الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحبالصة أسرة واحدة بدون عائلات

محمود الفرعوني

2017 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لما سئل تشارلز ديكنز في روايته "ديفيد كوبرفيلد‘: هل أخوك رجل مرن يا بيجوتى؟’ كنت أتساءل بحذر. فتعجب بيجوتي قائلاً ‘ما هو الرجل المرن!’ لو سئلت نفسك وأصدقائك ومعارفك ستفاجأ أن اغلب إجاباتكم ستكون مثل إجابة بيجوتي. لان الناس كانت في سبات عميق أو سجن يشعرون فيه بالأمان لأكثر من 60 عاما وجاءت ثورة يناير أخرجتهم من السجن ليتوهوا في صحراء لا يعرفون نهايتها فخرج كل المكبوت من صراعات وأحقاد للنور. صحيح أن هذا يمكن أن يحدث بعد سقوط أي نظام ديكتاتوري خاصة في مجتمع حرم من الليبرالية؛ لكن من غير الطبيعي أن يتحول هذا كله للمستوى الإنساني الاجتماعي في حضارة فجر الضمير الإنساني. والمرونة التي اقصدها ليس معناها انك تتخلى عن أفكارك ولكن أن تقبل الأخر كما هو وتفصل ما بين اتجاهك الفكري وعلاقاتك الاجتماعية. المرونة ومحبة الناس ليست بضعف فالضعف الحقيقي انك تتعامل مع الآخرين بعنف ولا تناقش الأفكار وتكيل الاتهامات لمن يختلف معك.
فبعد ثورة يناير للأسف انتشر السلاح بكميات هائلة خاصة في الصعيد وارتفعت وتيرة التعصب القبلي العائلي؛ هذه القبلية التي لم تكن يوما من سمات الشخصية المصرية؛ فكرة القبيلة أو ما يسمى بالعائلة فكرة بدوية عربية فالعربي يعرف نفسه بأنه من قبيلة فلان أما المصري فيقول أنه من بلد كذا وهذا فرق ثقافات. فكرة العائلة في الصعيد التي حلت علينا من العرب فكرة شريرة تجعل الانتماء للعائلة يفوق الانتماء للوطن وعلاقة الدم اقرب من علاقات الصداقة والمحبة ويحل قانون الغاب والجلسات العرفية بدلا من قانون الدولة (حتى عند عقد الجلسات العرفية يأتون بالمجرمين القدامى ويقفون مع الجاني ويلومون الضحية إذا كان الجاني من عائلة ذات نفوز) فالقبلية سبب معظم مشاكل الصعيد بداية من خلق مجتمع مغلق طائفي قبلي بكل ما يصاحب ذلك من أمراض اجتماعية خطيرة منها الثأر والتسابق في شراء الأسلحة بعقلية قبلية مقيتة مما يولد الكراهية بين الناس.
بحلم باليوم الذي تنتهي فيه هذه الفكرة الشريرة وتتحول أموال شراء الأسلحة لبناء المصانع والشركات والعمل الخيري فتزرف ايزيس دمعها فرحا بدلا من الدم؛ دعونا نحلم فالحلم ليس بجريمة؛ دعونا نشعل شمعة الحب وسط ظلام القبلية المقيت؛ دعونا نكسر حاجز الخوف ونتجاوز ثوابت القبلية المخيف.
ولا أخفيكم سرا أنني أعيش في قرية يسودها علاقات المودة والمحبة؛ قرية الحبالصة؛ تلك القرية التي تبدأ حروفها بكلمة الحب التي تربط بين جميع أهالي القرية فكم اعشق هذه القرية المصرية العظيمة؛ عظمة الحبالصة في تنوعها فيوجد بها جميع الاتجاهات الفكرية وتجد بها المساجد والكنيسة وكلمة السر هو الحب الذي يسود بين جميع أهالي القرية التي يبلغ تعدادها 15 ألف نسمة..الحبالصة نموذج مصغر فريد لأحفاد الفراعنة العظماء أصحاب أول وأعظم حضارة في تاريخ البشرية أحفاد مينا واحمس واموحتب وسقنن رع...لذلك بحلم باليوم الذي يستدعي فيه أهلنا مخزونهم الحضاري وتنتهي فكرة العائلات لتصبح "الحبالصة أسرة واحدة بدون عائلات".
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زى الداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلاقينى جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
على اسم الحبالصة مع الاعتذار لعمي صلاح جاهين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟