم وتساهم في تدريبهم على مهمات الحياة .

يميل الاطفال لكل المراحل العمرية تقريباً الى الشخصية المؤنسنة لتمتعها بدلالات وصفات استعارتها من الشخصية الانسانية الطبيعية ، فمثلا الشخصية الحيوانية لها تأثير مباشر على المسرح وخصوصاً اذا كانت هي الشخصية البطلة ويمكن ارجاع هذا الى اصل العلاقة بين الانسان والحيوان للعقائد القديمة التي تقول ان الحيوان اعقل من الانسان واكثر حكمة وكانت بعض الجماعات البدائية القديمة تعتقد ان اكل الحية سوف يمنح القدرة على معرفة المستقبل ، وتصور الناس قديماً ان الحيوانات ومنها الطيور تتمتع بقوة خارقة بسبب مايتاح لها من الفرص التي تكشف بها المجهول وتكشف الاسرار والانتقال الى اماكن يصعب الانسان بلوغها .

لذلك فالمؤلف المسرحي عندما يضع شخصية مؤنسنة لاسيما في مجال مسرح الطفل عليه ان يكون عارفاً بصفات ذلك المؤنسن الذي يرسمه ضمن نص معين ، فان المعرفة سوف تتيح له معرفة اكثر قد لا يدركها ومن ثم النجاح ، وتمنحه القدرة على ان يأتي باعمال تتجاوز الطاقة المعقولة عند سواه فمثلا شخصية الاسد من صفاتها القوة والسيطرة على الاخرين ،أما شخصية النملة فصفاتها الصبر والعمل والمثابرة ، اما شخصية الشجرة كريمة كثيرة النصيحة . فهذه الطريقة التي يتبعها المؤلف والكاتب المسرحي تدعى ( الانسنة ) التي جعلت من الحيوانات والنباتات والجماد بشراً في السلوك والفعل وفي النطق وزجت بهم الحياة اليومية للانسان بإسلوب ابداعي فجاءت لمنفعة الطفل بإثارة خياله ودهشته وتعليمه في الوقت ذاته ومن الممكن ضمن عالم الطفل لتزيد من المتعة والترفيه .

ولابد الاشارة اخيرا ان الانسنة وفكرتها لاتصلح لكل الشخصيات وخصوصا جانب مسرح الطفل لكونه يحمل اهدافا تربوية وقيم ارشادية ، فاختيار الشخصية المؤنسنة تتم وفق قواعد ملائمة تجعل منها شخصية تحمل صفات انسانية ،فليس كل حيوان او نبات يمتلك هذه الصفات وهذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمضمون النص المسرحي ،فمثلا شخصية القطة لايجوز ان يكون دورها عن النظافة والطاعة لان الصفة الغالبة عليها هي العبث ومن الممكن ان تجسد دور كيف تتعلم القطة النظافة او الطاعة او النظام . هذا يساعدها ان تكون اكثر واقعية تاخذ الطفل الى التفكير السليم والتعليم والاستمتاع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب